لبنان
05 آب 2021, 06:30

المطارنة الموارنة: لا معنى للعدالة ولا استقامة لها ما لم يكن جميع النّاس تحت خيامها

تيلي لوميار/ نورسات
عقد المطارنة الموارنة أمس الأربعاء، اجتماعهم الشّهريّ في الصّرح البطريركيّ في بكركي، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، ومُشارَكة الرّؤساء العامّين للرّهبانيّات المارونيّة. وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التّالي:

"1ً- تُصادِف اليوم الذّكرى السّنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت، الّذي أدّى إلى سقوطِ أكثر من مئتي ضحيّة وشهيد وستّة آلاف وخمس ماية جريح، وتدمير آلاف المساكن والمتاجر والمؤسّسات الاقتصاديّة والتّربويّة والاستشفائيّة والكنائس والمساجد والمطرانيّات وسيحتفل صاحب الغبطة هذا المساء بالذّبيحة الإلهيّة لراحة أنفس الضّحايا وشفاء الجرحى. إنّ الآباء إذ يشتركون في هذه الصّلاة، ويُجدِّدون عزاءهم لأهل الضّحايا الكرام ووقوفهم إلى جانبهم وجانب جميع الّذين أُصيبوا في هذا التّفجير المجرم، يدعون بإصرارٍ إلى تسهيل عمل القضاء اللّبنانيّ من خلال رفع الحصانات عمَّنْ يستدعيهم للتّحقيق من نوّابٍ ووزراء سابقين وضبّاط وكبار موظّفين، والكفّ عن تمييع هذه القضيّة الإنسانيّة والوطنيّة الكبرى في متاهات السّياسات الصّغيرة. فمعرفة الحقيقة حقّ للمواطنين، والكنيسة هي السّند لكلِّ مطالبٍ به.

2ً- في هذا السّياق يطالب الآباء السّلطة السّياسيّة بحماية استقلال القضاء من خلال إصدار القوانين الضّامنة لفصل القضاء عن السّياسة، وبالكفّ عن التّدخّل في عمل القضاء، حمايةً لسلامته. فلا معنى للعدالة، ولا استقامة لها، ما لم يكن جميع النّاس تحت خيامها. فما من أحد أكبر من القانون، وما من مبدأ أسمى من مبدأ المساواة.  

3ً- أبدى الآباء ارتياحهم إلى التّكليف وبدء مشاورات تأليف الحكومة. لكن ارتياحهم هذا يظلّ مُرتبِطًا إلى حدٍّ كبير بوجوب احترام المبادئ ومنها المختصّة بالمداورة بموجب المادّة 95 من الدّستور، وتلك المُتَّفَق عليها لتكوين الطّاقم الحكوميّ، والقائمة على الاختصاص والكفاية والنّزاهة ومفهوم فريق العمل القادر على السّير بالإصلاحات المطلوبة. كما يظلّ مُرتبِطًا بسرعة تحقيق كلّ ذلك. فكفى البلاد والمواطنين تأخيرًا تسويفيًّا لقيامِ حكومةٍ جديدة مُكتمِلة الأوصاف، تُبادِر إلى الإنقاذ الّذي يترقّب المجتمع العربيّ والدّوليّ بدايته من أجل مدّ يد العون للبنان.

4ً- توقّف الآباء أمام الضّائقة المعيشيّة والماليّة والاقتصاديّة المُتعاظِمة، والّتي تطال العائلات والعمّال وأرباب العمل في قطاعات الإنتاج كلّها، كما الإدارة والمؤسّسات والمرافق العامّة، الّتي باتت تفتقر إلى أبسط مُقوِّمات البقاء والصّمود. ويُهيبون بالسّياسيّين والمسؤولين الرّسميّين الإنصراف الجدّيّ إلى معالجة هذه الضّائقة للحدّ من نزف الهجرة الّتي تجتذب إلى الخارج شبابنا وخيرة قوانا الحيّة وعائلاتنا من كلّ المناطق والطّوائف والمذاهب. وإنْ دلّ ذلك على شيء، فعلى مدى فشل السّياسات المُتَّبَعة في تأمين الأمن والاستقرار وفرص العمل، وأبسط وسائل العيش الكريم للمواطنين. وفي المناسبة يحيّي الآباء المؤتمر الدّوليّ الثّالث لمساعدة اللّبنانيّين، ويشكرون كلّ الدّول المتضامنة والجهات المانحة.  

5ً- ومن واجب الدّولة وضع يدها على مرافقها العامّة، وتحسين خدماتها، وتوفير البيئة القانونيّة والصّحّيّة اللّازمة لتشجيع الاستثمار. إنّ هذا الواجب يقضي بأن يتقدّم لبنان على طريق التّطوير والتّحديث أكثر فأكثر، أو يخسر دوره الرّياديّ في المنطقة لصالح سواه. وهو ما سوف ينعكس سلبًا على مستقبله المُستقِرّ والمُزدهِر، كما على رسالته في المشرق.

6ً- تحتفل الكنيسة تباعًا خلال هذا الشّهر بأعياد تجلّي الرّبّ، وانتقال العذراء مريم إلى السّماء بالنّفس والجسد، وبأعياد بعض القدّيسين الكبار، فيدعو الآباء أبناءهم المؤمنين إلى المشاركة في هذه الأعياد يإيمان وتقوى، والإعداد لها بالصّلاة والتّوبة وأعمال الخير، سائلين الله أن يرفع الضّربات عن شعبه، ويضع حدًّا لما يعيشه لبنان والعالم من أوبئة وكوارث طبيعيّة وحروب واضطهادات، وأن ينير عقول المسؤولين في الدّول والمجتمعات كي يعملوا على نشر الأمن والسّلام في كلّ الأقطار."