لبنان
19 أيار 2023, 08:45

المطران ابراهيم: لبنان لا يعمّر إلّا بعائلات عمرانة

تيلي لوميار/ نورسات
برعايته انطلقت دورات إعداد الزّواج في أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك، وعلى أهمّيّة العائلة في بناء الوطن شدّد راعي الأبرشيّة المطران إبراهيم إبراهيم في كلمة ألقاها خلال اللّقاء الأوّل الّذي عُقد في مطرانيّة سيّدة النّجاة، قال فيها تفصيلاً:

"أهلاً بالجميع نأمل أن يكون هذا التّحضير وقتًا مثمرًا يساعدكم في طريقكم في هذه الحياة الّتي لم تعد سهلة في كافّة المجالات خصوصًا في هذا البلد الواقع في مشاكل كثيرة، وبدأ أولاده يفقدون الثّقة به.

وطن الإنسان هو الإنسان. الإنسان القريب، الإنسان الّذي يحبّ، الأهل والأصدقاء، فكم بالأحرى إذا كان شريك الحياة الّذي هو الوطن الأهمّ. فإذا فقد الإنسان الثّقة بوطنه أيّ شريك حياته يصبح الوضع مشابهًا لما نعيشه اليوم لا بل أكثر وأصعب، يصبح هناك أزمات من كلّ النّواحي. وتخيّلوا إذا أسّس عائلة وانطلق وأصبح لديه أولاد ويصا آلة وقت يفقد الثّقة بأولاده أو الأولاد يفقدون ثقتهم به. وهنا أيضًا الوطن المحلّيّ الصّغير الّذي هو العائلة يتزعزع ويقع تحت الأزمات ويصبح هناك مشاكل كبيرة مشابهة للمشاكل الّتي نعيشها في لبنان، والوطن ممكن أن يدمّر، هناك امبراطوريّات اندثرت اندثارًا كاملاً عن خارطة العالم ولم يبقَ لها ذكر إلّا في التّاريخ. وممكن الأوطان الصّغيرة الّتي هي العائلات أن تندثر تحت وطأة المشاكل الّتي تعيشها، لذلك نحن اليوم أطلقنا هذه الدّورة الّتي ليس لها أهداف للاستفادة الخاصّة ولا لهدر الوقت، والهدف من الدّورة أنّ هناك رغبة صادقة بوجود أخصّائيّين لديهم إلمام علميّ عميق جدًّا في المواضيع الّتي يطرحونها بهدف مساعدتكم لبناء أساس صلب وقويّ تستطيعون لاحقًا البناء عليه لكي تكونوا جديرين بأن يصل المشوار إلى نهايته بالنّجاح والمحبّة الّتي نسمّيها الآن الحبّ ومع الوقت يتحوّل إلى محبّة .

وأنا أقول دائمًا للّذين يتهيّأون للزّواج أنّ الزّواج ليس اختلاط أو ضياع في الآخر أو اندماج تامّ. جبران خليل جبران يصف الزّوجين في سرّ الزّواج بعامودي الهيكل، والهيكل يستمرّ لأنّهم موجودين وهم أساسه لكن هما لا يلتقيان بمعنى أنّهم لا يذوبان ببعضهما البعض، يبقى لكلّ واحد شخصيّته، فالشّخص مخلوق ليكون مستقلّاً ومحافظًا على كيانه وديمومته، لها طابع الأبديّة، روحٌ لا تفنى ولا تضيع بأحد، تتّحد ولكنّها لا تذوب، الاتّحاد بالله هي قمّة القداسة لكن ليس لدرجة الذّوبان فيه لأنّ الله لا يريد ذلك. فكم بالأحرى إذا كان الزّوج والزّوجة يحاولان تحقيق المستحيل وهو الذّوبان ببعضهما البعض، والمستحيل لا يجوز أن ندقّ بابه كثيرًا مع العلم أنّ لا شيء مستحيل عند الله لكن عند النّاس هناك مستحيلات، نحن لسنا آلهة بالرّغم أنّ دعوتنا هي التّألّه. أن ندقّ باب المستحيلات معتقدين أنّه باستطاعتنا تحويلها ممكن علينا الابتعاد عنه في الحياة الزّوجيّة، يجب أن يبقى لدينا معرفة أنّ بعض الأمور يمكن أن تكبر علينا، عندها علينا التّعامل معها والتّعايش والتّفاهم معها بواقعيّة بهدف الحفاظ على الزّواج.

أشكر المشرفين على دورات الزّواج الأب إيلياس ابراهيم، الأب مارون غنطوس، الأب الياس الخوري، الدّكتور سامر بالش والدّكتور إيلي هرموش، وأقول لكم مبروك سلفًا، الزّواج هو بداية مسيرة يبقى الإنسان يتذكّرها عندما يضيّع البوصلة بسبب عدم التّحضير الكافي قد يصل إلى وقت يلعن فيه تلك السّاعة. مع الأسف هناك أعداد كبيرة من الزّيجات تتدمّر وتصل إلى حدّ الانفصال أو الطّلاق أو بطلان زواج. إن شاء الله مسيرتكم تنطلق من إدراك وفهم واستعداد وتأسيس قويّ لكي لا تستفيد عائلتكم فقط بل ليقوى كلّ الوطن. لبنان لا يعمّر إلّا بعائلات عمرانة".  

وبعد كلمته وزّع المطران ابراهيم نسخًا من الإنجيل المقدّس للمشاركين لكي يكون قدوة لهم في مسيرتهم الجديدة.