المطران ابراهيم في ذكرى غياب المطران أندره حدّاد: أرسلته السّماء لزحلة وللبقاع أسقفًا وقائدًا روحيًا ووطنيًا
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة قال فيها: "في مثل هذا اليوم، منذ ستِّ سنواتٍ خلت، انتقل إلى السّماء مَن أرسلته السّماء لزحلة وللبقاع أسقفًا وقائدًا روحيًّا ووطنيًّا هو المثلّث الرّحمات، المطران أندره حدّاد. إنّها وقفةٌ ليست للحزن على فقدان قامة رفيعة فحسب، بل هي وقتٌ لاستذكار إرثه وتأثيره الإيجابيّ على مفاصل حياة هذه المدينة وهذه الأبرشيّة.
المطران أندره حدّاد كان بنَّاءً بامتياز ورمزًا للقيادة والجرأة والشّجاعة والبسالة والمروءة والإقدام والقوّة والصّلابة والوطنيّة والصّدق والثّبات والدّقة والتّرتيب والتّنظيم وسرعة البديهة وخفّة الظّلّ وروح الشّباب وغيرها من الصّفات الّتي توَّجها المطران أندره حدّاد بتاج الإيمان والرّحمة والمحبّة. كان يعيش ويعمل بروح الخدمة والتّفاني، وكان دائمًا مستعدًّا لمساعدة الآخرين وتقديم يد العون للمحتاجين بخُفيةِ مَن يحافظُ على كرامتهم ويغارُ على سمعتهم. علّم المحبّة بمثال سيرته وقوله وفعله وكارزماتيكيّته الفريدة. لذلك فاز بقلوب الزّحليّين ومحبّة البقاعيّين. إنّ إرثه الرّوحيّ والإنسانيّ يذكّرنا بأهمّيّة الاستقامة والثّبات في الإيمان، حتّى في وجه الصّعاب.
عندما نتأمّل في أسقفيّة وشخصيّة المطران إندره نجد قائدًا استثنائيًّا. قائدًا يتحلّى بالتّواضع والعطف والصّدق. لم يأتِ ليحكُم، بل ليخدُم، وهذا هو العنصر الأساسيّ في مفهوم القيادة المسيحيّة. علَّمنا يسوع أنّ القائد الحقيقيّ هو الشّخص الّذي يضع خدمة الآخرين في المقدّمة ويتحمّل المسؤوليّة بكلّ تواضع. "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَلأكْبَرَ بينْكُمْ فَلْيَكُنْ خَادِمًا لِلْجَمِيع" (مرقس 10: 43). هذا هو الأساس الّذي يجب أن تقوم عليه قيادتنا. إنّ معنى القيادة في المسيحيّة ليست مجرّد منصب أو سلطة نختبئُ خلفها ونستغلُها، بل هي خدمة روحيّة نقيّة تستدعي التّضحية والصّدق والمحبّة.
صفاتُ المطران أندره الإنسانيّة هذه لم تقلّل من مزاياه الرّوحيّة لأنّه عاش حياة مليئة بالإيمان والرّجاء وكان موقنًا لقوّة الصّلاة والاعتماد على الله وسيّدة النّجاة في كلّ تحدٍّ. صمودُه في غمرة العواصف لم تنبُع من فراغ، بل من شخصيّة مسكوبة بقالب الرّوح وعمق الإيمان وقدرة استثنائيّة على التّواصل مع ينبوع القدرة الّذي هو الله.
في هذه الذّكرى، يجب علينا أن نستمدّ القوّة والإلهام من حياة المطران أندره. يجب أن نتعلّم منه كيف نكون خدّامًا حقيقيّين للمجتمع وكيف نعيش حياة تعكس قيم الرّحمة والمحبّة والعطاء.
تعالوا أيّها الإخوة والأخوات لنؤدّي واجب الشّكر لله على هذا القدوة الرّوحيّة الرّائعة الّتي قدّمها لنا المطران أندره حدّاد. ولنستمرّ في بذل الجهد لنكون على مثاله في محبّة زحلة والبقاع ولبنان ولنحمل راية المودّة والسّلام في مجتمعنا وفي العالم.
فلنتابع الصّلاة من أجل روح المطران أندره ولنحمل إرثه في قلوبنا وأفعالنا. ولنكن خدّامًا مخلصين للمسيح وللإنسانيّة، ولنحتفظ دائمًا بذكراه كمصدر إلهام لنا جميعًا.
في الختام، دعونا نتذكّر أنّ حياتنا هي فرصة لنترك بصمة إيجابيّة ولنكون نورًا في حياة الآخرين، تلك هي الرّسالة الّتي تركها لكم ولي المطران العظيم أندره عجاج حدّاد.
المسيح قام! حقًّا قام!".
وفي نهاية القدّاس أقيمت صلاة النّياحة لراحة نفسه، وانتقل بعدها الحضور إلى صالون الفرزل في المطرانيّة حيث تقبّل المطران ابراهيم وعائلة المطران حدّاد والآباء التّعازي.