لبنان
26 كانون الأول 2019, 15:00

المطران خيرالله في قدّاس الميلاد: يسوع يقول لنا اليوم لا تخافوا لأنّ لكم في السّماء أب فاطمئنّوا

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله قدّاس الميلاد عند منتصف اللّيل، في كاتدرائيّة مار إسطفان- البترون، وفي يوم الميلاد في كنيسة الكرسيّ الأسقفيّ في كفرحي، بحضور أهالي المنطقة، وألقى عظة قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":

"نحتفل هذه السّنة بعيد الميلاد بشكل خاصّ وفي ظلّ وضع استثنائيّ، ونعود لنتأمّل بميلاد يسوع المسيح ابن الله إنسانًا بيننا، وولادته هي رسالة لنا ولشعبنا ولكلّ البشر. يسوع ابن الله تنازل من ألوهيّته لكي يولد إنسانًا ولكي يولد طفلاً ولكن بطريقة مختلفة وغريبة.
ولد يسوع فقيرًا، حقيرًا، مهجّرًا داخل بلده وبين شعبه وليس له من يستقبله أو يهلّل معه بهذه الولادة. اليوم في ميلاد 2019، بعد 2019 سنة يسوع يولد في العالم، في أرضنا الّتي اختارها ليصير فيها إنسانًا، وها هو يولد مع كلّ عائلة فقيرة وكلّ عائلة محتاجة إلى محبّة وإلى مساعدة. يسوع ولد منبوذًا مهجّرًا من مكان إلى آخر هربًا من جور الظّالمين، ولكن يسوع، هذا الطّفل ولد بفرح كما بشّر به الملاك جبرائيل عندما قال للرّعاة والمجوس: لا تخافوا إنّي أبشّركم بفرح عظيم، ولد لنا مخلّص وهو المسيح. دعونا نتأمّل يسوع داخل المغارة ملفوفًا بالأقمطة ولكنّ يديه مفتوحتان وعيناه إلى فوق صوب السّماء. هذا يعني لنا الكثير وهو أنّ ابن الله الّذي هو الغنى بالمطلق يظهر لنا أنّ الله هو الآب الّذي يحبّنا حبًّا مطلقًا. يسوع الطّفل ابن الله يفتح يديه ليقول لنا إنّه آت ليغمر البشريّة بكاملها بمحبّة الله الّتي لا توصف، من أفقر إنسان إلى أغنى إنسان، من أضعف إنسان إلى أقوى إنسان، يغمر البشريّة ليعطيها رجاء جديدًا وعيناه يتطلّعان إلى السّماء ليقول لكلّ البشر: لكم في السّماء أب يسهر عليكم ولا تخافوا، إطمئنّوا ولا تهتمّوا بما تأكلون وما تلبسون وما تشربون، الله أبوكم الّذي في السّماء يعرف أنّكم تحتاجون إلى كلّ ذلك لكن اعملوا لتحقيق ملكوت الله.
يسوع الّذي يولد اليوم بيننا، يولد في عائلاتنا الّتي أصبح عدد الّذين يعيشون منها بالحاجة والفقر كبيرًا، عائلاتنا المحتاجة إلى محبّة واهتمام وقرب ومساندة، يسوع بين شعبنا وشبيبتنا الّذين لا يزالون في الشّوارع يرفعون صوتهم للمطالبة بحقّهم في أن يعيشوا حياة كريمة، وأن يعيشوا في دولة تحترمهم وتحترم كلّ مواطن بالمساواة والعدالة. يسوع اليوم يقول لنا ولكلّ عائلة من عائلاتنا، لشبيبتنا: لا تخافوا لأنّ لكم في السّماء أب فاطمئنّوا.
البعض يبشّرنا بالمجاعة، هؤلاء هم أنبياء البؤس واليأس، ونحن مع يسوع نعيش الرّجاء. وإلى الشّبيبة نقول: لا تهتمّوا للغد فالله هو الّذي يعطيكم كلّ شيء تحتاجون إليه لكن حافظوا على قيمكم وعلى وحدتكم وتضامنكم، ولكم الحقّ في أن تعيشوا بكرامة لأنّ كرامتكم هي من كرامة أبناء الله وليس من أيّ إنسان ولا من أيّ حاكم ولا من أيّ سلطان. حقّكم أن تعيشوا ويسوع يقول اليوم لشبيبتنا: من حقّكم أن تحلموا بدولة تعطيكم حقّكم بالحياة، حقّكم أن تحلموا بوطن، وطنكم لبنان الوطن الرّسالة لكي يحقّق آمالكم وطموحاتكم.
صلاتنا اليوم مع يسوع لنطلب منه بشفاعة العذراء مريم سيّدة لبنان وأمّ كلّ عائلة، أن يعطينا قوّة الرّجاء لكي بوحدتنا وتضامننا كلّنا معًا نبني مستقبلاً لنا ولأولادنا ولأحفادنا على أرضنا المقدّسة، هذه الأرض الّتي اختار الله أن يولد فيها إنسانًا ويموت فيها في سبيل خلاص البشر. إنّها نعمة كبيرة أعطيت لنا مجّانًا، ونحن اليوم نريد أن نعيش هذا الرّجاء مع يسوع الّذي يولد ويطلب منّا أن ننظر إلى البعيد وإلى السّماء حيث الله الآب يدعونا إلى الفرح. آمين".