لبنان
24 تشرين الثاني 2022, 10:30

المتروبوليت موسي وجّه رسالة رعائيّة في عيد دخول السّيّدة إلى الهيكل، ومضمونها؟

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه راعي أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما للرّوم الأرثوذكس سلوان موسي رسالة رعائيّة لمناسبة عيد دخول السّيّدة إلى الهيكل، تحت عنوان: "المقيم في الهيكل والدّاعي إلى دخوله "ولكن أقول لكم: إنّ ههنا أعظم من الهيكل" (متّى 12: 6)، جاء فيها:

"تحتفل الكنيسة بعيد دخول السّيّدة إلى الهيكل ووجدانها ألّا نبقى على عتبة الهيكل كمُشاهد فضوليّ يتابع الأحداث فيه، أو كمهتمّ بإتمام الطّقوس المطلوبة مَن اعتاد إنجاز مهمّته بجدّيّة لا غبار عليها.  

نستدلّ على جوهر العيد في رغبة القدّيسَين يواكيم وحنّة تكريس ابنتهما الوحيدة لله وتقديمها إلى الهيكل لتقيم فيه. ألا يجدر بنا، والحال هذه، أن نحتفل معهما بما يعنيه قيامهما بتقديمها إلى الله؟ ربّ قائل إنّ في الأمر عربون امتنان وشكر لله لعطيّة أتتهما منه وها الآن تعود من جديد إليه، أو قربانًا يقدّمانه بنِيّة طاهرة نقيّة تعبيرًا عن عطيّة ذواتهما لله. لا شكّ أنّه في أساس هذا الحدث عطيّة حياة متبادلة، عطيّة خالصة قدّمها الله للإنسان وها الآن الإنسان يودعها لله لتكون له إلى الأبد.

هذا المعنى ينزعنا من رتابة نعيش بها الأحداث الخلاصيّة، لا نعرف أن نقتبل عطيّة الله ولا نعرف أن نرفعها بدورنا إليه. مَن يبقى على عتبة الهيكل فلا يدخله أو مَن يبقى على عتبة العيد فلا يهزّه فرحًا، هو بليد الذّهن وفاتر القلب. في الحقيقة، هو في وضع يُرثى له للغاية. على المقلب الآخر، هناك مَن انفتحت بصيرتهم على عطيّة الله في العيد، ويصلّون ويعملون بآن حتّى يدخل معهم أولئك في قصد الله، فيصير قلبهم حارّة وذهنهم يقظًا يلتقطون بهما فتات النّعمة الّذي يتساقط عن مائدة التّدبير الإلهيّ من أجل البشر. فيصير العيدُ عيدَين لأنّ هؤلاء وأولئك يتعلّمون سويّة أن يشتركوا في فرحة العيد ويسبّحوا الله على عظمته ويجتهدوا كي لا يبقى أحد خارج محبّة المسيح.

العيد الحاضر يعنينا في الصّميم إذا ما التفتنا إلى مَن علّمنا أن ندخل قدس الأقداس، وفتح لنا باب اليقظة ومعرفة محبّة الله، ووضع نفسه في خدمة تدبير الله، وتحلّى بالاستعداد عينه الّذي انكشف بوالدَي العذراء مريم، فجسّده أمامنا في خدمته الرّسوليّة.  

نعم، لم يفتأ سلفي، صاحب السّيادة المتروبوليت جاورجيوس، عن أن يشدّنا إلى دخول في حركة تبادل مماثلة نقدّم فيها حياتَنا هيكلًا أرضيًّا للسّماء وعرشًا لله، وقلبَنا مغارةً يستقبل القدّوس، وذهنَنا منارة يضيء عليه القصد الإلهيّ بالمعاني الّتي تحدّد بها كلّ شيء في نور الله. وهذا حصل فجعلنا نقلع عن كلّ وهن وركود ورتابة وتوانٍ، ونقلنا إلى حلاوة معرفة تدبير الله من أجلنا، وإلى الانخراط في عيشه بمعرفة والتزام، وإلى خدمته على سبيل ردّ الدَّين: مَن حصل على مفتاح المعرفة، أيّ كيفيّة الإقامة في حضرة الله، أعطاه لسواه ليلج به بدوره- إن شاء- إلى قدس الأقداس.

أشكر الله على شهادته في شيخوخته الصّالحة، فهو مقيم في هذا الهيكل ويعطينا بمثاله أن نطلب أن نكون إليه في هذا المكان. بالطّبع لا يتنازل عن مكانه هذا ولا يساوم على أن نكون معه أيضًا فيه. لقد حكم علينا، بمحبّته وتفانيه وصدق كلمته، أن نطلبه هناك حيث هو مقيم.  

على هذا المنوال، بات هذا العيد أقرب إلينا ممّا ظنّنا. والفضل له بأن نقلنا من العتبة إلى الخدر. هلّا شكرنا الله على أمثال هؤلاء الّذين لم يحتفظوا لأنفسهم بشيء، ولا احتفظوا بأنفسهم، بل قدّموها لله عطيّة يدينون بها لمَن أعطاهم كلّ شيء.

ألا بارك يا ربّ مسعى عبيدك لكي يلجوا باب الإيمان بك ومعرفتك وخدمتك!  

ألا أعطِ يا ربّ مَن خارت قواهم أو ضعف إيمانهم أو استهانوا بالنّعمة المعطاة لهم أن يجدوك مرّة أخرى، كما وجدتك مرّة مريم العذراء ويوسف في الهيكل!  

ألا سهّلْ يا ربّ سبل الحفاظ على عطيّة الحياة هذه، وصون الإيمان بك غير معاب!

هوذا العيد حاضر فلنقبلْ إليه بفرح وشكر، ولنقدّمْ ذواتنا لله دون تردّد!".