المطران ابراهيم في عيد انتقال السيدة العذراء :أسأل العذراء أن تُرشد القيّمين في لبنان إلى صحوة ضمير
"أهلاً وسهلاً بكم في هذه الكاتدرائيّة التّاريخية المقدّسة، كاتدرائيّة سيّدة النّجاة في زحلة. كنت أتمنّى أن أذكركم فردًا فردًا لأشكركم على محبّتكم وأعطيكم البعض من حقّكم علينا.
في هذا اليوم المبارك، نستذكر نِعمَ الله على مدينة زحلة وسكّانها، الذين اختاروا منذ أجيال طويلة سيّدة النّجاة شفيعة وحامية لهم ولعائلاتهم. وقد شهدت هذه الكاتدرائيّة العديد من المحن والمصائب التي أصابت زحلة وأهلها، من حروب ومجاعات وأوبئة، ولكنّها بقيت شامخة وصامدة، بفضل شفاعة سيّدة النّجاة التي حمتها وحفظتها ونجتها.
سيّدة النّجاة هي رمز ومنارة لزحلة، وتاجٌ مرصّع على رأسها. هي أمٌ بين بنيها. وهم أهل وفاء وحبّ وإخلاص لأمّهم السّماويّة. يحتفلون بعيدها عامًا بعد عام بكلّ إيمان ورجاء ويتوجّهون زَرَافَاتٍ ووُحْدانًا إلى كاتدرائيّتها حيث تجثو الرُكَب وتنهمر دموع التّائبين التي تمسحها العذراء بلمسات التّحنن والعناية.
بين زحلة وسيّدة النّجاة قصّة عشق وإكرام. فلنشكر الله على هذه النّعمة العظيمة التي أنعم بها على مدينة زحلة وأهلها، بأن جعل سيّدة النّجاة حامية وشفيعة لهم. ولنشكر سيّدة النّجاة على كلّ ما قدَّمته لنا من نصر وعون وبركة. ولنطلب منها أن تزيدنا إيمانًا وأملاً ومحبّةً، وأن تقودنا إلى السّماء حيث هي، لنرى وجه ابنها السّنيّ، ونسبّحه مع جميع الملائكة والقدّيسين على الدّوام.
ولأنّ السّيّدة العذراء أحبّت بدون حدود أو شروط ابنها يسوع، فإنّها تحبّنا على قدرِ حُبّه لنا وهي تدرك أكثر من أيّ شخص آخر معاناة البشرِ وحاجاتهم. لذلك هي تشفع لنا عند ابنها الحبيب، وتستجيب لصلواتنا وطلباتنا بكلّ رحمة وشفقة. فالسّيّدة البتول هي أمّنا جميعًا، تحبّنا بنبضٍ أموميّ لا ينضب، وتقف أمام صليبنا كما وقفت أمام صليبه. إنّها معنا كما كانت معه. ويعبر سيفٌ في صدرها كلّما رأتنا نتألّم على مثاله ونُصلَبُ بدون جُرمٍ أو ذنب. وهي بنوع خاصّ سيّدة زحلة والبقاع وأمّ كلّ زحليّ وبقاعيّ يلتجأ إليها بقلب طاهر وتوبة عميقة طالبًا منها الشّفاعة لدى ابنها وإلهها يسوع. وكم لطِلبةُ الأم قوةٌ على استعطاف الإبن. في دفء حُضنها نضع أدعيتنا بما فيها من أنين وشقاء، من امتنان وشكر، من ضعف ومرض ومن حُزن وفرح. بين يديها نستودعُ لبنان وأهله وزحلة وبقاعنا الغالي كي تحمينا وهي سيّدة النّجاة، السّيّدة التي تنجّي. فلنستغل هذا العيد المجيد، الذي يحلو لنا أن نسمّيه منذ الصّغر وحتّى آخر العُمر "عيد السّيّدة"، عيدَ الذّكريات والمحطّات المحفورة في الذّاكرة. لنشكر السّيّدة العذراء على كل ما قدَّمته لنا من نِعمٍ وبركات، ولنطلب منها أن تستمرّ في شفاعتها لنا وحمايتنا من كلّ شرّ وضرر. ولنسألها أن تزيدنا إيمانًا وأملاً ومحبّةً وتعلّقًا بإيماننا وأرض لُبنانِنا المقدّسة. ولنطلب منها أيضًا أن تحرس لبنان وأهله في أزمنة المِحن والشّدائد وأن تُرشد القيّمين فيه إلى صحوة ضمير لم يكن لنا شرف التّعرف عليه وما عهدناه أصلاً إلّا في غيبوبة تامّة وغياب وهجر."
وتوجّه إلى الكهنة قائلًا" "في الختام أودّ أن أتوجّه إليكم يا إخوتي الكهنة الأحبّاء معبّرًا عن افتخاري بقلوبكم المُحبّة وعقولكم المستنيرة وإرادة الخدمة الصّالحة التي شاهدتها وشهِدتُ بها فيكُم. لقد تعلّمت الكثير من التزامكم ومحبّتكم ومشورتكم الغيورة. أنتم أسيادي وإخوتي وأحبّتي وأصدقائي وأنتم قوةُ هذه الأبرشيّة وثباتُها وإشعاعها الدّائم. يسوع يتوجّه إليكم اليوم في عيد أمه كما توجّه إلى يوحنّا وهو على الصّليب قائلًا له: يا يوحنّا هذه أمّك. وهو يقول لكم الآن: يا أبنائي الكهنة هذه أمّكم وأنتم أبناؤها وواجبُ كلِّ واحد منكم أن يأخذ مريم معه إلى بيته الخاصّ أيّ إلى قلبه وفكره وإلى رعيّته ورسالته. لا قوّة لكم من دونها ولا قلب حنون كقلبها ترنون إليه."
وإختتم المطران ابراهيم بالقول " فلنحمد الله على هذه النّعمة العظيمة، نعمةِ وجودِ مريم في حياتنا ولنشكرها على كلّ ما قدَّمته لنا من حبّ ورحمة وشفاعة. ولنطلب منها أن تزيدنا نعمة وبركة وسلامًا. ولنسألها أن تقودنا إلى السّماء حيث هي، لنرى وجه ابنها البهيّ، ونسبّحه مع جميع الملائكة والقدّيسين، إلى الأبد."