متفرّقات
08 أيار 2023, 13:00

المؤتمر المسيحي الدائم في مؤتمر صحافي مع أصحاب الإختصاص

تيلي لوميار/ نورسات
عقد المؤتمر المسيحي الدائم مؤتمرًا صحافيًّا في مكاتب إتحاد أورا، حول ملف النّزوح السوري وتداعياته، حيث جرى عرض لآثاره على الوضع في لبنان على مختلف الأصعدة مع عدد من أصحاب الإختصاص وهم: رئيس مؤسسة لابورا الأب طوني خضره، الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، رئيس حركة الأرض الشيخ طلال الدويهي، والمحامي أمين بشير بالتّنسيق مع الدكتور عبده غصوب.

إستهل المؤتمر الصحافي بكلمة لرئيس مؤسسة لابورا الأب طوني خضره تحدّث فيها عن واقع اليد العاملة اللّبنانيّة أمام منافسة اليد العاملة السورية غير المنظّمة، وأطلق سلسلة مواقف ودعوات باسم المؤتمر المسيحي الدائم، وقال: "نتحدّث اليوم في موضوع دقيق وحساس، يشكّل من دون أدنى شك خطرًا كبيرًا يضاف على الأخطار العديدة التي تهدّد لبنان.

من منطلق خوفنا على وطننا وأهلنا دعونا إلى هذا اللّقاء لنحاول الوقوف بطريقة علميّة على ما يجري، في ظل التخبّط العام في هذا الموضوع والأرقام المتضاربة حول أعداد النازحين والفوضى العامة التي تحيط به والمخاوف المتزايدة من جرّائه. بداية نودّ القول بأنّنا شعبين في وطنين من الضرورة الحفاظ على بعضنا وعلى أوطاننا ضمن إطار التعاون والأخوّة بالتأكيد ولكن لا بد من التأكيد بأنّ لبنان لن يستمر بوجود أكثر من 60% من مواطنية لاجئين؟  

إنّ التّداعيات الخطيرة للنزوح السوري عديدة ومتشعبة، تمس بجوهر كيان لبنان، نترك تفاصيلها الديموغرافية والإقتصادية والقانونية لأصحاب الإختصاص المشاركين معنا اليوم. ونعرض سريعًا التداعيات التي لمسناها نحن على اليد العاملة اللّبنانيّة من خلال تجربة لابورا:

أ – عدم ضبط الارتفاع الهائل في اليد العاملة السورية الأجنبية من ناحية تحديد المعاشات وأنواع العمل وهذا أدى إلى ارتفاع هائل في  هجرة الشباب بلغت 68%.

ب- إنّ إدخال العامل اللّبنانيّ بشكل قانوني إلى العمل: دفع الضمان الإجتماعي، الضريبة على الدخل وغيرها تجعل كلفة اليد العاملة اللّبنانيّة مرتفعة مقارنة مع اليد العاملة غير اللّبنانيّة بدل أن تكون هذه الأموال لدعم اليد العاملة اللّبنانيّة .

ت- تأثير وضع الطلاب السوريين النازحين في المدارس والجامعات على المناهج التربوية وتدني المستوى العلمي بسبب الاهتمام بالطلاب النازحين وبدعمهم من الخارج في وقت كم من العائلات البنانية لا تستطيع دفع الأقساط.

بناءً على ما لمسناه في لابورا، وبناء على تطورات الأحداث في هذا الملف الوطني الخطير يتوجّه المؤتمر المسيحي الدائم بالسؤال إلى إخواننا النازحين السوريين وإلى الجهات الدولية وجميع المعنيين: لماذا كلّ هذا الدعم للنازحين في الوقت الذي يئن فيه المواطن اللبناني تحت وطأة الفقر والعوز؟ (طبابة، تعليم، فريش دولار وغيرها)... لماذا لا يعود النازحون إلى بلادهم مع وجود مناطق آمنة لهم هناك؟ كيف يبقى النازح نازحًا إذا كان يزور بلاده مرة بعد مرة ثم يعود إلى بلد النزوح؟ كيف يحق للنازح ممارسة العمل في بلد النزوح من دون حسيب أو رقيب؟ لماذا يتفلت الأمن وتكثر الجرائم في مناطق النزوح؟ إنّ محاولة الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها تقودنا إلى شبه التيقّن من مؤامرة جديدة تحاك للبنان. و توضيحًا لما قالته المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ردًّا على الورقة الخطيرة الذي تقدّمت بها للأمن العام اللبناني تطالب بإعطاء مليون و 600 الف نازح سوري الإقامة نقول: فكم من نازح هو بحاجة إلى حماية ومساعدة، كذلك أيضًا نحن كلبنانيين نطالب بحماية مماثلة والعيش بكلّ الحقوق في بلدنا.

