المسيحيّون في غزّة: وحدة المصير من البشارة إلى التحدّيات الحديثة (2)
مع تناقص أعداد المسيحيّين بسبب تغيّراتٍ سياسيّةٍ واجتماعيّةٍ عديدة، يصير من الصعب الحفاظ على الترابط المجتمعيّ، ما يزيد من عزلة الأفراد المتبقّين. بالإضافة إلى ذلك، يشكّل الحفاظ على الهويّة الثقافيّة والدينيّة تحدّيًا كبيرًا في بيئة غالبيّة سكّانها من دين آخر، حيث قد يواجه الأفراد ضغوطات لتغيير الدين أو تهميشًا للتقاليد المسيحيّة. كما أنّ الوضع الاقتصاديّ الصعب يجعل من العسير على المسيحيّين الوصول إلى مواردهم الأساسيّة، ما يعمّق من التخوّفات بشأن بقاء هذه الجماعة الصغيرة.
إنّ الحفاظ على الوجود المسيحيّ في فلسطين والمشرق بشكل عامّ يتطلّب مواجهة التحدّيات التي تفرضها السياسات، وبخاصّة المتطرّفة منها. تسعى هذه السياسات إلى تغيير التركيبة السكّانيّة والثقافيّة في المنطقة، الأمر الذي يهدّد الوجود المسيحيّ التاريخيّ والأقلّيّات العدديّة التي تشكّل جزءًا من الفسيفساء الثقافيّة للمنطقة.
من خلال تعزيز الدعم المحلّيّ والدوليّ للجماعة المسيحيّة، تمكن مواجهة هذه السياسات والحفاظ على الهويّة الثقافيّة والدينيّة للمسيحيّين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتقوية الروابط مع المسيحيّة حول العالم، أن تعزّز التضامن وتزيد الوعي العالميّ للتحدّيات التي تواجهها هذه الجماعة. بالتالي، فإنّ هذه المواجهة تتطلّب جهودًا مشتركةً للحفاظ على التنوّع الدينيّ والثقافيّ في المنطقة، وضمان بقاء المسيحيّين كجزء لا يتجزّأ من النسيج الاجتماعيّ في فلسطين والمشرق.
أوّلًا، يجب تعزيز الدعم المحلّيّ من خلال توفير الدعم الاقتصاديّ عبر المنظّمات غير الحكوميّة والتبرّعات الدوليّة، لأنّ هذا يخفّف من ضغوط الحياة اليوميّة على المسيحيّين.
ثانيًا، لا بدّ من تقوية الروابط الدوليّة عبر التواصل مع المسيحيّين حول العالم للتضامن وتقديم المساعدات، وهذا يعزّز شعور المسيحيّين بأنّهم ليسوا وحيدين.
ثالثًا، ضروريٌّ هو دعمُ التعليم من خلال الاستثمار في توفير فرص جديدة للشباب المسيحيّين، ما يساعد في بناء مستقبل مستدام لهم داخل غزّة على نحوٍ خاصّ. يمكن أن يشمل ذلك تقديم منح دراسيّة وفرص للتعليم العالي.
رابعًا، الحفاظ على التراث عبر دعم الكنائس والمؤسّسات الثقافيّة والدينيّة لضمان استمرار الممارسات الدينيّة والثقافيّة، بما في ذلك تنظيم فعاليّات ثقافيّة ودينيّة لرفع مستوى الوعي والاعتزاز بالهويّة المسيحيّة.