المطران حنا: ’لن نستسلم لاولئك المتآمرين على حضورنا المسيحي’
"من لا حضارة له يسعى لتدمير حضارتنا"
وأضاف: "لقد اصبحت شعوبنا العربية اليوم أكثر إدراكًا ووعيًا لخطورة ما يحدث، واتسعت رقعة اولئك الذين بدأوا يدركون خطورة ما يخطط لمنطقتنا ولشعوبنا العربية ونتمنى ان يزداد هذا الوعي حيث هنالك حاجة لكي تبذل الجهود بهدف توعية ابناءنا وشبابنا ومجتمعاتنا بشكل عام بخطورة هذه المجموعات وكذلك رفض ثقافة القتل والذبح والارهاب والعنف التي يريدها الاعداء ان تكون في مجتمعاتنا لكي لا يفكر العرب بمستقبلهم وبقضاياهم الوطنية وفي مقدمتها قضية فلسطين. لا يمكننا ان ننسى الصور المروعة لعمليات الذبح والتنكيل والاعدام التي مارستها هذه الجماعات وبأنماط بشعة تدل على عدم انسانيتهم وهمجيتهم وهؤلاء استهدفوا المسيحيين وغيرهم من المواطنين فهدفهم هو حرق الأخضر واليابس والنيل من حضارتنا وثقافتنا ووحدتنا واخوتنا. من لا حضارة له يسعى لتدمير حضارتنا ومن لا تاريخ له يسعى للنيل من تاريخنا وعراقة وجودنا في هذه الارض المقدسة. يحق لنا ان نتساءل من هو المستفيد من إفراغ المنطقة العربية من المسيحيين، من هو المستفيد من كل هذا الدمار والخراب الذي حل بسوريا وبالعراق وباليمن وليبيا وغيرها من الأماكن، من هو المستفيد من إشاعة الفوضى الخلاقة وتشريد شعوبنا العربية وطمس المعالم التاريخية والحضارية، من هو المستفيد من كل ذلك، لقد اوجد لنا الأعداء هذا الواقع المأساوي الذي نعيشه في مشرقنا العربي لكي يكون العرب في حالة صراعات مذهبية ودينية وقبلية وعشائرية وغيرها ولكي لا يفكروا بقضيتهم الاولى قضية فلسطين".
"المال يستعمل في منطقتنا من أجل الدمار والخراب والحروب"
وتابع: "لقد أُغدق المال بغزارة على الدمار والخراب والارهاب في منطقتنا، مئات المليارات من الدولارات التي صرفت على الدمار والارهاب والحروب في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الأماكن، لو استعمل هذا المال استعمالا جيدًا لما بقي انسان فقير في منطقتنا العربية ولتم حل آفة البطالة والكثير من المعضلات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الموجودة في منطقتنا، يؤسفنا ويحزننا ان نقول بأن المال يستعمل في منطقتنا من أجل الدمار والخراب والحروب بدل من ان يستعمل من أجل الرقي والتطور ومساعدة الشرائح المهمشة والمعدمة في مجتمعاتنا العربية.
إن كل ما يحدث في منطقتنا العربية انما هدفه هو تصفية القضية الفلسطينية ولذلك فإننا كفلسطينيين نتمنى بأن يفشل هذا المخطط الذي يستهدف مشرقنا العربي وان تتوقف ثقافة العنف والقتل والتطرف والكراهية لكي تسود مكانها ثقافة الحوار والسلام والمحبة والاخوة والعيش المشترك بين كافة مكونات مجتمعاتنا. أما نحن في فلسطين فما زلنا نعيش في ظل الاحتلال وممارساته وسياساته وهو الذي يستهدف الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته، المسيحيون والمسلمون مستهدفون في مقدساتهم وأوقافهم وتاريخهم وتراثهم، كما انهم مستهدفون في لقمة عيشهم وفي كافة مفاصل حياتهم، ولذلك فإننا مطالبون في فلسطين الأرض المقدسة بأن نكون موحدين وان نعمل معًا وسويًا كأبناء للشعب الفلسطيني الواحد من أجل الحفاظ على مقدساتنا وأوقافنا وحماية وطننا وإفشال كافة المؤامرات المشبوهة الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية.
