المطران ابراهيم ترأّس قدّاس رسامة ثلاثة كهنة على مذابح الرّهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة
بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى المطران إبراهيم عظة هنّأ فيها الكهنة الجدد وقال :""نشكرُ المسيحَ يسوعَ ربَّنا الّذي قوّانا واعتبرنا أُمناءَ، فدعانا إلى خدمته". بهذه الكلمات من القدّيس بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس وفي هذا المساء الجميل مِن على هذه الأكمّةِ النّيّرة، نعيش، معكم أيّها الأحبّاء في المسيح ومع الشّمامسة الإنجيليّين ريشار فرعون وبول دميرجيان وأنطوني أبو رجيلي، عنصرةً مُباركة حيث سينزِلُ الرّوحُ القدس بوضع يدي الضّعيفة ويحُلُّ عليهم في سرِّ الكهنوت المقدّس. روحُ الحقّ سيقيم عند كهنتنا الجدد ويكونُ فيهم على الدّوام. هو الّذي سيقوّيهم في الخدمة وتقديس الذّات وتقديس الآخرين عندما يصعُبُ المسير.
أشكر من كلّ قلبي كلَّ الّذين تعبوا في تربية هؤلاء الشّمّامسة الأفاضل وبنوع خاصّ أشكر والديهِم الَّذينِ زرعوا في قلوبهم محبّة الله والنّاس وقدّموهم لله في الرّهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة العامرة هديّة كريمة لا تُثمّن. من عميق الوجدان أتقدّمُ من أمّنا الرّهبانيّة المفدّاة بتحيّة التّقدير إذ لم توفِّر جُهدًا في تنشئة إخوتنا الكهنة الجدد تنشئةً إنسانيّةً ومسيحيّةً فاضلة.
أشكر قدسَ الرّئيسِ العامّ الأرشمندريت أنطوان ديب وحضرات الآباء المدبّرين الّذين أولوني ثقتهم وانتدبوني لأضع يدي الضّعيفة على رعاةٍ جددٍ ينضمّون أمناءَ مستحقّين إلى لائحة القدّيسين المخلّصيّين، إخوةِ الأب المكرّم بشارة أبو مراد. إلى عنايته أُسلِّمُهُم ولشفاعة أمِّنا العذراءِ مريم الفائقة القداسة.
ستشهدون بعد قليل رسامةَ كهنةٍ جدد يولدون من رحِمِ الرّوحِ القُدُسِ الّذي لا يتوقّف أبدًا عن تقديس الكنيسة. والكنيسة ليست ما تصوِّرُه اليوم لكم وسائلُ الإعلام بتركيزها على ما هو سلبيٌ فقط متناسيةً كلَّ الخيرَ الّذي يتحقّقُ حول العالم وكلَّ القداسةِ الّتي تُزرع في بقاع الأرض. الكنيسة هي أولئك الخُدَّامُ الصّالحون الّذي كرّسوا حياتهم لخدمة النّفوس والمجتمع. فالكاهن ليس كاهنًا للمسيحيّين فقط، أو لأبناء رعيّته فحسب، إنّه كاهن للإنسان، أيًّا كان ذلك الانسان: إنّه كاهنُ الملحدينَ والمجرمين والمسجونين والمدمنين والمختلفين عنّا باللّون والدّين والسّياسة والثقافة. نحن خدّام الإنسانيّة في وحدتها وفي تنوّعها، في فقرها وفي غناها، في مهانتها وفي مجدها. الكاهن هو خادمٌ يزرعُ السّلامَ والغفران والمحبّة مجّانًا. كما أخذ مجّانًا، مجّانًا يُعطي. لا يحدّدُ ثمنا للأسرار والخِدَم ولا يبيعها بيعًا، ولا يسعى لامتيازات مغرية ولا يستغلّ الضّعيف ولا يتكبّر ولا يحسِد ولا يغارُ ولا يغرّنَه مديحٌ ولا مالٌ ولا شُهرةٌ ولا سلطة، بل يكتفي بنعمةِ الله، لأنّ قوّة الكاهن في الضّعف تُكمَلُ. الكاهن ليس بائعًا ولا تاجرًا ولا سياسيًّا ولا موظّفًا، بل هو أخٌ وأبٌ وصديق. الكاهن ليس صيَّادَ الفُرص بل صيّادَ النّاس. يصطادُهم بصُدقه ومحبّته وتواضعه وإيمانه وأعماله وصلاته كي يقودهم للمسيح وللخلاص. الكنيسة اليوم تحتاج إلى كهنة يعيشون أكثرَ ممّا يتكلّمون، فشهادةُ الحياة هي أقوى وسائل التّبشير إطلاقًا، وهي أصعب بكثير من إلقاء عظةٍ بليغة. نحنُ نحتاجُ كهنةً لا انفصام بين ما يقولون وما يفعلون، بين ما به يؤمنون وما يعيشون. نحن نحتاجُ رعاةً لا يسعون إلى العيش فوق مستوى القطيع بل مثلهُ ومعهُ بتجرّد وشفافيّة.
