المطران ابراهيم: لبنان مرّ بالأصعبِ، والأصعب راح!
"أَيَّتُها الأخواتُ والإخوةُ المحبوبون في الرّبِّ،
في ميلادي الأوَّل معكم، أحمل لكم بشرى الملائكة السّارَّة الّتي توجَّهوا بها إلى الرّعاة: لا تخافوا، فها أنا أبشِّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشّعب... المَجْدُ لله في العُلَى، وعَلى الأَرْضِ السَّلام، والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر. (لوقا 2 /1-20).
البشرى السّارَّة لا توقفها أحزان الأرض، ولا تخضع لشروط بشريَّة. إذا منحك الله الفرح، فلا أحد يقدر على أن ينتزعه منك. لا جراحٌ، لا ألمٌ، ولا فقرٌ.
الإنجيل مليء بالعِبَر! اقرأوه، تجدوا أنَّ ميلاد الرّبِّ يسوع حصل "في أيَّام هيرودس الملك". (مت 2: 1)، في عهدِ ملكٍ كان من أوحش ملوك إسرائيل، إذ قتل كثيرًا من النّاس ولم يوفِّر أحدًا، حتَّى أولاده الثّلاثة. في خضمِّ ذلك الزّمن الموحش، "وُلِدَ يسوعُ في بيت لحم اليهوديَّة".
وُلِدَ يسوع، وميلاده لم يمنع أطفالًا أبرياء من أن يُقتَلوا ظلمًا. لماذا هذه العبثيِّة؟ لأنَّ الحال هو هكذا دائمًا. الرّبُّ لا يُلغي الشّرَّ إذا لم يُلغه الإنسان من قلبه، وإذا لم يتعاون معه بنو البشر. يسوع لم يمنع قتل الأطفال، لكنَّه ساواهم في تحمُّل الشّرِّ.... تهجَّر هو أيضًا. إنسلخ من بيته، وربُّما لم يتسنَّ له أن يحمل معه هداياه، لا اللُّبان ولا المرَّ ولا الذّهب!
لبنان اليومَ، يشبه "أيَّام هيرودس": ظُلمٌ مُستَشْرٍ، أُفقٌ مُسْوَدٌّ، فَقرٌ مُدقعٌ، أَنينٌ في الشّوارع همسه مُفجعٌ، ودموعٌ تَنْسَكَب خِيفةً وخَفِيَّةً في الضّلوع وزوايا البيوت الفقيرة... ومع ذلك، لا يخيب الرّجاء.
مَن يُرد الأمل والرّجاء، فليعِش ميلاد الرّبِّ في قلبه: هناك دائمًا رجاء. هناك دائمًا نجم في السّماء. راجعوا التّاريخ، ترَوْا أَنَّ لبنان مرّ بالأصعبِ، والأصعب راح. مرَّ عليه الويل، والويل انزاح. مرَّ عليه الظّالمون، والظّالمون اندثروا. مرَّ عليه اللّيل، واللّيل عَقبَه النّهار.
هذا ليس شعرًا! إنَّه واقعٌ خَبِرهُ أجدادُنا بلحمهم الحيِّ. إستخرجوا الرّجاء من علقمِ واقعهم المرِّ. هذا هو "إنجيلهم" الحيُّ، كتبوه بالدّمّ والدّموع. لماذا ثَبتوا! لأنَّهم تمسَّكوا بإيمانهم، ووضعوا رجاءهم في الإله الحيِّ.
أَحبَّائي،
أضعكم قرب مذود الرّبِّ، تحت نظر العذراء البتول، سيِّدة النّجاة، وسيِّدة زحلة والبقاع، وتحت نظر يوسف الرّائع. يسهران عليكم... فلا تفزع قلوبكم.
أمَّا أنا، فقد أتيت إليكم في هذا الزّمن المجيد، وُلِدتُ لكم من جديدٍ، وكم أشكركم على حفاوة الاستقبال وجودة التّنظيم، وكرم الضّيافة الّتي تمَّت بتوجيهات وجهودِ سيادةِ المطران عصام يوحنَّا درويش الفائق الاحترام الّذي لم يَألُ جَهدًا في رفع راية هذه الأبرشيَّة المحبوبة، جاعلًا منها صرحًا عامرًا يُماثل زحلةَ في كِبَرِها وإرثها العظيمَين. سيِّدنا عصام وأنا كلانا سنتابع العمل لبلسمة الجراح كي يعبر كلُّنا هذا النّفق المظلم نحو الغد المشرق حتمًا.
صلُّوا من أجلي، يا أحبَّائي، كي يرشدني الرّبُّل إلى كلِّ عملٍ صالح. أنتم دائمًا في صلاتي، أدعو بالخير والبركات لمن أعرفه ولمن لم أتعرَّف إليه بعد.
ميلادٌ مجيدٌ وعامٌ مباركٌ وسعيدٌ."
وكان المطران ابراهيم قد احتفل بقدّاس عيد الميلاد المجيد بمشاركة المطران عصام يوحنّا درويش، والنّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم والأب إدمون بخاش وبحضور جمهور المؤمنين، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة.
كما احتفل بقدّاس ثاني الميلاد وتهنئة العذراء والدة الإله وعيد القدّيس يوسف في كنيسة القدّيس جاورجيوس عيتنيت، وهو قدّاسه الأوّل في منطقة البقاع الغربيّ بعد توليته على كرسيّ الأبرشيّة، بمشاركة المطران عصام يوحنّا درويش، وخادم الرّعيّة الأب شارل شامية والأبوين إيلياس ابراهيم وإدمون بخاش.