كندا
11 شباط 2025, 12:15

المطران تابت من كندا: لرصّ الصّفوف بين كلّ مكوّنات الوطن وإعادة بناء الدّولة

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل راعي أبرشيّة مار مارون في كندا المطران بول- مروان تابت بالذّبيحة الإلهيّة لمناسبة عيد مار مارون، شارك فيها السّفير البابويّ في كندا ايفان يانوكوفيتش ورئيس أساقفة مونتريال المونسنيور كريستيان ليبين، وقد عاونه فيها الأبوان إيلي رزق وشربل جعجع، بحضور عدد النّوّاب الفديراليّين والفعاليّات الاغترابيّة.

بعد الإنجيل ألقى تابت عظة استهلّها- بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام"- بالتّرحيب بالسّفير البابويّ في كندا، شاكرًا له عاطفته، ومؤكّدًا أنّ حضوره، مع فريق السّفارة البابويّة، للمشاركة في احتفال عيد القدّيس مارون "يشهد على محبّة قداسة البابا فرنسيس للبنان وشعبه، بحيث أعلن أنّ "لبنان هو كنز الحضارة والحياة الرّوحيّة، إضافة إلى ارتباط الكنيسة المارونيّة بالكرسيّ الرّسوليّ". ورحب بالمطران ليبين، وبوزيرة خارجيّة كندا  ميلاني جولي عبر ممثّليها، شاكرًا لها "كلّ ما فعلته من أجل كندا ولبنان، سواء علنًا أو خلف الكواليس".

وقال: "بكلّ فرح وشكر عميق نجتمع اليوم للاحتفال بعيد شفيعنا القدّيس مارون، أب ونور كنيستنا. ونحن نفرح بالدّخول كـ"حجّاج رجاء" في سنة اليوبيل 2025 الّتي أعلنها البابا فرنسيس، سنة النّعمة والرّحمة والمصالحة. كما أنّنا نشارك في فرحة رؤية لبنان وطننا يصل إلى نقطة تحوّل تاريخيّة مع انتخاب الرّئيس الجديد فخامة العماد جوزيف عون، واضعًا نهاية لمرحلة مضطربة من الفراغ الدّستوريّ.

عيد القدّيس مارون هو دعوة لنكون علامات رجاء وللعودة إلى جذورنا الرّوحيّة والوطنيّة، لاستلهام القوّة من إرثه العميق، المبنيّ على القيم الإنجيليّة، أيّ على المحبّة والتّواضع وحبّ الأرض وأهمّيّة الجماعة والعطاء اللّامتناهي. هذا هو جوهر المارونيّة، روحانيّة مبنيّة على العيش في العالم وكأنّنا "حجّاج" فيه، وكأنّنا مسافرون دائمون غير حاملين أثقال العالم المادّيّ والمال والسّلطة، بل جاعلين منها مادّة في خدمة الخير العامّ والإنسان، فيكون المال وسيلة ضروريّة لا غاية بحدّ ذاته، والسّلطة ليست "على الآخر" بل من "أجل الآخر".

أودّ أن أعبّر عن عميق ارتياحي لما شعرت به من أمل ورجاء خلال زيارتي الأخيرة إلى لبنان. لمست فرحة شعبيّة صادقة، وتباشير واعدة تنبئ بمستقبل مزدهر لوطننا بانتخاب رئيس جديد وتكليف رئيس للحكومة وإعلان الحكومة الجديدة الواعدة. لعلّ هذه اللّحظة التّاريخيّة تحمل لنا فرصة حقيقيّة لنصنع لبنان الحياد الإيجابيّ، لبنان التّفاعل مع القيم الإنسانيّة وروح العصر، لبنان المحبّة والسّلام، لبنان نموذج العيش المشترك وحوار الحياة. ليس التّفاؤل بالعهد الجديد دعوةً للتّغافل عن الواقع أو للتّقليل من حجم المسؤوليّة الملقاة على عاتق المسؤولين عن إدارة الوطن وعلى عاتقنا كمواطنين، بل هو تشجيعٌ لنا ولكلّ لبنانيّ لمتابعة رصّ الصّفوف بين كلّ مكوّنات الوطن وإعادة بناء الدّولة، نعم بنائها على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لكن ليس على حساب المكوّنات الّتي ضحّت وتُضحّي من أجل مَن يعتبرهم العالم اليوم مغلوبون.

إنّ بناء الدّولة الّتي نريدها لكلّ اللّبنانيّين ولأولادنا وأولاد أولادنا لا تسمح بأن يكون هناك ثغرات تعود فتسمح بقيام دويلة أو دويلات، لذا لا بدّ من تطبيق القرار 1701 بكلّ مكوّناته ليأتي البناء كاملًا متكاملًا. إنّ الالتزام الرّسميّ للرّئيس الجديد الجنرال جوزاف عون يؤكّد أنّ الدّولة وحدَها لها الحقّ في امتلاك الأسلحة، وأنّه سيكافح بلا هوّادة التّهريب والفساد، وأنّه سيعزّز الولاء للدّستور على أساس المواطنة. فهذه الكلمات تتردّد كنداء أكيد، مُذكِّرةً بأنّ الحوكمة الّتي تقوم على القانون والعدالة هي وحدها الّتي يمكن أن تضمن مستقبل بلدنا. من خلال التزامه بإصلاح النّظام القضائيّ والمصرفيّ، يرسم الرّئيس الجديد الطّريق نحو لبنان قويّ وذو سيادة. فليكن هذا الالتزام عملًا محقَّقًا، ليعيش كلّ مواطن لبنانيّ في سلام وازدهار.

فلنكن حذرين، واعين للتّحدّيات الّتي تحيط بنا، نتخوّف ولا نخاف، ولنترك قلوبنا مشرّعة دائمًا للأمل والرّجاء اللّذين يعطيانا القوّة للمضيّ قدمًا. فليكن عيد مار مارون مناسبةً لنرفع قلوبنا بالصّلاة فنسير قدمًا في طريق البرّ والخير".