المطران خيرالله ترأّس قدّاس اليوبيل الفضّيّ لفرق السّيّدة في البترون
وألقى المطران خيرالله بعد الانجيل المقدّس عظة تحت عنوان "من تراه الوكيل الأمين الحكيم، قال فيها: "نحتفل اليوم معًا بمرور خمس وعشرين سنة على تأسيس "فرق السّيّدة" في البترون. ولكن هذا التّأسيس له تاريخ يعود إلى سنة 1990 عندما أسّس الخوري فرنسيس البيسري (المطران في ما بعد) مع بعض المتزوّجين من حركة فرسان العذراء في البترون (الّتي كان أسّسها سنة 1965) حركة عائلات مسيحيّة ملتزمة بعيش إيمانها وأطلق عليها إسم "عائلات مريم".
وبعد تسلّمي خدمة رعيّة البترون خلفًا للمطران البيسري في أواخر تشرين الأوّل 1991 تابعت مسيرته وأسّست فرقة ثانية من عائلات مريم. ولكن سرعان ما دعوت الفرقتين في أوائل سنة 1992 إلى الانضمام إلى الحركة العالميّة لفرق السّيّدة الّتي أطلقها الأب هنري كافاريل سنة 1939 ودخلت لبنان سنة 1963. وحركة فرق السّيّدة هي حركة علمانيّة تهدف إلى جمع أزواج مسيحيّين ودعوتهم إلى عيش التّعاضد والتّعاون الرّوحيّ والمعنويّ من خلال الصّلاة والمشاركة وتبادل الخبرات. وتطلب من الأزواج أن يعيشوا معًا الرّوحانيّة الزّوجيّة، إذ يرون في الزّواج دعوة من الله وطريقًا إلى القداسة، وأن يجعلوا من الإنجيل شرعة لحياتهم؛ وذلك تحت نظر العذراء مريم الّتي يرون فيها أفضل مرشد يقودهم إلى الله. وتقترح الحركة في شرعتها وسائل تساهم في نموّ الأزواج ونضوجهم في محبّة الله والقريب، وتتلخّص بما يلي: القراءة اليوميّة لكلمة الله في الكتاب المقدّس والتّأمّل فيها؛ الصّلاة الشّخصيّة؛ الصّلاة الزّوجيّة والعائليّة؛ الحوار الشّهريّ بين الزّوجين تحت نظر الرّبّ، أيّ واجب المجالسة؛ نقاط الجهد الحسّيّة، أيّ اتّخاذ قصد حياة يعاد النّظر فيه كلّ شهر؛ القيام برياضة روحيّة مرّة في السّنة. وأخيرًا تنصح الحركة كلّ فرقة بأن تتّخذ لها مستشارًا روحيًّا، لا تدعوه مرشدًا، هو كاهن يرافق الأزواج بحضوره وتفاعله معهم ومساندته لهم في معرفته العقائديّة المسيحيّة وفي حياته الخاصّة وخبرته الرّعويّة. وإذا كان هذا الكاهن متزوّجًا فيصبح مع زوجته زوجين عضوين كاملين في الفرقة.
انطلاقًا من هذه المبادىء، بدأنا مشوارنا الطّويل في رعيّة البترون منذ خمس وعشرين سنة. وقبلنا أن يرافقنا مسؤولون في حركة فرق السّيّدة ليساعدونا على الدّخول في روحانيّة الحركة وعلى استيعاب موهبتها الخاصّة والوعي لأهمّيّة رسالتها لدى الأزواج والعائلات. واقتنعنا معًا أنّ الحركة الّتي ننتمي إليها هي هبة نبويّة في الكنيسة وفي المجتمع. هي حركة الرّوحانيّة الزّوجيّة وتجد مكانتها في الكنيسة الّتي تريد أن تسهر على العائلة مستعينة بخبرة الأزواج الملتزمين في فرق السّيّدة. إنّها مدرسة صلاة وتأمّل تهدف إلى عيش الحبّ الزّوجيّ في ضوء الإنجيل، بحيث تصبح شاهدة له في المجتمع ومبشرّة به في محيطها. وفهمنا معًا أنّ الأزواج الّذين يكونون قد تغذّوا من المسيح في الكنيسة يصبحون مرسلين إلى خارج عائلاتهم ومحيطهم ليشهدوا لما يعيشونه ولما يتلقّونه، ولينقلوه إلى الآخرين، ويصبحون أفضل من يحمل المسيح وفرح الحياة إلى العائلات الأخرى ويشجّعونها ويساندونها"، كما يقول لهم قداسة البابا فرنسيس. (راجع كلمته في استقباله لفرق السّيّدة في روما في 10/9/2015).
