لبنان
24 كانون الأول 2019, 12:15

المطران درويش: علينا أن نعود للميلاد ونتضامن معًا

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش قدّاس الميلاد في مستشفى تل شيحا، بحضور الإدارة، الموظّفين، والأطبّاء و الممرّضين والممرّضات.

وبعد الإنجيل المقدس ألقى درويش عظة قال فيها:
"في قلب ظلام اللّيل والظّلمة الّتي نعيشها في لبنان، يولد المخلّص الإلهيّ ويشرق رجاء جديد لنا، ويُسمعنا ملاك الرّبّ ما قاله للرّعاة الفقراء السّاهرين على قطعانهم في نواحي بيت لحم: "أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشّعب كلّه: ولد لكم اليوم مخلّص، هو المسيح الرّبّ" ( لو 2/10-11).
قدّم الملاك المرسل من الله للعالم نشيدًا للسّلام. وركّز على أنّ السلّام على الأرض مرتبط بمجد الله في السّماء: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام..." لذلك صار الميلاد بشرى خلاص للإنسان، ونورًا يضيء ظلمة حياتنا وسلامًا لقلوبنا. يبدّد المسيح الظّلمة والقلق والكآبة بقربه منّا، بكلامه... ويدعونا لنبدّد بدورنا صعوبات الحياة بقوّته وبنعمته.
الظّلمات كثيرة: الفقر، الجهل، المرض، الحرمان، الكراهيّة، الانقسامات، المصاعب الرّوحيّة، الأنانيّة، الفساد، الطّمع وغيرها.
مع وجوده في المغارة تتحقّق نبؤة أشعيا: "الشّعب السّالك في الظّلمة أبصر نورًا عظيمًا، والمقيمون في عتمة الظّلام أشرق عليهم نور" ( أش 9/1).
إنّ الظّروف الّتي نعيشها في هذه الأيّام، والّتي حرّكت شباب لبنان وجعلتهم يتخطّون حاجز الخوف، فتهافتوا إلى الشّوارع يطالبون بمعيشة لائقة، تحتّم علينا أن ننظر إلى هذه الأحداث من خلال حدث التّجسّد، فمعاناة النّاس دعوة لنا لنعيد التّفكير والتّأمّل بهذا السّرّ العظيم، لأنّ الآلام الّتي نشعر بها، واليأس الّذي يتولّد فينا والخوف والقلق على مستقبلنا ومستقبل أولادنا وكلّ ما نعانيه في حياتنا اليوميّة، تحمل في عمقها وفي جوهرها الرّجاء بالخلاص.
لكي نخرج من الأزمة الّتي نعيشها ومن ظلمات الفقر والفساد والتّظاهرات ومن ظلمات الاعتداء على بعضنا البعض وبخاصّة من ظلمات الطّائفيّة الموجودة في أعماقنا، علينا أن نعود للميلاد ونتضامن معًا، الفقير والغنيّ، القويّ والضّعيف، المسؤول مع المواطن، ونعزّز الثّقة بين بعضنا كضمانة لنعيش معًا بسلام.
من هذا المنطلق نقول إنّ الميلاد هو عيد الفرح العظيم. فالطّفل الجديد، يسوع المسيح، هو بشرى الفرح العظيم، ففي وسط ظلمتنا وفي وسط التّظاهرات الّتي تشهدها بلادنا، يولد المخلّص، ليشرق مجده نورًا لنا: "أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشّعب كلّه: ولد لكم اليوم مخلّص هو المسيح الرّبّ" (لو 2/10-11)، يولد ليبشّرنا بالخلاص، ليمنحنا السّلام. فمعه وحده تبدأ دومًا الأزمنة الجديدة، لأنّ حدث الميلاد يتجدّد الآن كما كان يتجدّد في كلّ زمن.
وفي خضمّ هذه المشاكل والأزمات، يأتي يسوع إلينا ويقول لنا بثقة: "لا تخافوا". لقد استشعر خوفنا وقلقنا، فمنحنا سلامه وأكّد لنا أنّه معنا، يرافقنا في طريق حياتنا، فمهما كثرت العواصف وقاربت السّفينة أن تغرق، يظهر لنا إذا ما ناديناه، فيأمر الرّياح أن تستكين والعواصف أن تهدأ. هذا هو الميلاد الحقيقيّ أن نعرف أنّ يسوع النّازل من السّماء، أتى ليمنحنا الرّجاء وليثبتنا في معترك حياتنا وليؤكّد لنا بأنّه باقٍ معنا "كلّ الأيّام حتّى انقضاء الدّهر.
وتل شيحا هي المكان الآمن للنّاس، لأنّنا نقدّم لهم الطّمأنينة والرّاحة والسّلام، عبر خدمتنا لهم. المستشفى هي المكان الّذي يولد فيه المسيح يوميًّا، يولد في كلّ غرفة، في الطّوارئ في غرف العمليّات وفي مكاتب الإدارة والدّخول وفي مكاتب الأطبّاء، يولد ليعطي الحياة والأمل والرّجاء. المستشفى هي تعبير عن مجّانيّة الله، صحيح أنّكم موظّفون لكنّكم تقدّمون حبّكم بمجّانيّة، وتعلنون بذلك إنجيل الخلاص، إنجيل الغفران والمصالحة. كلّ من يعمل في المستشفى يردّد اليوم أنشودة المجد والسّلام والفرح.
إنّنا نعتبر كلّ من يعمل في تلّ شيحا هو ملاك مرسل من عند الرّبّ، ليخفّف من آلام النّاس. فليبارك طفل المغارة جميع الّذين يدعمون جهودنا لتبقى تلّ شيحا أمّ المستشفيات وخادمة المحبّة في مجتمعنا ."