لبنان
07 تشرين الثاني 2023, 08:50

المطران ابراهيم: يعلّمنا ميخائيل أن نقف صامدين أمام التّجارب والمصاعب متسلّحين بالأمل والثبات في الإيمان

تيلي لوميار/ نورسات
هنّأ راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم المحتفلين بعيد مار ميخائيل في دار السّعادة للمسنّين- كسارة، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه بمشاركة الأرشمندريت عبدالله عاصي والآباء عبدالله سكاف وشربل راشد، بحضور الرّئيسة العامّة للرّاهبات الباسيليّات المخلّصيّات لسيّدة البشارة الأمّ تريز روكز، رئيسة الدّار الأمّ نجوى مهنّا، الأب طوني أبو عراج، السّيّد فوزي نحّاس وعقيلته، الرّاهبات وجمهور كبير من المؤمنين أصدقاء الدّار، وخدمت القدّاس جوقة سيّدة النّيّاح- الفرزل.

بعد الإنجيل المقدّس، كانت للمطران ابراهيم عظة تحدّث فيها عن صفات رئيس الملائكة ميخائيل فقال بحسب إعلام الأبرشيّة:

"نحن اليوم مجتمعون في هذه الدّار المباركة، دار السّعادة للمسنّين في كسارة، ومن أصعب الأشياء أن يعيش الإنسان في حياته شيخوختين: شيخوخة اليأس وشيخوخة العمر، لأجل ذلك نحن اليوم وبفكر أبعد من الطّبيعيّ وأبعد من الاختبار الإنسانيّ المحدود، أسمت الرّهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة للرّاهبات هذه الدّار "دار السّعادة" لكي تؤكّد أنّ الحقيقة في موضوع الشّيخوخة هي أنّ السّعادة هي جوهر الشّيخوخة وليست طارئة على الشّيخوخة وعلى المسنّين.

لأجل ذلك نحن اليوم نحتفل معًا بعيد رئيس الملائكة ميخائيل، الّذي يحتلّ مكانة عالية في السّماوات وعلى الأرض، ويعتبر شفيعًا ومدافعًا عن الكنيسة المقدّسة والشّعب المؤمن على مرّ العصور. وأحد حاملي هذا الإسم كان المرحوم ميشال نحّاس الّذي بكَرَمِ قلبه وبُعدِ فكره واتّساعه، أراد أن يقدّم هذه الأرض لكي تكون مكانًا للسّعادة، وها هي اليوم كما أرادها المحسن ميشال نحّاس دارًا للسّعادة.

رئيس الملائكة ميخائيل، المعروف بقوّته وشجاعته، هو مثال لنا جميعًا في الصّراع ضدّ قوى الشّرّ. كلّنا مدعوّون لأن نكون كلّ واحد منّا ميخائيل جديد في حياته، وأغتنم الفرصة لمعايدة كلّ الّذين يحتفلون بالعيد أو يحملون الإسم، وأعايد كلّ الّذين رحلوا عنّا وكانوا يحملون الإسم، وعيدهم الدّائم أنّهم يشاهدون الملاك ميخائيل في السّماء وجهًا لوجه أو نورًا لنور.

رئيس الملائكة ميخائيل يدعونا لنكون جنودًا في جيش النّور، جيش المسيح الّذي لا يُحارِب بالسّيف وإنّما بالحبّ والصّلاة والإيمان الرّاسخ. وعندما نقول رئيس القوّات الملائكيّة فهذا لا يعني على الإطلاق أنّ السّماء هي مخزن أسلحة، هذا تفكيرنا البشريّ الّذي تعوّد على سماع هذه العبارات، لكن هي مخزن أسلحة أكثر فتكًا من أيّ سلاح يمكن أن نتخيّله لأنّها أسلحة المحبّة والصّلاة والإيمان.  

