لبنان
12 كانون الأول 2022, 12:50

المطران ابراهيم في الذّكرى الخامسة لغياب المطران حدّاد: كم يفتقد لبنان اليوم قادةً على مثاله

تيلي لوميار/ نورسات
أحيت أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك الذّكرى الخامسة لانتقال راعيها الأسبق المثلّث الرّحمات المطران أندره حدّاد إلى البيت السّماويّ، في قدّاس وجنّاز تذكاريّين ترأّسهما راعي الأبرشيّة المطران ابرهيم مخايل ابراهيم، بمشاركة لفيف من الكهنة، بحضور فعاليّات وحشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس كان للمطران ابراهيم عظة تحدّث فيها عن صفات المطران أندره وحاجتنا إلى أمثاله في هذا الوقت العصيب وممّا قال :"نعود بالذّاكرة إلى يوم صعب في تاريخ زحلة، فلقد كان يومُ الثّالثَ عشرَ من شهر كانون الأوّل من العام 2017 يومًا حزينًا في تاريخ زحلة بانتقال المطران أندره حدّاد إلى الأخدار السّماويّة. رحمَ اللهُ مُطرانَ الشّبابِ وصاحبَ المواقف ِالشّجاعة واللّباقة في الكلام! زحلة لن تنسى كلماتِه: "أنتم فرحي وتاجُ مجدي، أنتم أحبّائي، إخوتي، أصدقائي، لكلّ منكم في قلبي مكان وحبّ كبير". سيّدنا أندره كان أفضل الواعظين في الكتاب المقدّس لما يقارب 34 عامًا وهي سنوات رئاسته لأبرشيّة الفرزل وزحلة، في أدقّ الظّروف وأصعبها كان الرّجل الوحيد الّذي استطاع في زمانه أن يرفع عصاه في وجه كلّ المتطاولين على كرامة زحلة وأهلها.

هو تلميذ كبير ليسوع نذر حياته لخدمة المسيح بجرأة وشجاعة وتصميم وصدق وكِبَر وشهامة. لا أنسى أيّامَ كنتُ في الإكليريكيّة الصّغرى منذ 45 سنة كيف كنّا نتمنّى أن نراه، أن نلمحه، لأنّه صاحب شخصيّةٍ متميّزة ومزيّنة بالمواهب وبعفويّة معجونة بالجاذبيّة والكلمة السّحريّة والنّبرة العريضة. كَبُرنا وكبُر فينا تقديرُنا لرمز من رموز رهبانيّتنا الباسيليّة المخلّصيّة ولركيزةٍ من ركائز كنيستنا الملكيّة. هو من روم وجبل شرق صيدون الّتي في نواحيها بشر المسيحُ وارتاح متأمّلاً بتاريخها وسحرِ جمالها. هو ابن دير المخلّصِ عرينِ المصلّين المتخشّعين بصوامع المحبّة وهياكل الرّوح. هو الكاهن الرّسولُ والقائد المِقدام الّذي ينقلك من عواصف القلق إلى قلاع الثّبات والإيمان. هو مطران الشّباب ومطران العروسِ الأبهى جمالاً بين المدائن، جارةَ الوادي الّتي تعلو قدرًا عن قِمَمِ الجبالِ المحيطة بها، زحلة دار السّلام. هو القائد بالفطرة، المبدع بجمع القوّة مع الحكمة مع التّواضع، وهو صاحبُ الضّحكة المشعّةِ فرحًا نابعًا من قلب يتّسعُ للجميع. إرتبط اسمُهُ باسم زحلة ارتباطًا أبديًّا لأنّه أحبّ زحلةَ حبًّا أبديًّا، وأحبّها أكثرَ من ذاته فكان الرّاعي الصّالح الّذي كان مستعدًّا على الدّوام أن يبذُل نفسَه عن رعيّته.

المطران أندره كان خبيرًا في تدوير الزّوايا ويعرف جيّدًا متى وكيف يأخذ المبادرة ويقول: "الأمرُ لي "هو المولود باسم "جوزف" ابن منطقتي الغالية، منطقة جزّين الّذي اختار اسمه الكنسيّ أندره تيمّنًا بالقدّيس أندراوس. "تزحلن" ورفض طلب عائلته التّقاعد في بلدته روم قائلاً: "أنا لا أترك زحلة"، هو الّذي لا تزالُ بصماتُ أعمالِه مطبوعةً في معظم مؤسّسات المدينة الاجتماعيّة والكنسيّة ولا يزال أسمه في قلوب الزّحليّين الّذين يردّدون دومًا "ضيعانو".

أصاب غبطةُ البطريرك يوسف لمّا قال في يوم تأبينه في 17/12/2017 "إيمان المطران أندره ما كان ليجعله منطويًا على ذاته ولا متعصّبًا، لا بل جعل منه رجلاً جامعًا منفتحًا، كما مدّ يده لجميع الجهات والكنائس الشّقيقة رغبة منه في التّماسك والتّعاون على مبدأ المواطنة. عشق لُبنان وآمن بشدّة "أنّ البلد يتّسع للجميع."  

وظّفَ صداقاتِه وعلاقاتِه الّتي ربطته بجهات فاعلة، من أجل أهل زحلة في أحلك الأزمان، وكان يستقطب الجميع إليه، وما كانت تقع مشكلة حتّى المعقّدة منها إلّا وتنتهي بخير وسلام، بفضل تلك العلاقات الّتي أجاد نسجَها بدماثة أخلاقه وطيبِ معشره وحكمته وإرادته الصّالحة.

كم يفتقد لبنان اليوم قادةً على مثال المطران أندره حدّاد، قادةً من حجم الأزمات قادرين على مواجهتها بجرأة وحلِّها بجدارة، بدلاً من تسبّبها وخلقها.

نم قرير العين يا حبيب قلوب الزّحليّين والبقاعيّين وسائر اللّبنانيّين مع الأبرار والقدّيسين إلى الأبد… المسيح قام... حقًّا قام."