لبنان
06 تموز 2020, 13:30

المتروبوليت موسي يكتب إلى سلفه "الواقف في دينونة الله"

تيلي لوميار/ نورسات
"إلى الواقف في دينونة الله الدّائمة"، إلى المطران جورج خضر في عيده السّابع والتّسعين، كتب متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما للرّوم الأرثوذكس سلوان موسي رسالة رعويّة تملؤها مشاعر الشّكر والامتنان لعطاءات سلفه الجمّة، وجاء في نصّها:

"إلى الواقف في دينونة الله الدّائمة: وأنتَ منهم (الرّسل)

"بولس، عبد ليسوع المسيح، المدعوّ رسولاً، المفرز لإنجيل الله" (رومية 1: 1)

المحبوبين بالرّبّ الآباء والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات وأبناء هذه الأبرشيّة،

أصلّي معكم اليوم من أجل راعينا الحبيب، سلفي صاحب السّيادة المتروبوليت جاورجيوس، بمناسبة عيد ميلاده الـسّابع والتّسعين. ثماره الصّالحة أراها فيكم، وفي كنيسة أنطاكية، وعبرها في غير مكان. نتبارك به كما يعطيه الرّبّ اليوم أن يجوز هذا العمر شاخصًا إليه على الدّوام.

في خضمّ احتفالنا الأسبوع الفائت بعيد هامتَي الرّسل، بطرس وبولس، ومن بعده بالعيد الجامع للرّسل، كان لنا حوار على مائدة الغذاء الّتي وصلتُها متأخّرًا. هنّأتُ سيّدنا جورج بعيد الرّسل، وعلى أثر جوابه، أردفتُ قائلًا له: "وأنتَ منهم". فاستوقفه هذا الكلام واستوقفني معه بدوره، لأنّ ملامحه تغيّرت وأجاب بانسحاق العارف لذاته: "ليت الأمر صحيح، فأنا رجل خاطئ!". ورافقتْ كلماته هذه دمعة في العين وتنهّد في الصّوت. هالني هذا الجواب وتأثّرتُ لهذا الموقف. لكنّي تجاوزتُ تلك اللّحظة لأنفذ منها إلى ما يجول فيّ: "سيّدنا، وإن كان هذا ما تشعر به، إلّا أنّنا نكنّ لك كلّ شكر وامتنان". وقصدتُ بذلك أن أعبّر عمّا في القلب من رؤية له في خدمة الكلمة، إذ ينطبق عليه ما يفتتح به رسول الأمم رسالته إلى أهل رومية: "بولس، عبد ليسوع المسيح، المدعوّ رسولاً، المفرز لإنجيل الله" (1: 1).

اليوم راعينا الحبيب يرعانا بمثاله النّادر، الكاشف لنا على حقيقتنا، والكاشف به عمّا يعتمل في نفسه: كيف يحمل الكلمة ويعطيها ويزرعها ويسقيها وينمّيها، وأيضًا كيف يقف في دينونتها، أيّ "في دينونة الله الدّائمة"، كما يحلو له أن يعبّر لنا عنها. فالمبشّر بالكلمة، والمفرز لخدمتها، وحاملها إلى إخوته وأترابه، يقف أمامها كجمرّة نار. فهي إمّا تلهب حاملها غيرة إذا ما آمن وأعطى نفسه لها، وإمّا تحرقه إذا ما ازدراها في قلبه أو تعالى عليها ولم يتركها تدينه في أعماقه.

هذا موقف يعظنا بصمت ومهابة، وهو هديّته لنا في عيد ميلاده السّابع والتّسعين! فهل نحتملها؟ ليس لدينا ما نبادله بها، سوى الشّكر والامتنان والتّعب في الخدمة لإيفاء حقّه في مَن خدمهم بغيرة ملتهبة تحرق فينا الكسل والوهن وكلّ جهل.

نتبارك بهذا العيد، يا سيّدنا الجليل، ونتطلّع أن تعظنا يومًا فيوم. لم تبخل علينا بكلمة ولن تفعل، بإذن الله.

أبناء الأبرشية الأحبّاء، هذه هي بركتنا! فلنثابرْ في الخدمة. إنطلقوا ولا تخافوا!".