لبنان
27 نيسان 2022, 12:30

المطران إبراهيم من رياق :الإنتخابات واجب وطنيّ ولبنان أمانة في أعناقنا

تيلي لوميار/ نورسات
أحيا رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم عيد القدّيس جاورجيوس، مع أبناء رياق خلال قدّاس احتفاليّ ترأّسه في كنيسة القدّيس جاورجيوس، بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم، كاهن الرّعيّة الأب أومير عبيدي والآباء إيلياس ابراهيم، إيليّا عون، إيلي البلعة وشربل راشد بحضور فعاليّات وعدد كبير من المؤمنين.

تخلّلت القدّاس عظة للمطران إبراهيم عايد فيها الجميع قائلاً: "المسيح قام... حقُّا قام. كلّ عيد وأنتم بألف خير.

الأب أومير والكهنة الأجلّاء الحاضرون والمشاركون في هذه الذّبيحة الإلهيّةـ كلّ الّذين يخدمون في هذه الكنيسة، الجوقة والشّباب، الكشّاف وميداد وكلّ الأخويّات، وكلاء الوقف وكلّ الّذين يتعبون في رعيّة مار جرجس رياق لهم عند الرّبّ أجر كبير لأنّه لا يوجد أحد أكرم من الله، وإذا قدّمنا أيّ شيء للكنيسة نكون نقدّمه للرّبّ، والرّبّ كريم معكم لأنّه أعطاكم كاهن، منذ استلامي مهامي الأسقفيّة لليوم أسمع الأشياء الحلوة عنه، عن نشاطه وغيرته ومحبّته للكنيسة، عن جمع للشّباب والصّغار في هذا الزّمن الصّعب الّذي يحلم فيه الكثيرون الابتعاد عن أرضهم من أجل إيجاد فرص جديدة للعمل والحياة بكرامة.

أشكر كلّ المسؤولين في رياق في البلديّة أو غيرها من المؤسّسات، كلّ الّذين يقدّمون خدمات لأهلنا في هذه البلدة العريقة، وأوجّه تحيّة للحاضرين أوّلاً ولكلّ الغائبين وبنوع خاصّ للمنتشرين والمغتربين ونقول لهم إنّ رياق لم تنساكم وهي بانتظاركم وتحبّكم كما أحبّتكم في الماضي وربّما أكثر لأنّه كلّ ما زاد البعد والفراق كلّما ازداد الشّوق والحبّ، هذه طبيعة الإنسان.  

المغتربون والمنتشرون في مرحلة معيّنة من أعمارهم يعودون للتّفتيش عن جذورهم وعلينا نحن مساعدتهم والقول لهم إنّ بلادهم وأرضهم لم تنساهم، وما يميّز هذه الأرض عن باقي أراضي العالم وخصوصًا في الغرب أنّها جبلت بدم الشّهداء وأعظم الشّهداء هو الشّهيد العظيم جاورجيوس المظفّر. في الثّالثة والعشرين من عمره قدّم حياته للمسيح في الوقت الّذي كانت فيه الأمبراطوريّة الرّومانيّة تضطهد كلّ واحد يعترف بوجود الله. نحن أبناء هؤلاء الشّهداء القدّيسين الّتي جبلت أرضنا بدمائهم وبالتّالي نحن أيضًا أخذنا من هذه الأرض أجسادنا ولا شيء يفصلنا عن ما صنعنا منه. هذا التّراب الّذي ندوسه أحيانًا بدون انتباه هو تراب مقدّس لأنّ أقدام يسوع المسيح وطأته. وأنا أكيد أنّ هذا السّهل الخصيب الّذي كان إهراءات الأمبراطوريّة الرّومانيّة مرّ به السّيّد المسيح وغرس في أجسادنا تعليمًا لا يمكن لأحد أن يمحوه وهو هذا الإيمان الّذي جعل القدّيس الشّهيد العظيم جاورجيوس يقدّم حياته دون حساب من أجل الدّفاع عن الإيمان الحقيقيّ وعن الكنيسة. نراه في الأيقونة حاملاً رمحًا، هذا الرّمح هو ليس سلاح، نحن ضدّ كلّ الأسلحة على الإطلاق، ولا تعتقدوا أنّ القدّيسين دافعوا عن أنفسهم بالسّلاح حتّى بالرّمح، هذه كلّها رموز. الشّرّ الموجود في العالم المصوّر بشكل تنّين ظالم ومفترس يشكّل خطرًا على كرامة الإنسان وعلى حرّيّته بأن يعيش بحسب إرادة خالقه على صورته ومثاله، هذه قيم وعطايا إلهيّة مجّانيّة لا تشترى.

