لبنان
21 نيسان 2020, 06:30

المتروبوليت موسي يضيء "أنوار مسيرة القيامة في ظلال الواقع المعاصر"

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما للرّوم الأرثوذكس سلوان موسي إلى أبنائه رسالته الرّعويّة الخاصّة بقيامة الرّبّ يسوع، تحت عنوان "أنوار مسيرة القيامة في ظلال الواقع المعاصر"، وجاء فيها:

"المسيح قام!

أصافحكم بالقلب وبهذه الرّسالة أيضًا بمناسبة شروق أنوار العيد على ظلال واقعنا الأليم، شاكرًا معكم معطي النّعم والمواهب الّذي لم يحرمنا من نعمة الحياة والانطلاق منها إلى معرفته ومحبّته وخدمته.

لقد كانت فترة الصّوم الكبير والأسبوع العظيم فريدة هذا العام بكلّ المقاييس، بحيث وضعتنا كلّنا أمام امتحان عسير: أن نكون سويّة بغياب الاجتماع معًا. هذه الخبرة الغريبة للجماعة كجماعة ضخّت فينا قوّة شدّتنا إلى بعض بوعي أكبر والتفاتة أكبر إلى كلّ واحد منّا. فما يعانيه الواحد يعانيه الكلّ. وإذا انفرجت على واحد لربّما تنفرج على الكلّ. إنّها خبرة بحّارة السّفينة الّذين عليهم أن يصلوا إلى وجهتهم وهم يجذّفون بطريقة غريبة: كلّ من بيته!

هذه الخبرة جعلتنا نستعيد خبرة الجماعة الرّسوليّة الأولى، تلك الخبرة الّتي وجدنا معارجها في الإنجيل الّذي طالعناه في محطّات الصّوم والأسبوع العظيم، وساعدتنا على أن ندخل إلى كنه الخبرة الرّسوليّة في أصالتها، بأنوارها وظلالها، بحيث نخرج منها بعصارة يمكنها أن تغذّي كلّ واحد منّا في معارج ترحاله الدّاخليّ، في ظلّ حجر منزليّ إلزاميّ، الّذي يمنع علينا الحركة!

أشكر الله على أنّ التّقنيّات الحديثة أتت لتساعد خبرة الكنيسة بشدّ الأواصر عبر الصّلاة. إستخدمناها لتكون مدرّبنا في معارج انتمائنا إلى الكنيسة فانكشفت لنا أكثر معاني عيشنا الشّركة فيها، ومكانة الصّلاة والجهاد الشّخصيّ، وعمل الرّوح القدس الّذي يفتح مداركنا على أبواب الخلاص والحياة مع الله ومحبّة القريب. لقد بدت الكنيسة بأعضائها كخلايا نحل تعمل بنشاط وهمّة في بحثها عن رحيق الأزهار لتكوّن في الخفاء العسل المغذّي. فهل كان إنتاجنا غزيرًا وكافيًا وجيّدًا؟ لا زلنا سائرين في طريق التّعلّم من خبرتنا وتطويرها وإغنائها بحيث تلبّي الحاجات المختلفة في ظلّ المعطيات المتغيّرة الّتي نواجهها. فالسّهر على المكتسبات الحاضرة ضروريّ وواجب، والبحث عمّا يعزّز فينا الإيمان والرّجاء ملازم للسّهر واليقظة. الدّرب صعب ويحتاج إلى الحكمة والصّبر.

الكنيسة تعتمد على كلّ واحد منّا في إبحارها لتصل إلى المبتغى، وهي تعتمد على كلّ واحد منّا في إنتاج العسل الرّوحيّ لتغذية المبحرين معها أثناء إبحارها. هذا يقتضي أن نحتفظ في ذواتنا بروح القيامة وفرحها ونورها، بحيث ننظر إلى الأمام من حيث تطلّ علينا، ونتعلّم أن نتهدي بها. وهذا يعني معيّة تغني وتغتني بتماسك أعضائها وتعاونهم وصلاتهم.

لن أطيل عليكم أكثر في رسالة العيد. شئتُ أن أعبّر لكم عن فرحي بكم، وعن تقديري لجهدكم وجهادكم، لصبركم ومحبّتكم، لمعاضدتكم المحتاج وصلاتكم الصّادرة عن قلوب صادقة ومحبّة ومضحّية.

في الختام، أنشد معكم الدّعاء الفصحيّ: "المسيح قام!"، راجيًا لعائلاتكم البركة والعافية الرّوحيّة والجسديّة لإتمام المسيرة، وشاكرًا صلواتكم من أجل الخدمة الّتي نقوم بها جميعنا".