لبنان
07 أيار 2025, 06:30

المطران ابراهيم استقبل المفتي غزّاوي معايدًا بالفصح

إستقبل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، في مطرانيّة سيّدة النّجاة، سماحة مفتي زحلة والبقاع الشّيخ الدّكتور علي الغزّاوي في زيارة معايدة بعيد الفصح المجيد، يرافقه إمام مسجد قبّ الياس الشّيخ الدّكتور عبد الرّحمن شرقيّة، إمام مسجد المعلّقة ورئيس قلم المحكمة السّنّيّة في شتورة الشّيخ ابراهيم البريدي وإمام مسجد حوش الأمراء الشّيخ محمود موسى، بحضور النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت إيلي معلوف، الأرشمندريت عبدالله عاصي، الأرشمندريت جوزف الصّغبيني، الآباء اليان أبو شعر، إدمون بخاش وفادي الفحل.

ورحّب ابراهيم بالمفتي غزّاوي والوفد المرافق شاكرًا له زيارته وقال بحسب إعلام الأبرشيّة:

"بفرحٍ عميق، وبمحبّةٍ صادقة نابعة من القلب والإيمان، نستقبلكم اليوم في هذه الدّار المباركة، دار اللّقاء والرّجاء، في مناسبة عيد القيامة المجيد، عيد انتصار النّور على الظّلمة، والرّجاء على اليأس، والحياة على الموت.

إنّ حضوركم بيننا اليوم، ليس مجرّد زيارة بروتوكوليّة، بل هو علامة ناصعة على أنّ في هذا الوطن رجالَ دينٍ وعقلٍ وحكمةٍ يؤمنون أنّ لبنان لا يُبنى إلّا بلقاء القلوب قبل لقاء السّياسات، وبحوار المحبّة قبل أيّ حوار آخر.

في زمنٍ تكثر فيه الانقسامات، ويشتدّ فيه الخوف، وتعمّ الأزمات في لبنان والمنطقة، يأتي لقاؤنا هذا ليؤكّد أنّ الأمل لا يزال ممكنًا، وأنّنا– مسيحيّين ومسلمين– لسنا فقط أبناء وطن واحد، بل أبناء قضيّة واحدة، ومسيرة واحدة، وهمٍّ واحد، هو خلاص هذا الوطن من أزماته البنيويّة والاقتصاديّة والرّوحيّة.

في خضمّ الانهيار الّذي يعصف بمؤسّسات الدّولة، وانكماش العدالة، وضياع الشّباب بين الهجرة والبطالة، نشعر بالحاجة الملحّة إلى أن يبقى صوت رجال الدّين صوتَ ضميرٍ وميزانًا أخلاقيًّا، يدعو إلى الإصلاح، ويحمي كرامة الإنسان، ويحرّك السّاكن في ضمير الحاكم.

نحن مدعوّون أكثر من أيّ وقت مضى إلى التّلاقي على ما يجمعنا من قيم روحيّة ووطنيّة، وأن نكون شهودًا على أنّ العيش الواحد ليس مجرّد صيغة، بل هو التزام ورسالة. فلبنان لم يُرَد له أن يكون ساحة، بل رسالة، كما قال القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني، رسالة سلام وعدالة وتنوّع في وحدة، ووحدة في تنوّع.

إنّ عيد القيامة الّذي احتفلنا به، يدعونا لنؤمن أنّ وراء كلّ جمعة عظيمة، فجرًا جديدًا لا بدّ أن يشرق، وأنّنا، معًا، مسيحيّين ومسلمين، مدعوّون لحمل هذا الوطن على أكتافنا، لا هربًا من الألم، بل وفاءً للحقّ.

نصلّي من أجل لبنان، هذا الوطن المتألّم، ومن أجل فلسطين الجريحة، ومن أجل كلّ شعب مظلوم يتوق إلى الحياة الكريمة، ونشدّد معكم على أنّ الدّين ليس مشروع هيمنة، بل رسالة تحرير، وأنّ رجال الدّين هم حرّاس القيم، لا تجّار أزمات."

وإختتم المطران ابراهيم: "إن وجودكم بيننا اليوم، يبعث الرّجاء، ويؤكّد أنّ الجسور ما زالت قائمة، وأنّ نور الفصح يمكنه أن يبدّد عتمات السّياسة والفتن، إذا ما تحلّينا بالشّجاعة الرّوحيّة والرّؤية الوطنيّة.

نشكركم على تهنئتكم الأخويّة، ونردّها إليكم بمثلها، وبمحبّة عميقة، سائلين الله أن يعيد هذه الأعياد على الجميع، وقد نهض لبنان، وعمّ السّلام في ربوعه وفي المنطقة كلّها.

أهلًا وسهلًا بكم في داركم، وكلّ عام وأنتم بخير."

بدوره شكر المفتي الغزّاوي المطران ابراهيم لحفاوة الاستقبال وقال في كلمته:

"الحمدلله الّذي جعل اجتماعاتنا محبّةً لبعضنا ومحبّةً لوطننا ومحبّةً لمجتمعنا.

فعندما نجتمع، لا شكّ بأنّنا نجتمع أجسادًا بعد شوق قلوبٍ وأرواحٍ. وعندما نجتمع نجعل طمأنينة لمجتمعنا علّ وطننا أن يطمئنّ من خلال لقاءاتنا.

