لبنان
10 أيار 2018, 11:39

المطران درويش: بصعوده لم يتركنا الرّبّ يتامى

أحيا معهد يسوع الملك في زحلة التّابع للرّاهبات الباسيليّات الشّويريّات، عيد الصّعود الإلهيّ وعيد المعهد، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش في كنيسة المعهد، عاونه فيه النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم والأب الياس ابراهيم، وخدمته جوقة من طلّاب المعهد.

 

بعد الإنجيل هنّأ المطران درويش الحاضرين بالعيد فقال:" أتوجّه بالمعايدة القلبيّة إلى كلّ الّذين يحتفلون بعيد الصّعود الإلهيّ، وخاصّة إدارة معهد يسوع الملك. قبل التّطرّق إلى المعنى الرّوحيّ لعيد الصّعود، أحبّ أن أنوّه بثلاثة أمور حدثت في زحلة:
أوّلاً: زحلة هي مدينة المسكونيّة، نعيش بنعمة الله هذا الحيّ الموجود بين كلّ الكنائس المسيحيّة، وهذه رسالة منّا ومن زحلة إلى كلّ الكنائس في لبنان وإلى كلّ الطّوائف، رسالة إلى كلّ العالم، بأنّه صحيح نسعى إلى الوحدة ولكنّنا نعيش الوحدة بين الكنائس.
ثانيًا: زحلة هي مدينة الحوار أيضًا، الحوار المسيحيّ- الإسلاميّ، مدينة الانفتاح على كلّ الطّوائف اللّبنانيّة، وهذه رسالة نفتخر بها، نعيشها بكلّ أبعادها ومن هنا نقول إنّ لبنان هو وطن الرّسالة. في الوقت نفسه أنوّه بعمل راهبات يسوع الملك وكلّ الرّاهبات في زحلة، ما يقمن به في مدارسهنّ هو مميّز، بإعطاء ليس فقط التّعليم المميّز ولكن التّربية المميّزة. وأنا أمامكم اليوم أكرّر حقًّا من حقوق الطّفل والأولاد. لكلّ ولد الحقّ أن يختار المدرسة الّتي يريد، مدرسة خاصّة أمّ رسميّة أو أيّ مدرسة أخرى، لكن الولد أيضًا له حقوق عند الدّولة بأن تدفع له مقابل علمه، وأن يكون التّعليم مجانيًّا سواء في المدارس الحكوميّة او في المدارس الخاصّة، وهذا حقّ عالميّ من حقوق الأولاد. لذلك أنا اليوم أناشد من جديد الدّولة أن تهتمّ بهذا الموضوع، ولا حلّ للمدارس إلّا عندما تأخذ الدّولة مسؤوليّتها كاملة.

أمّا الحدث الثّالث الّذي شهدناه في زحلة ولبنان هو الانتخابات النّيابيّة. نشكر الله أنّ الانتخابات، رغم بعض الأمور الّتي تحصل في كلّ مكان، جرت في جوّ من التّآخي والمحبّة رغم الصّعوبات. وأنا باسمكم جميعًا وباسم زحلة أهنّئ كلّ النّوّاب الجدد الّذين اختارتهم إرادة الشّعب. نحن كإكليروس نضع أيدينا بأيديهم للعمل لمصلحة المدينة والمنطقة. من هنا نطلق نداء وتهنئة إلى كلّ الّذين وضعهم الرّبّ في السّلطة الجديدة، في البرلمان الجديد لنعمل سويًّا من أجل خدمة زحلة والبقاع.
في عيد الصّعود رتّلنا لآخر مرّة هذه السّنة ترتيلة "المسيح قام" وودّعنا عيد الفصح ودخلنا في أعياد أخرى، أوّلها عيد الصّعود الإلهيّ. يسوع بعدما أدّى رسالته على الأرض عاد إلى السّماء حيث كان، وهذه العودة هي طبيعيّة بعدما أعطانا كلّ الحبّ وأعطانا كلّ الأسرار، أعطانا ذاته، رجع إلى السّماء. وهنا معنى العيد، هو إقرار منّا نحن البشر بأنّ يسوع المسيح لم يكن نبيًّا كباقي الأنبياء، إنّما هو ابن الله. النّبيّ تنتهي حياته على الأرض أمّا يسوع المسيح فلم ولن تنتهي حياته على الأرض، عاد إلى السّماء ووعدنا بالمجيء الثّاني، والمجيء الثّاني هو كلّ ساعة وكلّ دقيقة يكون المسيح موجودًا معنا.
في عيد الصّعود نعلم أيضًا أنّ الإنسان عاد إلى الله، لأنّ الإنسان هو ابن الله المتجسّد الّذي أخذ صورتنا وأخذ جسدنا وعاش معنا، هو الإنسان الّذي عاد إلى السّماء، وبارتفاعه رفع الإنسان إلى السّماء. وهنا المعنى العميق الّذي يقول فيه آباء الكنيسة إنّ المسيح نزل إلى الإنسان لكي يؤلّه الإنسان. بصعوده يسوع ألّهنا وأصبحنا شركاء الإله، شركاء الآب، شركاء الإبن وشركاء الرّوح القدس. لكن بعودته إلى السّماء لم يتركنا يتامى وهو الّذي قال "لن أترككم يتامى"، أعطانا ذاته وبقي معنا كلّ الوقت، وبعد صعوده أعطانا الرّوح القدس. ومع الرّوح القدس أعطانا الفرح، إذ نقول في الطّروباريّة "صعدت بمجد أيّها المسيح إلهنا وفرّحت تلاميذك"، عند مغادرة المسيح كان على التّلاميذ أن يحزنوا ولكن كيف فرحوا؟ فرحوا لأنّ المسيح وعدهم أن يكون معهم، شعروا بفرح رغم فقدانهم المعلّم، ونحن اليوم مدعوّون لنشعر بهذا الفرح".

وكان بعد القدّاس لقاء في صالون المعهد تبادل خلاله الجميع التّهاني بالعيدين.