المطران ابراهيم للكهنة: ليكن هذا الأسبوع تجديدًا لعهودنا وتثبيتًا لمحبّتنا وتقديسًا لرسالتنا
"نقف على عتبة أسبوع هو قلب الزّمن اللّيتورجيّ، وجوهر سرّ الفداء: أسبوع الآلام المقدّسة. ندخله لا كمتفرّجين على دراما إلهيّة من بعيد، بل كمشاركين في سرٍّ يفوق الإدراك، لأنّنا نحمل في أجسادنا نحن الكهنة آثار موت الرّبّ يسوع، لنُظهر حياته في كلّ خدمة، وفي كلّ ذبيحة، وفي كلّ كلمة.
أيّها الإخوة،
إنّ آلام المسيح ليست مشهدًا تاريخيًّا نُعيد تلاوته، بل سرًّا نحياه في عمق رسالتنا، كلّ يوم، ومع كلّ نفس نخدمها. فالمسيح المصلوب لا يزال اليوم يحمل خطايا العالم، في أوطان تنزف، وقلوب تتمزّق، وأرواح تئنُّ تحت ثقل الصّليب. وكلّ مرّة نقف فيها أمام المذبح، نُدرك أنّنا لا نحتفل بذكرى، بل نتّحد بسرّ الذّبيحة، ونقدّم أنفسنا معه قربانًا حيًّا، مرضيًّا لله.
دعونا ندخل أسبوع الآلام بقلب كهنوتيّ نقيّ، متواضع، وملتئم بالصّليب.
دعونا نخلع عنا رداء الرّتابة، ونتّشح برداء الحبّ المضطرم، فنُصغي مع التّلاميذ إلى أنينه في بستان الزّيتون، ونبكي معه في المحاكمة، ونصمت معه عند الجلد، ونصمد تحت الصّليب مع أمّه، ونقوم معه فجر الأحد بقيامة جديدة في رعيّتنا، في كنيستنا، في قلوبنا.
ليس المطلوب أن نفهم الألم، بل أن نحمله معه.
ليس المطلوب أن نفسّر الدّموع، بل أن نمسحها باسم المصلوب.
ليس المطلوب أن نتهرّب من الصّليب، بل أن نعانقه بثقة الحبيب.
يا إخوتي،
ليكن هذا الأسبوع فرصة لنعود إلى جوهر الكهنوت: أن نكون صورة المسيح الرّاعي المتألّم من أجل الخراف، الرّافعهم على كتفيه، والغافر لخطاياهم بدمه الكريم.
ليكن أسبوع الآلام هذا، تجديدًا لعهودنا، وتثبيتًا لمحبّتنا، وتقديسًا لرسالتنا.
فلنمشِ مع يسوع في درب الجلجلة، لا بخوف بل بإيمان، لا بضعف بل برجاء،
متيقنين أن “أنَّ آلامَ الزَّمانِ الحاضِرِ لا تُقاسُ بالمَجدِ العَتيدِ أنْ يُستَعلَنَ فينا".
مع يسوع، الألم يتحوّل خلاصًا، ومع الكهنة، تُعلن الكنيسة وجهها المتألّم والمُحبّ في آنٍ معًا. بقيّة صوم مبارك، وأسبوع آلام مقدس، وليكن فصحكم مليئًا بالقيامة الحقيقيّة، لكم ولرعاياكم وللنّفوس الّتي تخدمونها بالحبّ والتّضحية."