تأتي الأعياد لتعيد لُحمة مجتمعنا، وتأتي الأعياد ليعود الله بالخير على النّاس من خلال عودة النّاس الى ربّنا، وكلّ عيد هو بعد عبادة وبالتّالي مع العيد صلاة، ومع الصّلاة صلة، فإن كانت هناك صلاة كلٌّ يصلّي في عيده ولكن تبقى الصّلة بين مجتمعنا لنكون دائمًا في صلة وفي عيد.

سيادة المطران ابراهيم، الّذي عبّرت بالمحبّة دائمًا حالًا وقولًا، ونحن نبادل الحبّ بالحبّ ونبادل العطاء بالعطاء، وعندما تكونون في مؤسّسات دار الفتوى تشعرون أنّكم في بيتكم، وعندما نأتي دياركم نشعر بأنّ القلوب هي الدّيار. وكما سمعت من شيخنا العلّامة سماحة المفتي الرّاحل، عليه رحمة الله، الّذي قال "ليس الفقير الّذي ليس لديه بيت يسكنه، ولكن الفقير الّذي ليس له قلب يسكنه". فإن كان لنا ديار واسعة سكنّاها فهي ديار قلوبكم وديار محبّتكم."

وتابع: "ونحن نمرّ، كما تفضّلتم، في هذا البلد من منعطف لندخل منعطفًا آخر ولكن على أمل أن يولد فجر جديد لهذه الدّولة من خلال استقامة مؤسّساتها. وإنّا نرى من خلال حركة فخامة الرّئيس الّتي لطالما اشتقنا أن تكون هذه السّدّة الرّئاسيّة مملوءة بمن يملأها حركة وفعلًا، ومن خلال حركته بين المؤسّسات، وكأنّه قال قولًا كنّا نمارسه وما زلنا "مكتبي حيث عملي"، ولذلك ينتقل من مؤسّسة إلى مؤسّسة ليقول إنّ الرّئاسة حاضرة في المؤسّسات كما أنّ المؤسّسات هي حاضرة في الرّئاسة.

إنّ هذه الاستحقاقات الّتي تمرّ بها بلادنا والّتي ستمرّ بعد أيّام في بقاعنا العزيز، أملنا أن تتشكّل هذه المؤسّسات ممّن يحمل همّ مجتمعه وممّن يحمي مؤسّسات دولتنا. فنحن بحاجة إلى حماية مؤسّسات الدّولة وبحاجة إلى من يحمل همّ المجتمع من خلال مؤسّسات الدّولة، فلا خروج عن المؤسّسات بل ينبغي أن نكون عونًا لهذه المؤسّسات، ولذلك ينبغي لهذه المجالس البلديّة والاختياريّة أن تمثّل صورة لبنان وبالأخصّ في المناطق الّتي يشعر الأقلّ بأنّه ليس موجودًا بل علينا أن نصنع وجوده من خلال اختيارنا، وقد تركت الدّولة لنا اختيارًا، إن كان في بيروت أو كان في زحلة أو كان في أيّ مكان، ينبغي أن نختار الصّورة الّتي ينبغي للبنان أن يبقى عليها، وينبغي للمجتمع أن يمارس الدّور فيها.

أملنا يا سيادة المطران أن تُنتج هذه الانتخابات مجالس، إن كانت من وجوه استعملها المجتمع وكادت أن تكون ثقة في المجتمع، أو من خلال وجوه جاءت لتحمل معهم المجتمع، نحن بحاجة إلى كلّ طاقة في مجتمعنا من مقيمين ومغتربين. وما زال لبنان يعيش بجناحه الثّاني الّذي هو الاغتراب، ومؤسّساتنا الدّينيّة كما مؤسّساتنا الرّسميّة تستصرخ الحاضر حتّى تحمي المستقبل، ولذلك ما يمرّ من فتنٍ إن كان في أرضنا أو كنّا في جوارنا ينبغي أن لا يجد ممرًّا في حياتنا، حتّى يجد المجتمع طمأنينة من خلال وجود أمثالكم ومن خلال وجودنا في هذه المجتمعات.

قدرنا أن نكون على وعي حتّى يعي المجتمع من وعينا، وقدرنا أن نحمي مجتمعنا حتّى نحمي وطننا. وقدرنا أن نجاور قضيّة لطالما نحن معكم ننادي بحمايتها عبر المؤسّسات الدّوليّة، إنّها قضيّة فلسطين، الّتي عندما تكون بخيرٍ سيكون الجوار بخير. ونحن لربّما تعب لبنان أكثر من غيره لأنّه جاور قضيّةً تعيش حال مخاضٍ دائم، آن الأوان ليولد الخير في أرضنا، في هذا الشّرق الّذي هو مهبط الوحي وعلى ترابه مشى الأنبياء لتعيش المساجد والكنائس كما ليعيش النّاس بسلامٍ، وعلّنا من خلال السّلام على أرضنا أن يعيش كلّ العالم بسلام، لأنّ من أرضنا نشأ السّلام. فمن هنا أعيدوا لنا سلامنا كما وزّعنا السّلام على الأرض من هذه الأرض. فليعد العالم كلّه السّلام إلى أرضنا، وليكن عونًا لنا في هذا السّلام حتّى نعيش محبّةً ونعيش سلامًا ونعيش الصّورة الّتي أراد الله لهذه البلاد أن تعيش عليها.

وإختتم المفتي الغزّاوي "صورة لبنان هي رسالة، وصورة لبنان هي قضيّة، ونحن مع قضيّة الدّولة وقضيّة مجتمعاتنا سنبقى يدًا بيدٍ نستصرخ مجتمعنا ونستصرخ ساستنا ليكونوا على مستوى لبنان، صغيرٌ من حيث الحجم ولكنّه كبير لأنّه سكن قلوب العالم."