نعم هناك خوف حقيقي في موضوع النزوح السوري كما قال غبطة البطريرك الراعي بالأمس.

لذلك، وأمام خطورة الوضع يؤكد المؤتمر المسيحي الدائم على ما يلي:

1-إنّ ملف النزوح السوري هو ملف وطني بإمتياز، عابر لكلّ المناطق والأحزاب والطوائف، ويجب التعامل معه على هذا الأساس. والأهم يجب عدم السماح باستغلاله كعنصر لتفجير الساحة اللّبنانيّة وتهديد السلم الأهلي، والوقوع في فخ تحويله إلى ملف طائفي أو مذهبي خدمة لغايات وأهداف مشبوهة ولا نعتقد بأنّ هناك فئات لبنانية تعتبر الوجود السوري في لبنان هو دعم لكياناته وطائفتها. كلّنا خاسرون اذا لم يتعالج الموضوع بأسرع وقت.

2-لا يوجد حلّ جذري لهذا الوجود الديموغرافي الثقيل الذي له امتدادات سورية داخلية، إقليمية ودولية، إلاّ بقرارات سيادية حازمة على مستوى الدولة اللّبنانيّة ككل، لمسنا بواكيرها مؤخرًا و ما أكثرها ونتمنى أن تتواصل لتحقيق النتائج المطلوبة.

3- على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات غير الحكومية المعنية، أن تستمر بالقيام بواجبها الإنساني والاجتماعي حصرًا، والسعي الحثيث والجدي في المقابل إلى تسهيل عودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم من دون عرقلة أو تأخير أو استغلال سياسي، أمني أو مادي.

4-التأكيد كلبنانيين لجميع الجهات الدولية ولإخواننا السوريين أنّنا لسنا عنصريين، ولكن عدم تطبيق القوانين اللّبنانيّة والدولية هو السبب الرئيس لتأجيج النزعة العنصرية لدى شعبي البلدين.

5-إنّ المؤتمر المسيحي الدائم إذ يثمّن تحمّل وزيريّ الداخلية عباس المولوي والشؤون الإجتماعية هكتور حجار مسؤوليتهما في هذه القضية الوطنية، يعبّر عن دعمه جميع المبادرات الساعية إلى معالجة هذا الملف ويدعو إلى توحيد الجهود بين جميع هذه المبادرات من جميع المناطق  والطوائف للضغط باتجاه معالجة هذا الملف في أسرع وقت وبالطرق السلمية التي تضمن عودة كل نازح لا يستوفي الشروط القانونية. وهنا ندعو إلى إنشاء هيئة ولجنة لمتابعة هذا الملف.

6- يؤكد المؤتمر المسيحي الدائم بعدم وجود أي أجندا داخلية وخارجية بمن خلال طرح هذا الموضوع  ضرورة التمييز بين النازح والعامل السوري المنظم والشرعي، ويدعو إلى التشدد في تطبيق القوانين في ما يتعلّق بهذه القضية، وعلى الدور المهم للبلديات في هذا الموضوع والذي تجلّى في مبادرات فاعلة من عدة بلديات، كما يؤكد المؤتمر وقوفه وراء الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية التي تقوم بواجباتها في هذا الملف إنفاذًا للقانون، كي لا يتحوّل اللبناني إلى نازح في وطنه.

7-يتابع المؤتمر المسيحي الدائم االموضوع حتى نهايته مع متابعة الضغط من أجل حلّ المعضلة بالتعاون مع جميع اللبنانيين وأصحاب الإرادات الطيبة."

 

الشيخ طلال الدويهي

وفي واقع الديموغرافيا والأرض، قال رئيس حركة الأرض الشيخ طلال الدويهي: "لبنان يمرّ في مرحلة حرجة حيث يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية على مختلف المستويات، والتّحدي الأكبر هو مسألة التغييرالديموغرافي الذي لطالما رفعت الصوت في السنوات الماضية ولا أزال أحذر من خطر وجود مخطط وعقل إستراتيجي يدير عمليّة تقزيم دور مكوّن أساسي في البلد، من خلال تقزيم حجم هذا المكوّن، أي المسيحيين، على الأرض.

