المطران ابراهيم يدعو إلى أوسع حملة تضامن اجتماعيّ
وجاء في البيان: "كنت جائعاً فأطعمتموني".
تشتدّ الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة والمعيشيّة في لبنان منذرة بتطوّرات مأساويّة على كلّ المستويات، ممّا يهدّد الانتظام العامّ ويحوّل الدّولة ومؤسّساتها إلى أرض مستباحة، ويبرّر اعتماد شريعة الغاب في تحصيل الحقوق. لقد أمعنت الغالبيّة السّاحقة من مكوّنات الطّبقة السّياسيّة في التّخلّي عن مسؤوليّاتها القياديّة ففضّلت مصالحها ومصالح أنصارها على المصالح الوطنيّة، وتمادت في سرقة ونهب الأموال العامّة وجنى أعمار النّاس المودعة في المصارف، ممّا أدّى إلى غياب الطّبقة الوسطى، وهي صمّام أمان واستقرار المجتمعات، وانتقال أغلب مكوّناتها إلى أحضان الفقر والعوز والحاجة.
من هذا المنطلق، وتحسّسًا منّا مع آلام النّاس، وخصوصًا الفقراء منهم الّذين يعجزون عن تأمين المدارس لأولادهم والأدوية لمرضاهم والقوت لعيالهم والمحروقات للتّدفئة على أبواب الشّتاء، ندعو إلى:
١ - يقظة ضمير وطنيّة لدى المسؤولين لتدارك الكوارث الكبرى قبل وقوعها، من خلال انتخاب رئيس للجمهوريّة ضمن المهلة الدّستوريّة يستلم الأمانة ويبادر إلى الإصلاح وطمأنة النّاس، وتشكيل حكومة قادرة وفاعلة تبادر إلى معالجة المشكلات ووضع الحلول بأسرع وقت ممكن، لأنّ أيّ تلكّؤ أو تأخير سيؤجّج شكاوى النّاس وسيحوّل غضبهم وتذمّرهم إلى فوضى يمكن أن تجرف في طريقها كلّ ما تبقّى من مقوّمات صمود وبقاء لهذا الوطن.
٢ - إنّنا، إذ نسخّر كلّ مواردنا في المطرانيّة لتخفيف آلام النّاس، ندعو إلى أوسع حملة تضامن اجتماعيّ بين الأغنياء والمتموّلين والفقراء والمحتاجين من خلال الجمعيّات الخيريّة ومؤسّسات الرّعاية الاجتماعيّة، كما ندعو إدارات المدارس الخاصّة إلى تقليص أرباحها إلى الحدّ الأدنى مع الحفاظ على حقوق المعلّمين وتوزيع المساعدات الّتي تصلها بشكل عادل على أصحابها، واستقبال الطّلّاب الفقراء والمحتاجين وعدم إذلالهم أمام رفاقهم، عبر الامتناع عن تزويدهم بالقرطاسيّة أو مطالبتهم بالأقساط. كما نطالب المستشفيات بأن تكون بيوتًا للرّحمة توازن، بمساعدة الأطبّاء، بين نفقاتها التّشغيليّة الضّروريّة والأوضاع الماليّة للمرضى.
٣ - ندعو السّياسيّين وأصحاب المصارف والأثرياء القدامى والجدد الّذين استفادوا من الأزمات لمراكمة الثّروات إلى إيقاظ بقايا الضّمير الإنسانيّ لديهم، من خلال إعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج إلى خزينة الدّولة، والتّوقّف عن كلّ مظاهر الفحش والغنى، ونشرها خصوصًا عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ. فليس ضروريًّا ولا إنسانيًّا ولا أخلاقيًّا أن نجرح الفقراء مرّتين: الأولى، عبر سرقة رواتبهم ومدّخراتهم، والثّانية من خلال التّمتّع علنًا بهذه الأموال المسروقة.
أخيرًا إنّنا نرفع الصّوت محذّرين من مغبّة الاستمرار في هذه السّياسات الخاطئة، ونصلّي كي يلهم الله المسؤولين وأصحاب القرار كي يكونوا قادة ومسؤولين".