الشّهادة ليست فقط أن نموت من أجل المسيح بل أن نميت كلّ ما يفصلنا عن المسيح، هذه هي شهادة الإرادة، شهادة الإيمان بيسوع المسيح، أحمله معي في الظّروف الصّعبة كما أحمله في الظّروف السّهلة ونحن اليوم نمرّ بأصعب الظّروف في لبنان الغالي جدًّا وأجمل بلدان وبقاع الأرض، ليس فقط في طبيعته المميّزة جدًّا بل في إنسانه وشعبه الحضاريّ. الّذين حرمونا أن نتابع بناء حضارتنا إلى حدّ ما، إرادتهم تقف أمام حرّيّة اللّبنانيّين في اختيار مصيرهم، خصوصًا أنّنا في موسم انتخابات وكأنّه فيروس جديد أصعب من الكورونا وهذا خطأ. الإنتخابات واجب وطنيّ، على كلّ مواطن أن يؤدّي واجبه الوطنيّ بأن ينتخب ممثّلين عنه. قد يقول البعض حاولنا كثيرًا لكن لم يتغيّر شيء ولم تتحسّن أوضاعنا، لا يجب أن نتخلّى عن حقّنا أمام أوّل صعوبة، لبنان أمانة في أعناقنا جميعًا ولا أحد يستطيع أن يلزمنا أو يجبرنا أن نفعل شيئًا لا نؤمن به لكن المواطنة هي التزام وشهادة يطلبها الوطن، الشّهادة ليست دائمًا للكنيسة والإيمان بل للوطن أيضًا، لذلك نقول للمغتربين إنّ لبنان ينتظركم، رياق تنتظركم، المحبّة زادت ولم تنقص، كلّما بعدتم كلّما أحببناكم أكثر، أرض هذا الوطن تتغذّى من محبّتكم ولو كنتم بعيدين.

اليوم في عيد شفيعكم القدّيس العظيم في الشّهداء جاورجيوس المظفّر الّذي هو رمز للشّباب قدّم نفسه للمسيح بعمر الثّالثة والعشرين بينما الشّباب من عمره اليوم يعفون أنفسهم من كلّ المسؤوليّات وأحيانًا من الواجبات الدّينيّة، وهنا أقول للشّباب والصّغار العمر ليس بعدد السّنوات، تستطيعون أن تكونوا منذ الآن قدّيسين تدافعون عن إيمانكم ومحبّتكم لله ومحبّتكم للإنسان، وأقول للشّباب أيضًا لا تبعدوا نظركم كثيرًا الموجود هنا في لبنان غير موجود في كلّ دول العالم، فتّشوا عن الفرص اللّبنانيّة وابنوها وتبنّوها لكي هي أيضًا تبنيكم وتتبنّاكم وهكذا تصبحون أنتم ولبنان جبلة من المحبّة والحضارة والعطاء، ويعود لبنان للوقوف على رجليه مرفوع الرّأس.

أسأل الرّبّ أن يعطي المسؤولين الضّمير الحيّ والإرادة الصّالحة لينظروا إلى شبابنا بنوع خاصّ كثروة لا تقدّر بثمن، هجرة الأدمغة اللّبنانيّة هي أصعب هجرة في العالم ونحن اليوم مع الأسف نعيش هذا الظّرف. مشاكلنا ليست صغيرة لكنّها أحيانًا تبدو كذلك لأنّكم أنتم كبارًا وإرادتكم كبيرة وإيماننا بلبنان كبير ولدينا أطفال وشباب نرفع الرّأس بهم، لبنان يكبر بكم ونحن وإيّاكم نكبر بلبنان هذا البلد العظيم.  

في الختام أتمنّى لرياق أن تبقى مركزًا للإشعاع بأبنائها ومحبّتهم لبعضهم البعض وقلوبهم الكبيرة وفكرهم الكبير وطيبتهم المعدية. كلّ عيد وأنتم بخير".  

وبعد القدّاس، افتتح المطران ابراهيم والنّائب جورج عقيص في صالة الكنيسة معرضًا للصّور بعنوان "رياق- الزّمن في صورة" الّذي ضمّ عددًا كبيرًا من الصّور القديمة للبلدة وأبنائها وكهنتها ومناسباتها. كما تفقّد كرمس الشّبيبة وحيّا نشاطهم واندفاعهم.

أمّا ختام الزّيارة فكان في خمّارة نبيذ chateau rayyak منوّهًا بمبادرة صاحبها الياس معلوف كعلامة للتّمسّك بالأرض، داعيًا الجميع إلى التّمثّل به.