المسيحيون الفلسطينيون مستهدفون في أوقافهم وتاريخهم وتراثهم وهويتهم وعراقة وجودهم في هذه الأرض المقدسة، ولذلك فإنني اود ان اقول بأن المسيحيين في مشرقنا العربي وفي فلسطين بنوع خاص لن يتخلوا عن عراقة وجودهم وانتماءهم وجذورهم العميقة في تربة هذه الارض المباركة والمقدسة، سنبقى متمسكين بقيمنا الايمانية والروحية والانسانية، وبوحدتنا واخوتنا وحكمتنا واستقامتنا نحن قادرون على الصمود والثبات وافشال كافة المخططات الهادفة لابتلاع اوقافنا التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا وهويتنا".
"لن نتخلى عن عراقة تاريخنا وتراثنا"
وأردف قائلًا: "المسيحيون في هذا المشرق العربي وبالرغم من آلامهم واحزانهم وجراحهم لم ولن يتخلوا عن ايمانهم ولم يتخلوا عن انتماءاتهم لاوطانهم، لن نتخلى عن عراقة تاريخنا وتراثنا في هذا المشرق العربي الذي جماله وبهائه لن يكون الا من خلال وحدة ابنائه وتلاقيهم وتعاضدهم وتفاهمهم واخوتهم ووحدتهم. لن نستسلم للمؤامرات التي تستهدف حضورنا المسيحي العريق في ارضنا المقدسة ونتمنى ان يصل صوتنا الى كل مكان لاننا اصحاب قضية ونحن ننتمي الى فلسطين ارضا وشعبا وهوية وتراثا وجذورا عميقة في تربة هذه الارض، نتمنى ان يصل صوت مسيحيي بلادنا الى كافة الضمائر الحية في كل مكان في هذا العالم ، التفتوا الينا وكونوا الى جانب حضورنا المسيحي العريق المستهدف والمستباح.
ان الدفاع عن الحضور المسيحي في فلسطين هو واجب على كل انسان يتحلى بالقيم الانسانية والاخلاقية والروحية، انها مسألة تخصنا جميعًا، الفلسطينيون يقولون بأن استهداف المسيحيين في اوقافهم وهويتهم الوطنية انما هو استهداف لكل الشعب الفلسطيني ونحن بدورنا نقول بأن استهداف الاوقاف الاسلامية هو استهداف لنا جميعا لاننا شعب واحد ندافع عن قضية واحدة.
خلال الأيام المنصرمة تعرضنا للتحريض والتهديد والوعيد وتلقينا الكثير من الرسائل عبر وسائل التواصل المختلفة التي تحمل في طياتها رسائل تهديد نجيب عليها باختصار شديد قائلين بأننا لن نخاف من أي تهديد او وعيد كما اننا لن نخاف من احد في دفاعنا عن الحق الذي ننادي به ونتمسك به ايضا. نحن نعلم بأن التصدي للقوى المتآمرة على كنيستنا وعلى أوقافنا سيكون له ثمن ونحن مستعدون لهذا الثمن مهما كان باهظا ولكننا لسنا مستعدين للصمت والقبول بما يحدث بحق كنيستنا واوقافها وحضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة.
لم نستسلم في أي يوم من الأيام لأي تهديد او وعيد من أي جهة كانت واليوم واننا نؤكد هذا الموقف مجددًا لأننا متمسكون بمواقفنا ورسالتنا وحقنا في ان ندافع عن اوقافنا المستباحة، لن نصمت أمام هذا الظلم وامام هذا الاستهداف، لن نصمت أمام هذا المخطط المشبوه الهادف الى تصفية ما تبقى من أوقاف أرثوذكسية خدمة لجهات معادية في حين ان الأوقاف موجودة لكي تستثمر من أجل خدمة ابناء كنيستنا وشعبنا. أود ان اقول لكم بأننا لسنا على استعداد للرضوخ لأي تهديد او وعيد وسنبقى ننادي بالحفاظ على اوقافنا وحضور كنيستنا وتأكيد انتماءنا لهذه الارض المقدسة، انتماءنا لفلسطين ولقضية الشعب الفلسطيني العادلة التي من واجبنا جميعا ان ندافع عنها لانها قضيتنا جميعا كمسيحيين ومسلمين كما انها قضية امتنا العربية وكافة احرار العالم".
وقد جاءت كلمات سيادة المطران عطا الله حنا هذه لدى لقاءه مع عدد من الاعلاميين الأجانب الذين يزورون مدينة القدس في هذه الأيام.