المطران ابراهيم شارك بصلاة النّوم في مار جاورجيوس- الدّكوة
وللمناسبة، كانت للمطران ابراهيم كلمة جاء فيها:" أشكر الأب جورج بشير، الأب شربل راشد، المختار وكلّ الّذين بتعبون في خدمة هذه البلدة، وكلاء الوقف والجوقة، وكلّ الّذين يقدّمون في العلن أو في السّرّ من وقتهم وجهدهم ومحبّتهم للكنيسة، في زمن الحزن والتّعب أمثال هؤلاء يساهمون بصمود الوطن والمجتمع ويؤمّنون له الاستمراريّة وإلّا كان انهار وتدمّر من كثرة الظّلام والألم والجراح .
بعد قيامة يسوع كان هناك حزن كبير لدى كلّ الّذين عرفوه والّذين تبعوه ولدى تلاميذه، هذا الحزن انتشر لدى كلّ النّاس الّذين يحبّون الحقيقة والحقّ والطّريق والحياة. كان هناك تلميذان من التّلاميذ تأثّروا كثيرًا بموت السّيّد المسيح وكانا يسيران باتّجاه عمّاوس. وخلال الطّريق كانا يتناقشان حول ألمهم الكبير وجرجهم الكبير كما هو حال اللّبنانيّين اليوم، إذ من غير الممكن أن يلتقوا في أيّ مكان دون التّعبير عن ألمهم وجرحهم الكبير. نحن نعيش هذا الزّمن الصّعب، زمن الحزن، زمن الانهيار، زمن فقدان الأمل وربّما الإحباط لكن لا نعلم أنّ الرّجاء موجود معنا والأمل موجود فينا، كما الشّخص الثّالث الغريب الّذي انضمّ إلى التّلميذين في المسير وسألهم عن سبب حزنهم الكبير، فأجاباه عن صلب الإنسان البارّ الّذي يؤمن بالبشر والإنسانيّة وبالخلاص، الّذي عمل لكي يرسم بين النّاس ملكوت الله ويبشّر بالخلاص والحياة الأبديّة، فأجابهم ألم تسمعوا ما جاء في الكتب؟ وبدأ يشرح لهم ويخبرهم النّبوّة الّتي هو أطلقها وغيره من الأنبياء بأنّ المسيح يقوم في اليوم الثّالث. وبالرّغم من ذلك لم يكتشفوا من هو هذا الغريب، كما نحن اليوم سائرون في طريق الحزن لكن غير مدركين أنّ الله معنا ونحن كلّ يوم نرتّلها "إنّ الله معنا فاعلموا أيّها الأمم وانهزموا لأنّ الله معنا" لكن لا نعيشها ونستسلم لليأس والحزن. وعندما وصل التّلميذان إلى البيت دعيا الغريب إلى المبيت عندهم لأنّ المغيب قد حلّ وانتشرت الظّلمة، فجلس معهم على العشاء، ويقول الإنجيل عند كسر الخبز تذكّر التّلميذان المعلّم الّذي كان يكسر الخبز ويوزّعه على تلاميذه، ولمّا عرفاه اختفى وحلّ مكان الحزن في قلبيهما فرح لا يقاس."
وأضاف:"أنا أتمنّى أن ننطلق من هذه الكنيسة مملوئين بالفرح والأمل والرّجاء بأنّ الغد لنا وأنّ لا أحد يستطيع أن يسلبنا كرامتنا لأنّ الله أعطانا إيّاها مجّانًا وزرعها فينا. وأنتم أهل السّهل وتعرفون معنى الزّرع، هكذا الرّبّ زرع الكرامة في قلوبنا، تزرع صغيرة كالأطفال وكلّما نمونا نمت معنا وهكذا أيضًا فرحنا يقول الإنجيل إنّ لا أحد يستطيع أن يسرق فرحنا منّا، ويقول يسوع "أتيت لتكون لهم الحياة وتكون لهم بوفرة ويكون لهم الفرح ويكون بوفرة" وعندما نتأكّد من ذلك ننظر إلى أنفسنا نظرة جديدة ونرى أنّنا أبناء الملك، ورثة العهد، ورثة الملكوت، وأنّه في شراييننا يسري الدّمّ الملوكيّ لأنّنا بيسوع المسيح أصبحنا أبناء الله وأخوة ليسوع المسيح، أبناء ليس بالولادة بالجسد لكن بالرّوح. ونحن في هذا الزّمن الصّعب لا شيء يستطيع أن يقوّينا أكثر من الإيمان بأنّ "الله معنا فاعلموا أيّها الأمم وانهزموا" من هي الأمم؟ الأزمة الاقتصاديّة الّتي نعيشها، الأمم ليسوا بالضّرورة أشخاصًا، وأحيانًا خلف الأوضاع والأزمات يكون هناك أشخاص عوض أن يسخّروا أنفسهم لخدمة المجتمع الّذين أوكلوا خدمته يقومون باستغلاله ويستعبدوا الشّعب ويفقروه وينزعوا منه الأمل والحرّيّة ومعرفة الذّات لكي يصبح الشّعب أدوات متحرّكة في أيديهم. الشّعب اللّبنانيّ لم يولد ليكون هكذا، ولا أحد يستطيع أن يستعبده. عبر الأجيال تعرّض للكثير من الأزمات لكن لم يستطع أحد أن يسلبه حرّيّته وذكاءه وكرامته وتعلّقه بأرضه."
وإختتم المطران ابراهيم كلمته قائلاً: "بلدة الدّكوة ربّما قائمة اليوم فوق مدينة رومانيّة قديمة تعود إلى 1700 سنة ربّما كانت مأهولة ومزدهرة وقويّة لكن زالت. ما هي أسباب زوال الأمبراطوريّات والبلدان والأوطان؟ الأسباب هي الإحباط، فقدان الأمل، الخيانة والخوف، وهي ما يجب أن نمحوه كلّيًّا من حياتنا لكي يبقى لبنان. لبنان يبقى إذا آمنّا به وآمنّا بذواتنا أيضًا كما نؤمن بالله، والإيمان بالله لا يكفي إذا كنّا قد خسرنا الأمل والإيمان في ذاتنا وبالآخرين.
لا تعتقدوا أنّكم على هامش الأبرشيّة والكنيسة أو بعيدون عن قلب الرّاعي. في بداية جولتي على الرّعايا سألت عن أصغر رعيّة لأبدّيها على الرّعايا الكبيرة، لأنّ المهمّ بنظري هو الإنسان الّذي يكبّر القلب والفكر، وأنتم بالنّسبة لي، أنتم قلب الأبرشيّة النّابض وفكرها النّيّر، أنتم في صلب اهتمامات الرّاعي، وإن شاء الله اللّقاءات تتكرّر ونصلّي سويًّا."