المطران ابراهيم ترأّس قدّاسًا على نيّة لجنة مقام سيّدة زحلة
بعد الإنجيل المقدّس، كانت للمطران ابراهيم عظة قال فيها:"" المسيح قام... حقًّا قام .
سمعنا اليوم في الإنجيل عن الإنسان المخلّع الّذي شفاه يسوع. نتأمّل اليوم بعدّة مواضيع في تفكير تأمّليّ حول بعض النّقاط الّتي تصادف بحسب عناية الرّبّ في الشّهر المريميّ وفي زمن القيامة.
واليوم نقدّم القدّاس على نيّة كلّ الّذين يقدّمون مختلف أنواع الخدم في الأبرشيّة وبشكل خاصّ في هذا المقام كجماعة الخدمة الصّالحة، الجوقة وحملة الشّموع. إنطلاقًا من هذه الخدمة لدينا من يخدمون في المدارس الكاثوليكيّة في الأبرشيّة، المستشفيات، خدمة الفقراء، طاولة يوحنّا الرّحيم والعديد غيرهم.
هذا الموضوع يجعلنا نصب تفكيرنا وتأمّلنا بمثال الخدمة في العهد الجديد، مريم العذراء الّتي لم تقم بخدمة اعتياديّة فقط كأمّ لإبن الله المتجسّد يسوع المسيح، بل تخطّتها إلى أليصابات وكانت خطوة مثاليّة في الخروج عن المألوف في الخدمة لأنّها كانت حبلى ومشت مسافة طويلة لتخدم نسيبتها أليصابات وتمّ اللّقاء الأوّل في البطن بين يسوع ويوحنّا المعمدان. وتابعت مريم مهمّة الخدمة ليسوع وسائر الرّسل والتّلاميذ. والخدمة لا تقوم فقط على تقديم الوقت والجهد، فالّذين يقومون بالخدم ليس بالضّرورة هم الأشخاص الّذين لديهم المتّسع من الوقت لكن عندهم متّسع من القلب والمحبّة. فالّذي يخدم لديه متّسع من المحبّة وكمّيّة هائلة من الحبّ والتّعاطف مع الآخر، لذلك رأينا يسوع بكمّيّة الحبّ الهائل يأتي إلى المخلّع ويسأله "أتريد أن تبرأ". الخدمة هي مبادرة منطلقة من القلب والإرادة الطّيّبة، من المحبّة. أحيانًا النّاس ينظرون إلى الّذين يخدمون بنظرة دونيّة، أيّ أنّهم ليس لديهم ما يفعلونه. أنا عشت هذه التّجربة وشاهدتها واختبرتها خلال كلّ مسيرتي الكهنوتيّة والأسقفيّة، ورأيت في أحيان كثيرة أنّ الّذين يخدمون يدفعون ثمن محبّتهم الكبيرة حكم جائر من النّاس عليهم. وإذا ما تأمّلنا مليًّا بحقيقة الخدمة نرى أن المؤسّسات الكبيرة في العالم المتحضّر اليوم تقوم على المتطوّعين والمتطوّعات من عائلات غنيّة جدًّا ومثقّفة جدًّا.
مريم العذراء تكمل مسيرة الخدمة حتّى بعد القيامة، على الصّليب يسوع كلّفها بخدمة طويلة الأمد "هذا هو ابنك" عن يوحنّا، أيّ عليك الاهتمام به وبكلّ احتياجاته، مريم إنسانة عاديّة لا تريد أن تكون في أماكن عالية، تريد أن تكون معنا ومثلنا، وتحبّنا أن نكون مثلها في الخدمة، وأنا اليوم سعيد جدًّا أن أشاهد جهودًا تبذل في هذا المقام تجاه خدمة الطّفولة والأطفال بجذبهم إلى حضن العذراء مريم. أنتم تعرفون أنّ هناك هجمة اليوم على أولاد العذراء من كلّ طوائفنا المشرقيّة من قبل شهود يهوه وجماعات بروتستانتيّة تستغلّ أزمتنا الاقتصاديّة لشراء أولادنا بأرخص الأثمان ويسرقوهم من حضن العذراء. علينا أن نكون جميعًا متنبّهين، واقفين على أرجلنا من دون خوف للدّفاع عن أولادنا وعن مستقبلنا لأنّه لا يجب لأيّ أحد أن يقتلعنا بهذه السّهولة من إيماننا وكنائسنا ومن وطننا الحبيب لبنان.
ليس هناك سوى الكنيسة الكاثوليكيّة تعطينا ما نحتاجه، وهناك مخطّط ضدّ كنائسنا الأصيلة، ضدّ الكنيسة الكاثوليكيّة بنوع عامّ والكنيسة الأرثوذكسيّة أيضًا لأنّ إيمانهم ما يزال رسوليًّا من أيّام بداية الأخوة المسيحيّين الّذين بدأوا مباشرة بعد عيد العنصرة.
أقفلوا أبوابكم في وجه هذه الجماعات لأنّها تعمل على التّخريب وليس للبنيان، وإذا كانوا يريدون التّبشير فليتوجّهوا إلى غيرنا. علينا جميعًا أن نتساعد لنحافظ على عائلاتنا المسيحيّة وإيماننا وتقاليدنا وكنائسنا بالرّغم من ألأزمة الاقتصاديّة.
وبالعودة إلى موضوع خدمة الطّفولة، أنا سعيد جدًّا برؤية هذا العدد الكبير من الأولاد بيننا، وأنّ هؤلاء الأولاد يحظون في بعض الأوقات على اهتمام مميّز في هذا المقام بحيث يوزّع عليهم هدايا رمزيّة تظهر لهم مدى محبّتنا، لأنّ الكنيسة بدون أطفال هي كنيسة من دون مستقبل. عنصر الشّباب مهمّ جدًّا لكن إذا لم يكونوا تأسّسوا جيّدًا يبقى هناك خطر، أمّا ألأولاد إذا أسّسناهم منذ ولادتهم وقدّمناهم إلى الهيكل، يتنشّقون رائحة البخور ويسمعون الصّلوات والتّراتيل ويشاهدون الجماعة المصليّة والأيقونات، وهذا ما يجب أن ينطبع في فكر وذاكرة ومخيلة وقلب أولادنا.
إذا أردنا البقاء في هذه الأرض وفي كنائسنا علينا أن نتوحّد ونصبح عائلة واحدة على قلب واحد ولا نبقى نتّهم بأنّنا مضطهدين أو فقراء، ونفكّر بأنّنا دائمًا الضّحيّة . الوجود المسيحيّ هو مسؤوليّة المسيحيّين أوّلاً، فإذا كانوا يتصارعون في جوّ من التّنافس السّلبيّ وأحيانًا عنيف يكونوا يساهمون مباشرة في إزالة وجودهم من الشّرق".