المطران ابراهيم في عيد مار أنطونيوس الكبير :أتينا نغلب الشّكّ بأنّ لبنان باقٍ بقوّة إيماننا به
بعد الإنجيل المقدّس ألقى ابراهيم عظة قال فيها: "اليوم هو عيد الرّاهب الأوّل، حبيب المسيح، أنطونيوس الكبير. وبالتّالي هو عيد كلّ الرّهبان. فيه نجدّد نذورنا الرّهبانيّة في السّير على خطى المسيح، مقتدين بصلاحه، عاملين لنيلِ خلاصه. آتين إلى هذا الدّير المقدّس في مسيرة حجٍّ، طالبين شفاعة أبِ الرّهبان أنطونيوس الكبير وشفاعة قدّيسي الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، الّتي تأسّست في لبنان فأسّسته وطنًا وملاذًا لجميع طلّاب الأمان والحرّيّة. هذه الرّهبانيّة الّتي تأسّست في دير قنّوبين عام ١٦٩٥ على يد ثلاثةِ شبّانٍ موارنة ينحدرون من عائلات مارونيّة حلبيّة عريقة. وقد جاء في قوانين هذه الرّهبانيّة أنّها طريقةٌ ثابتة من طُرق الحياة الرّهبانيّة الأصيلة. تسير وفق التّقليد الرّهبانيّ على هَدي روح الكنيسة المارونيّة السّريانيّة الأنطاكيّة... تعتمد فِي تنظيمها الحياةَ المشتركة وحياة الصّلاة والصّمت والسّكينة والأَعمال النّسكيّة. كما أنَّها تلتزم الأعمال الرّسوليّة، انطلاقًا من الدّير وعودًا إليه، تماشيًا مع تاريخها وتلبيةً لحاجة الكنيسة" (مادّة 1. 3).
أمّا عندنا هنا في زحلة فإنّ الرّهبانيّة فبدأت رسالتها في زحلة والبقاع عام ١٧٧١ أيّ منذ ٢٥٢ سنة، حيث كان للرّهبان دورًا بارزًا في المدينة والمنطقة على كافّة الأصعدة الرّوحيّة، والثّقافيّة، والإنسانيّة، والجامعيّة، والرّعويّة، والزّراعيّة، والاجتماعيّة، فكانوا جنودًا في خدمة الكنيسة وزحلة وأهلها غير منقطعين عن العالم الزّحليّ بل حاضرين في ما بين النّاس.
القدّيس أنطونيوس على مثال الرّسل ألقى الشّبكة على كلمة السّيّد المسيح فاصطاد الصّيد الوفير وهو في عمق الصّحراء. لم يسطع الشّكّ أن يغلب إيمانه ولا قساوة الصّحراء أن تجفّف رجاءه.
هنا في دير مار أنطونيوس الكبير يصيبني بعض من خجل وأنا على مقربة من ذخائر من بثقته التّامّة بالتّدبير الإلهيّ استطاع أن يضيء مصباحه بالماء لأنّ الشّكّ بكى خلف باب قلبه وفكره دون أن يتمكّن يومًا من الدّخول. لكن بثقة إيماني بشفاعة مار شربل فإنّي سوف أجدّد ثقة إبراهيم بضرورة السّير نحو المجهول في رحلة عبثيّة فيها ترتفع يمين طاعته لقتل اسحق على مذبح محبّة الله.
في دير مار أنطونيوس يصيبني بعض من خجل وأنا في صومعة أبي الرّهبان أفتّش معكم عن طُرق محو الخوف والشّكّ للوصول إلى ثقة أنطونيوس الّتي ما غلبها يومٌ لا خوف ولا شكّ.
نحن أتينا نغلب الشّكّ بأنّ لبنان باقٍ بقوّة إيماننا به رغم الأزمات والملمّات. نحنُ أتينا لنصرخ مع الّذين تقوّوا من ضعف ونقول: نحن نؤمن يا ربّ فأعن قلّة إيماننا.
نحنا من دونك يا ربّ نصير بلا إرادة وبلا ذات، بلا إسم وبلا هويّة لأنّنا منك وإذا شكّينا فيك نكون نشكّ بذاتنا. أنت يا ربّ حقيقة الحقائق وعقلنا في تفتيش دائم عنك ويطلب الايمان، وإيماننا يطلب العقل. أعطنا يا ربّ عطيّة الإيمان أوّلاً، حتّى إذا آمنّا يكون إيماننا عاقل. واجعلنان، في هذه اللّيلة، ليلة عيد القدّيس أنطونيوس الكبير، نكتشف قسمًا من الحقيقة الّتي هي أنت."
وإختتم المطران ابراهيم": "أودّ أن أعايد الرّئيس العامّ للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الأباتي هادي محفوظ ورئيس الدّير الأب موسى عقيقي وكلّ الرّهبان الّذين خدموا هذا الدّير وهذه المدينة بتجرّد وتفاني. كما أعايد كلّ الرّهبان الّذين خدموا ويخدمون رعايا الرّهبانيّة في البقاع وزحلة وحوش الأمراء والمعلّقة وأبلح وعين زبدة ومجدلون، وفي كنيسة مار شربل ومزار القدّيسة رفقا في زحلة والعاملين في فرع جامعة الرّوح القدس في زحلة الّذي تأسّس بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل الأهل تقصيرًا للمسافات وتثبيتًا للشّباب في بقاعنا الغالي. كلّ عيد وأنتم بألف خير!".