المطران درويش: إذا أردت أن تكون مسيحيًّا فعليك أن تتخلّى عن الأمور الّتي تبعدك عن رؤية الله
وأضاف: "سعمنا ما قالَ الرَّبّ في إنجيل اليوم: "مَنْ أَرادَ أَنْ يَتبَعْني فليُنكِرْ نفسَهُ ويَحمِلْ صليبَهُ ويَتبَعني، لأَنَّ مَنْ أَرادَ أَنْ يُخلِّصَ نفسَهُ يُهلِكُها، ومَنْ أَهلَكَ نفسَهُ مِن أَجلي ومِنْ أَجلِ الإِنجيلِ فذاكَ يُخلِّصُها. فإنَّهُ ماذا يَنفَعُ الإِنسانَ لو رَبِحَ العالَمَ كلَّهُ وخَسِرَ نفسَهُ؟
كلام يصعب فهمُه وتطبيقه في هذه الأيّام يبدو لكثيرين أنّه غير واقعيّ، لكن إذا أردت أن تكون مسيحيًّا فعليك أن تتخلّى عن الأمور الّتي تبعدك عن رؤية الله. عليك أن تكون نقيًّا لتستحقّ الدّخول في فصح المسيح، إذا كنت نقيًّا وتتمتّع بقلب طاهر لا يفصلك أحدٌ عن المسيح. إذا كنت بلا خطيئة لا شيء يبعدك عن الله وعن كلمة الله ووصايا الله. لذلك تطلب منك الكنيسة أن تصوم وتمتنع عن الطّعام وتصلّي وتبتهل وتجاهد وتميتَ فيك كلَّ ما يبعدك عن المسيح وعن كلِّ ما يسيئُ إلى أخيك الإنسان، فذلك كلُّه يجعلك نقيًّا فاتّباع يسوع يحُتّمُ عليك أن تحملَ الصّليب لأنّك بالصّليب تتقوّى.
ليس من السّهل أن نحيا حياة يسوع وليس من السّهل أن نحمل صليب يسوع، ولكن إذا أردنا أن نكون مع يسوع علينا أن نغرس الصّليب في حياتنا اليوميّة: "من أراد أن يتبعني فليزهَدْ في نفسه ويحملْ صليبه كلَّ يومٍ ويتبعني" (لوقا9/23).
حتّى نحمل صليبنا لا يكفي أن نضعه في عنقنا أو في بيتنا. حمل الصّليب كما يريد يسوع هو في طريقة حياتنا. في أن نقبل بأنّ الصّليب يصير جزءًا من حياتنا اليوميّة. فالتّضحية أو الإماتة تعني أن نترك ونتخلّى عن شيء ثمين عندنا.
الرّسول بولس أكثر من تحدّثَ عن الصّليب! لماذا؟ لأنّ القائم من بين الأموات هو المسيح المصلوب ولأنّه يجد فيه قوّة الله، قوّة المحبّة اللّامتناهية. الشّرط الوحيد الّذي يطلبه بولس من الّذين يتجاوبون مع دعوته هو أن يقبلوا ويؤمنوا بأنّ الله الّذي تجسّد، من أحشاء امرأة هي العذراء مريم، صُلبَ وقامَ من بين الأموات. هذا لم يفهمه كثيرون من الّذين عاصروا القدّيس بولس، وكثيرون أيضًا يعيشون اليوم في عصرنا لم يفهموا بعد أنّ المحبّة المجانيّة يجب أن تصعد على الصّليب لتخلّص العالم وأنّ: "ما هوَ جهالةٌ عندَ اللهِ أحكمُ من الناس، وما هوَ ضُعفٌ عندَ الله أقوى من النّاس" (1كور1/25).
المسيح مات على الصّليب عن الجميع وبموته صالحنا معه واشترانا "بدم كريم" (1كور6/20) وأعطانا القدرة لنتغلّب على الموت وقدّم لنا السّلام الحقيقيّ ولا أعني هنا سلام القلب إنّما السّلام الّذي ينتج عن حضور يسوع فينا وفي كلّ واحد من إخوتنا، عندما نستقبله يعطينا سلامه ويمكث معنا، لكن لا سلام من دون الصّليب ولا طمأنينة من دون أن نحمل في جسدنا "سمات الرّبّ يسوع" (غلا6/17)".