هذا ما جعلنا نعمل أوّلاً على تأسيس فرقة ثالثة ثمّ رابعة في البترون، ثمّ على تأسيس فرق أخرى في الشّمال أصبحت اليوم تؤلّف قطاعًا مستقلّاً ضمن منطقة لبنان في حركة فرق السّيّدة. ولأنّنا عشنا هذه الخبرة الإنسانيّة والكنسيّة، أردنا أن ننفتح على الآخرين حاملين رسالة الإشعاع الرّوحيّ. وأنا في الرّعيّة اتّكلت على هؤلاء الأزواج لننطلق معًا نحو تطوّر الرّعيّة وتجديدها. أسّسنا المجلس الرّعويّ، ومن ضمنه لجنة العيلة سنة 1994، ثمّ مركز الإعداد للزّواج والإرشاد العيليّ. ومنهما انطلقنا إلى كلّ الأبرشيّة. كانوا هم النّواة الأساسيّة فيها. وأكملنا مشوارنا بالانفتاح والإشعاع الرّوحيّ والرّعويّ والكنسيّ. وبعد أن أصبحت مطرانًا خادمًا لأبرشيّة البترون، كان من الطّبيعيّ أن يكون هؤلاء الأشخاص المختبرين إلى جانبي واستعنت بهم، وما زلت، ليكونوا في المجالس واللّجان الّتي تعمل على مستوى الأبرشيّة. وفي أبرشيّتنا أذكر أنّنا في السّنة الخامسة والأخيرة من مسيرة المجمع الأبرشيّ الّذي أطلقناه سنة 2013 ويهدف إلى التّجدّد الرّوحيّ والتّجدّد في الأشخاص والمؤسّسات. ومعهم ومع غيرهم الكثيرين بدأت مسيرة المجمع الأبرشيّ الّذي أطلقته سنة 2013 بهدف التّجدّد الرّوحيّ والتّجدّد في الأشخاص والمؤسّسات. ونحن اليوم في السّنة الخامسة والأخيرة. بفضل الخبرة الّتي تلقيناها في فرق السّيّدة. وكانت فرحتنا كبيرة أنّنا تعلّمنا الكثير من روحانيّة فرق السّيّدة ومنهجيّة عملها وحضورها على مستوى لبنان والعالم.
كان لنا من ناحية ثانية أنّنا أدخلنا في حركة فرق السّيّدة بعدًا رعويًّا جديدًا لنشدّد من خلاله على انتمائنا إلى رعايانا وإلى كنيستنا المحلّيّة وأن نكون في الفرق الّتي تؤسّس ضمن الرّعيّة الأعضاء الفاعلين في تجدّد الرّعيّة وتجدّد الكنيسة المحلّيّة.
أخيرًا، وبعد مسيرة خمسة وعشرين سنة، نشكر الله معًا على جميع الّذين التزموا في خدمة العائلة والكنيسة من منطلق انتمائهم إلى جمعيّاتهم وحركاتهم الكنسيّة، وعلى النّعم الّتي منحنا إيّاها بفضلكم أنتم أيّها الأزواج المسيحيوّن، ولا أنسى الّذين سبقونا من بينكم إلى ملكوت الآب. نشكر الله على جميع المسؤولين في فرق السّيّدة في لبنان وفي العالم وهم ممثّلون بيننا ويؤدّون الخدمات الكبيرة. وإذا كنا نحتفل اليوم بهذه الذّكرى في أحد الكهنة، في أحد الوكالة الّتي يسلّمها السّيّد المسيح للكهنة ولكن أيضًا لكلّ معمّد ومعمّدة، فإنّها علامة من الله يحمّلنا من خلالها رسالة ومسؤوليّة خدمة شعبه بأمانة وحكمة وتضحية وعطاء مجانيّ. له المجد والشّكر إلى الأبد".
هذا وأقيم بعد القدّاس الإلهيّ لقاء في صالة الرّعيّة عُرضت خلاله نشاطات الفرق في البترون.