سوريا
02 آذار 2022, 11:20

المطران تيموثاوس متّى الخوري وأبناء صدد ودّعوا القسّ أفرام النّجّار

تيلي لوميار/ نورسات
ودّعت أبرشيّة حمص وحماه وطرطوس للسّريان الأرثوذكس كاهن رعيّة مار تيواداروس سابقًا في صدد الأب القسّ أفرام النّجّار، في صلاة جنائزيّة ترأّسها راعي الأبرشيّة المطران تيموثاوس متّى الخوري بحضور لفيف من الآباء الكهنة وجمع من أبناء البلدة ومن خارجها.

وبعدما تلي الرّقيم البطريركيّ الّذي أرسله بطريرك السّريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثّاني، معزّيًا راعي الأبرشيّة وأبناء الرّعيّة وعائلة الأب الرّاقد أفرام النّجار، ألقى المطران الخوري كلمة روحيّة قال فيها:

"بأسف وحزن عميقين، نودّع في هذه اللّحظات الكاهن الورع والأب الحنون والخادم الأمين الأب أفرام النّجّار كاهن كنيسة مار تيواداروس في صدد، الّذي ختم جهاده الرّوحيّ على الأرض لينضمّ إلى صفوف كهنة الكنيسة الممجّدة في السّماء، نعم غادرنا بعد رحلة روحيّة طويلة، سعى خلالها أن يزرع الإيمان وينشر المحبّة مربّيًا الأجيال على محبّة الله والكنيسة ولغتها السّريانيّة وألحانها الفريدة، وكذلك محبّة الإنسان والوطن، وبمعرفتي الشّخصيّة بالرّاحل الكريم أسمح لنفسي بأن أشبّهه بما تنبّأ عنه إشعيا النّبيّ: "هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي، وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ، لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ"، نعم لقد كان مختارًا لله حتّى ولئن قبل سرّ الكهنوت في متأخّر العمر، ولكنّه كرّس نفسه منذ نعومة أظفاره لخدمة الكنيسة، فأتقن اللّغة السّريانيّة المقدّسة والألحان الصّدديّة العريقة علاوة على طقوس الكنيسة، وكأنّ الرّوح يعدّه من أجل هذه الخدمة، والّتي لم يتوان عنها أبدًا منذ أن دعاه الله ليكون كاهنًا لهذه الكنيسة، فوضع عليه روح الله وخرج ينادي بالحقّ بين الأمم، مشمّرًا عن ساعد الجدّ والعمل وبتعاون تامّ بين إخوته كهنة صدد الأعزّاء ويد بيد مع أبناء صدد الغيارى اهتمّ بأن يقدّم أفضل خدمة للكنيسة والبلدة دون أن يعرف الكلل والملل والتّعب، وكان في هذه كلّها بالحقّ لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشّارع صوته، نعم هكذا عرفناه طيّبًا متواضعًا محبًّا، اهتمّ أن يكون صوت الله بين النّاس لا صوته هو، اهتم أن يستثمر صوته بالتّعليم تدريس الألحان والطّقوس، وبالإضافة إلى هذه كلّها كان شاكرًا لله في كلّ شيء، وكانت كلمة الحمدالله تسبق أيّ كلمة أخرى، فكان أيضًا رجل هدوء أحبّ صدد كثيرًا وأبناءها، وخدمهم بمحبّة فبادلوه أيضًا المحبّة والتّكريم، شاركهم جميعًا في أدقّ تفاصيل حياتهم في السّرّاء والضّرّاء ورعاهم بكلّ عطف ومحبّة، تعاون مع إخوته كهنة الأبرشيّة وخدموا معًا بفرح ككاهن واحد لكلّ صدد، تعاون مع المرحومة زوجته الفاضلة في تربية أولادهما التّربية المسيحيّة السّليمة، فكانا مثالاً للعائلة المؤمنة والّتي وضعت يسوع في وسطها دائمًا، وبالخلاصة فهو الأب والمربّي والمعلّم والكاهن.  

تشبّه بشفيعه القدّيس مار أفرام السّريانيّ في محبّته للّغة والألحان وإن كان في تواضعه وتقشّفه، وكنّا نأمل أن يمدَّ الله بعمره كي نحتفل معًا بعيد شمس السّريان وكنّارة الرّوح القدس القدّيس مار أفرام مع عيد شفيع هذه الكنيسة مار تيواداروس بعد عدّة أيّام، ولكن مشيئة الله كانت أن يغادرنا باكرًا إلى الفردوس.

نودّعه اليوم بين الدّموع والحسرات ولكن بإيمان متين بوعود الله بأنّه سيسمع صوته الحلو العذب القائل: نعمًا لك أيّها العبد الصاّلح والأمين، كنت أمينًا على القليل فسأقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيّدك، نعم من أهمّ الصّفات الّتي على الكاهن أن يتمتّع بها هي الأمانة، وأبونا أفرام كان بالحقيقة أمينًا في كلّ مرحلة من حياته، بين أهله وإخوته وأمينًا في عائلته وفي علمه، وفي خدمته للكنيسة وللرّعيّة بل كان فيها أمينًا حتّى الموت فاستحقّ أن يعطى له إكليل الحياة، فهنيئًا لك أيّها الوكيل الأمين ومغبوط السّبيل الّذي تسير فيه اليوم، ومبارك الإكليل الّذي يوضع اليوم على هامتك، سنشتاق لك كثيرًا وستفتقدك صدد وكنائسها، أذكرنا دائمًا أمام عرش النّعمة.

أيّها الأحبّاء، ونحن أمام هذا المصاب الجلل، لا يسعني، بعد حمدالله تعالى، إلّا وأنا أتقدّم بأحرّ التّعازي من قداسة سيّدنا البطريرك المعظّم مار إغناطيوس أفرام الثّاني الكلّيّ الطّوبى وأشكر محبّته وتعزيته الأبويّة وكلماته المُبلسمة، لنا ولأفراد العائلة، وكذلك كلّ من اتّصل وعبّر عن تعزيته ومحبّته لفقيد الأبرشيّة الغالي، وبشكل خاصّ أشكر صاحبي النّيافة مار موريس عمسيح مطران الجزيرة والفرات ومار يوسف بالي السّكرتير البطريركيّ، ونيافة أخينا الحاضر معنا دائمًا الحبر الجليل مار فلابيانوس رامي قبلان المدبّر البطريركيّ في أبرشيّة حمص وحماه والنّبك للسّريان الكاثوليك ممثّلاً أيضًا بالإخوة الكهنة الأعزّاء الحاضرين معنا. كما أعزّي إخوتي الأحبّاء كهنة الأبرشيّة وعزانا مضاعف إذ حتّى الآن لم يجفّ دمعنا ولم نودّع أخانا العزيز الخوري أنطون جرادة أيضًا، نسأل لهما الرّحمة وإكليل المجد في الملكوت.

أتقدّم بأحرّ التّعازي من أبناء قرية صدد جميعًا مجالس ومؤسّسات وهيئات، وأخيرًا من أبناء عائلتي النّجّار ومواس ومن أبناء أبونا أفرام وأحفاده، وجميع أقربائهم في الوطن وبلاد الانتشار مصلّين إلى الرّبّ الإله أن يعزّي قلوبنا ويبلسمها بتعزياته السّماويّة.  

رحمه الله وليكن ذكره مؤبّدًا.. المسيح قام."