في حياتنا المليئة بالتّحدّيات والصّراعات، يعلّمنا ميخائيل أن نقف صامدين أمام التّجارب والمصاعب، متسلّحين بالأمل والثّبات في الإيمان. والخسارة دائمًا، الانكسار لدى النّاس هو عندما يفقد الإنسان الأمل، والخسارة الأكبر هي خسارة الذّات. "إِنَّ حَرْبَنَا لَيْسَتْ ضِدَّ ذَوِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ، بَلْ ضِدُّ الرِّئَاسَاتِ، ضِدُّ السُّلُطَاتِ، ضِدُّ أَسْيَادِ الْعَالَمِ حُكَّامِ هَذَا الظَّلامِ، ضِدُّ قِوَى الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي الجو" (أفسس 12:6). الّتي تحاول أن تزعزع إيماننا وتبعدنا عن طريق الخلاص.

لقد كان ميخائيل مثالًا للطّاعة والولاء لله، وهو يذكّرنا بأهمّيّة الإصغاء لصوت الله في حياتنا والعمل بمشيئته. يعلّمنا أن نقول كلّ يوم "ليكن لي بحسب كلمتك" كما قالت العذراء للملاك جبرائيل، واليوم العيد ليس فقط عيد الملاك ميخائيل، فهو عيد ميخائيل وجبرائيل وكلّ الملائكة، وأن نضع ثقتنا الكاملة في الرّبّ الّذي يهدي خطانا ويحمينا بعنايته.

فإسم ميخائيل، يحمل بين حروفه رسالة سماويّة عميقة. "ميخائيل"، اسم عبريّ معناه "من مثل الله؟"، وهو سؤال بلاغيّ يؤكّد عظمة الخالق وينفي وجود أيّ مساوٍ له. في هذه الكلمات القليلة، نجد الإيمان والتّواضع، ونجد التّسبيح الدّائم للقدير.

في حياتنا، نواجه تحدّيات تتطلّب منّا أن نقف أقوياء في الإيمان، وأن نسير على خطى ميخائيل في الدّفاع عن الحقّ. يدعونا اسم ميخائيل للتّساؤل: "من مثل الله في حياتي؟"، "هل أضع الله فوق كلّ شيء؟"، "هل أعكس صورة الله في أفعالي وكلماتي؟".

إنّ شخصيّة ميخائيل وما يمثّله تعطينا الأمل في أنّ النّصر ممكن دائمًا بقوّة الله. نحن نحتفل بعيده لنذكّر أنفسنا بأنّنا لسنا وحيدين في معاركنا. لدينا شفعاء في السّماء يتشفّعون لأجلنا ويساندوننا في الأوقات الصّعبة.

اليوم، نطلب شفاعة الملاك ميخائيل شفيع هذه الدّار ليعيننا على حمل صليبنا اليوميّ، وليدعمنا في معركتنا ضدّ كلّ ما هو شرّير وفاسد. نسأله أن يكون لنا دليلًا ومعينًا، وأن يقودنا إلى الطّريق الصّحيح نحو القداسة والتّقرّب من الله.

ليبارك الله الرّاهبات الباسيليّات المخلّصيّات ويحفظهنّ تحت حماية ميخائيل رئيس الملائكة، وليكن معهنّ ومعنا دائمًا في كلّ ما نقوم به من أعمال تمجّد اسمه القدّوس من خلال الإنسان.

نحن لا نستطيع ان نمجّد اسم الله، فإسمه ممجّد في ذاته، نحن لا نستطيع أن نضيف شيئًا إلى الله، فالله هو الكمال بذاته، وعندما نردّد هذه الكلمات علينا ان نعي أنّنا نتحدّث دائمًا عن الله من خلال الإنسان ومن خلال رسالتنا مع الإنسان. عندما نكرّم الإنسان، سواء كان طفلاً ام شابًّا أم مسنًّا عندها نكون نحقّق وصيّة المخلّص "من فعل ذلك بأحد اخوتي هؤلاء الصّغار فبي فعلتموه."  

أاسأل الله أن يبارككم جميعًا وأن يبارك الأمّ الرّئيسة تريز روكز وكلّ الرّاهبات، رئيسة الدّار الأخت نجوى مهنّا وكلّ الّذين يتعبون في هذه المؤسّسة وكلّ الّذين يشاركوني من الآباء في هذه الذّبيحة الإلهيّة والجوقة وخدّام الهيكل وحميع الحاضرين. آمين."