الكاهن يجتهد أن يصطاد نفسه أوّلاً كي يخلّصها. عبثًا يحاولُ الكاهنُ أن يُعطيَ ما ليس عنده، ففاقدُ الشّيء لا يعطيه. إذا كنتم تريدون أن تُعطوا المسيح فعليكم أوّلاً أن تأخذوا المسيح وأن تأخذوه كلّ يوم مجدّدًا في قلوبكم ونفوسكم وقدرتكم وفكركم (لو 10: 27). بعد لحظاتٍ سينسكبُ المسيحُ فيكم بقوّة الرّوح القدس الّذي يَحُلُّ عليكُم في نعمة الكهنوت الّتي للمرضى تشفي وللنّاقصين تُكمّل. اليوم سيُعطَى لكم مجدُ الكهنوت الّذي يفوق مجد الملائكة، الّذين عندما ترفعون الأقداسَ يطوفون حولكم ساترين وجوههم أمام التّقدمة السّرّيّة. اليوم ستأخذون الوديعة وتحفظونها إلى تجلِّي ربِّنا يسوعَ المسيح، حينما يسألُكم عنها.
شو هالفرحة الكبيرة اليوم إنو نشوف إنّو الكنيسة بعدًا بألف خير وبإنّو بعد في شباب مستعدّين رغم كلّ مغريات العالم إنّهن يختارو الحقّ، يختارو يسوع، يختارو القداسة والخدمة.
إخوتي الشّمامسة ريشار وبول وأنطوني، عميختاركن يسوع اليوم تتصيرو خدّام. وهون بحبّ قلكن إنّو بالكنيسة العلوّ مش بالمراتب. الأوّليّة ما بيحدّدها لا النّاس ولا المراتب بالضّرورة. الأولويّة بتحدّدها الخدمة المتواضعة. الأوليّة للخادم، يعني للمتواضع والمنسحق، يعني للخاشع وللتّقيّ، يعني للمنكسر القلب المنحني قدّام الله. الأوّليّة للّي بيخفي ذاتو تيظهر المسيح فيه. الأوّليّة مش للّي بيقيس نجاحو بعدد المشاريع والنّشاطات اللّي بيحقّقها أو للّي بيبني نجاحو على فشل الآخرين. الأوّليّة هيّي بعدد النّفوس اللّي بتساعدوها وبتخدموها وبتوصلوها لعند يسوع وبتخلصّوها. الأولويّة للقداسة.
والقداسة تعني أن تتأمّلوا بكلمة الله في الإنجيل. بتأمّلها، تصيرون ما تتأمّلون، تأكلونها لأنّها طعام يُقيت ويحيي فلا يعود يجوع كلّ من يقتات منه. أليس هذا ما تعنيه كلمات سفر الرّؤيا "فذهبتُ إلى الملاك فسألتُه أن يعطيني الكتاب الصّغير، فقال لي: خذه فابتلعه يملأ جوفك مرارة، ولكنّه سيكون في فمك حلوًا كالعسل. (سفر الرّؤيا 10/9).
عندما تصيرون واحدًا مع الكلمة الّتي تتأمّلون في الإنجيل ستنجذبون إلى زيارة المرضى، والاعتناء بالفقير، وتعليم الأحداث والشّباب، وتشديد الضّعفاء والمسنّين، وتعزية المحزونين. سوف تصلّون لمن لا يصلون، وتوصلون نورَ المسيح للمشَوَّشين والمشكّكين، ستشاركون النّفوس الموكَلة إليكم في حمل صليبها، وتكونون إلى جانبهم في السّرّاء والضّرّاء مبشّرين إيّاهم ببشرى الفرح والخلاص، مباركين البيوت، مشدّدين العائلات، معلّمين بالقول والمثل تعليم الكنيسة الجامعة لا تعليمكم أو عقائدكم أو قناعاتكم الخاصّة، وفوق كلّ شيء سوف توزّعون الأسرار مستذكرين قول القدّيس بولس: "أنتم خدّام المسيح ووكلاء أسرار الله." (1 كور 4/1). كلّ ذلك تصيرونه بفرح إذا ابتلعتم كلمة الله في الإنجيل.
"أدعوكم أيّها الأحبّاء أن تصلّوا لأجل كهنتنا الجدد لكي يتجلّى نور المسيح في خدمتهم الكهنوتيّة بقدرة المخلّص، يسوع المسيح، وشفاعة أمّه، العذراء مريم، وشفاعة الأب المكرّم بشارة أبو مراد، وجميع القدّيسين. آمين".
بعد دورة القرابين، وبحسب إعلام المطرانيّة، تقدّم الشّمامسة الإنجيليّون إلى الوسط يرافقهم عرّابيهم الكهنة، وقاموا تباعًا بتقبيل الصّليب في يد المطران ابراهيم وزوايا المذبح الأربعة ثلاث مرّات، بعدها جثا الشّمامسة الواحد تلو الآخر أمام المذبح ووضع المطران ابراهيم يده على رؤوسهم وتلا صلاة خاصّة للمناسبة. بعدها تقدّم أهالي الشّمامسة الجدد إلى المذبح حاملين الثّياب الكهنوتيّة فقدّموها للمطران ابراهيم الّذي رفع قطعها أمام الجميع قائلاً مستحقّ وسلّمها للكهنة الجدد وسط تصفيق الحضور.
وفي نهاية القدّاس التقطت الصّور التّذكاريّة.