لبنان
01 تشرين الثاني 2017, 11:24

المطارنة الموارنة يطرحون على طاولة اجتماعهم الشّهريّ شؤونًا كنسيًّا ووطنيّة

عقد المطارنة الموارنة اليوم اجتماعهم الشّهريّ في بكركي، برئاسة البطريرك مار بشاره بطرس الرّاعي ومشاركة الآباء العامّين، وتدارسوا شؤونًا كنسيّةً ووطنيّة. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التّالي:

 

"1. هنّأ الآباء صاحب الغبطة بالعودة من زيارته الرّاعويّة إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة، حيث زار عددًا من الرّعايا وشارك في القمّة السّنويّة الرّابعة لمؤسّسة "دفاعًا عن المسيحيّين". هذه هدفت إلى التّركيز على أهمّيّة الحضور المسيحيّ ودوره الثّقافيّ والحضاريّ البنّاء في الشّرق الأوسط، وعلى ضرورة إيقاف الحروب الدّائرة وحلّ النّزاعات بالطّرق الدّيبلوماسيّة والسّياسيّة، وإعادة جميع اللّاجئين والنّازحين والمخطوفين إلى بلدانهم، من أجل ممارسة حقوقهم الوطنيّة. وتُوّجت هذه الزّيارة الرّاعويّة بتكريس مزار القدّيس شربل في كاتدرائيّة سان باتريك في نيويورك، كعلامة رجاء ناطقة للمسيحيّة المشرقيّة. ويشهد هذا الحدث من جديد على مدى النّجاح والاحترام اللّذين يحظى بهما الوجود اللّبنانيّ، في بلدان الانتشار،  وبالتّحديد في دولة عظمى مثل الولايات المتّحدة الأميركيّة.

2. بالمحافظة على التّضامن الإنسانيّ والاجتماعيّ مع النّازحين السّوريّين، يشدّد الآباء على ضرورة عودتهم إلى وطنهم، لأنّهم باتوا مهدَّدين بفقدان هوّيتهم، وعبئًا ثقيلًا على لبنان من كلّ جانب، فضلًا عمّا يترك هذا النّزوح من آثار بالغة عند السّوريّين أنفسهم، وخصوصًا مَن ولدوا منهم على أرض لبنان. فإذا استمرّت الأزمة فسيكون هناك جيلٌ من النّازحين لا هويّة وطنيّة له، فكيف له أن يشارك في مستقبل سوريا. لذا، كلّ يوم تأخير في عودة النّازحين السّوريّين الى بلادهم، في ظروف آمنة ترعاها القوى الدّوليّة، يفصل هؤلاء عن مداهم الحيويّ، وبالتّالي عن كرامتهم الوطنيّة ومستقبلهم.

3. توقّف الآباء عند الإنجاز الّذي حقّقه المجلس النّيابيّ في موضوع الموازنة، بعد سنوات كانت تعيش فيها الدّولة من دون سقف للإنفاق. لكن هذه الخطوة، على أهمّيّتها، تبقى ناقصة ومخالفة لأحكام الدّستور، إذا لم يتمّ تقديم قطع الحساب عن كلّ السّنوات الماضية، لأنّ قطع الحساب هو النّاظم الحقيقيّ للحسابات والإنفاق، والأهمّ لضبط الهدر والتّعدّي على المال العامّ.

4. يخشى الآباء أن تكون فذلكة الضّرائب الّتي أُقرّت لتمويل سلسلة الرّتب والرّواتب هي توليفة تقطع الطّريق على إصلاح ضريبيّ  حقيقيّ، يكون مبنيًّا أصلاً على تحوّلٍ منشودٍ من  الاقتصاد الرّيعيّ إلى الاقتصاد المنتج، كما نادت به وثيقة بعبدا الأخيرة . فالمطلوب هو إصلاح ضريبيّ يؤدّي إلى المزيد من البعد الاجتماعيّ في اقتصادنا الوطنيّ، ويؤسّس لعدالة اجتماعيّة حقيقيّة، تنصف الفقراء وذوي الدَّخل المحدود. 

5. يعبّر الآباء عن قلقهم حيال الضّبابيّة في موضوع الانتخابات النّيابيّة، وشدِّ الحبال القائم في شأنها، والنّقاشات الّتي يبدو منها أنّ انقسام المصالح السّياسيّة يضرب عرض الحائط التّشريع في ما خصّ قانون الانتخاب. والسّؤال الّذي يُطرح هو إذا كان من المعقول أنّ الجهات الّتي اتّفقت على القانون وعلى إقراره في المجلس النّيابيّ، هي نفسها الّتي تنقلب عليه في الممارسة؟

6. من جديد يطفو على السّطح موضوع الفساد والمحاصصة، الّتي لم تعد تكتفي بأن تكون طائفيّة، بل أصبحت اليوم تحزّبّية بامتياز. والقضيّتان سواء في نتائجهما، لأنّهما على صلة بالنّفوس، ممّا يكشف عن خطر كبير ينمّ عن نقص في الولاء للدّولة والدّستور والقوانين، هو أشبه بعودة مقنّعة إلى زمن الدّويلات.

7. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد جميع القدّيسين، وغدًا بتذكار الموتى. وفي الأحد المقبل ببدء السّنة الطّقسيّة، الّتي تحيي على مدار اثنَي عشر شهرًا، أسرار الخلاص الإلهيّ بدءًا بتجسّد السّيّد المسيح ابن الله، وحياته الخفيّة ثمّ الظّاهرة الّتي بشّر فيها بالإنجيل ودعا النّاس إلى التّوبة، وصولًا الى آلامه وموته على الصّليب، وتمجيده بالقيامة، ثمّ إلى إرساله الرّوح القدس الّذي حلّ على الكنيسة النّاشئة وملأها قوّة وشجاعة، للانطلاق وإعلان إنجيل الخلاص لجميع الشّعوب، وأخيرًا زمن الصّليب المنفتح على النّهايات. ويدعو الآباء أبناءهم الى إحياء هذه السّنة بالصّلاة والتّوبة والمحبّة الأخويّة، سائلين الله أن يمنّ على العالم بالأمن والسّلام".