واليوم لهذا التغيير الديموغرافي وجهان: الشراء الممنهج للأراضي من قبل الأجانب، والنزوح السوري الذي بات يشكّل اليوم أزمةً تفوق بتعقيداتها ما حصلَ مع اللجوء الفلسطيني:

أولًا- إنّ الشراء الممنهج للأراضي من قبل الأجانب تجاوز المعقول، ويشكل مخالفة فاضحة للقانون، الذي لا يسمح للأجانب بتملك أكثر من3% من المساحة الإجمالية لكلّ قضاء لبناني، باستثناء بيروت، بحيث يسمح للأجانب بامتلاك ما يصل إلى 10% من المساحة الإجمالية للعاصمة.

وهنا نفاجأ بالمخالفات العديدة التي تمّت من خلال مراسيم تملّك الأجانب الصادرة عن مجلس الوزراء، بحيث أنّ 6 مراسيم فقط من أصل 1330، قد نفذت وفقًا للقانون.

من دون أن ننسى عمليّات البيع الفرديّة للمُمتلكات والتي تتم عبرَ إبرام عقود البيع الممسوحة لدى عددٍ من كتّاب العدل، ما يُعَدُّ مخالفة قانونيّة فادحة، إذ يُعقّد عمليّات كشفها أو الحدّ منها راهنًا، ما يفتحُ البابَ أمام التّلاعب في الاستقرار العقاريّ الذي تفوقُ مخاطره بأضعاف الانهيار الماليّ والاقتصاديّ الذي يصيب المجتمع.

وهذا فضلًا عن التّعدّيات المتكرّرة على الأراضي والمشاعات وممتلكات الغير، بصورة عشوائية وبشكل يضرب الوحدة الوطنية .

وبحسب آخر الإحصائيات، فإنّ تعديات البناء على الأملاك العامة والمشاعات قد بلغت:

في الجنوب 1560 مخالفة

في البقاع 1439،

في الشمال 475،

وفي جبل لبنان 47 مخالفة.

 

ثانيًا: وفي ما يتعلق بالنزوح السوري،

فإنّ عدد النازحين والمسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، كان قد حدّد بموجب كتاب موجّه إلى الأمن العام، في الفترة الأخيرة بـ 1،600،000 مليون وستمئة ألف نازح.

وهؤلاء يتقاضون من المانحين، من خلال المفوضية، التمويل اللازم شرط بقائهم على الأراضي اللّبنانيّة. في وقت يحصل هؤلاء أيضًا على مساعدات تربوية وتعليمية تفوق ما يحصل عليه اللبنانيون من طلاب وأولياء أمور.

هذا وتبين أنّ النازحين المتجولين (دخولاً وخروجًا من لبنان)،  يحصلون بدورهم على المساعدات، بينما يعملون بصورة غير شرعية في تهريب المازوت وغيره.

مع العلم أن عدد السوريين المتواجدين على الأراضي اللّبنانيّة بصفة نازحين يقدّر بحوالي مليونين وسبعمئة ألف ( 2،700،000 ) شخص،

أكثر من ثلث سكان لبنان اليوم من النازحيين السوريين، مع ولادات تخطت الـ 600 ألف، وسط مخالفات قانونية فاضحة فيما بتعلّق بالتسجيل مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة والمدعومة من مانحين هم أشد خطرًا من النازحين، الذين زادوا معدّل الجرائم بنسبة 38%خلال الـ 12 سنة الأخيرة، خصوصًا عندما  نجد أن سوريين من النازحين وراء عدد كبير من الجرائم في لبنان.

 

أمّا لكلّ من يتّهمنا بالعنصرية، فنقول: نحن الوطنيون وأكثر من أي كان، نحن الأكثر حرصًا على وطننا لبنان الرّسالة.

يا سادة، الواقع مخيف، والأرقام على ضبابيتها ترسم للمستقبل صورةً سوداء قاتمة، واستنادًا للإحصاءات:

فإنّ معدّل النازحين السوريين في البقاع الشمالي والغربي وبر الياس والجنوب والشمال يقدّر بـ73 %

أما جبل لبنان، بما فيه أقضية زغرتا، الكورة، بشري البترون، جبيل، كسروان، المتن الشمالي والجنوبي، عاليه والشوف، فيقدّر بـ 27%

 

يا جماعة، الوضع لم يعد يحتمل الانتظار، الوضع قابل للانفجار بأيّ لحظة، مع كلّ زيادةٍ في التفاوت الديموغرافي بين اللّبنانيين والأجانب، مع كلّ هذه المخالفات والتّعدّيات ... والسبب المباشر والأساسي في التغيير الديموغرافي يعود من دون أي شك، إلى إهمال الحكومات اللّبنانيّة وتقاعس السّلطات القضائيّة والأمنيّة والإداريّة عن القيام بدورها وأبسط واجباتها."

 

البروفسور جاسم عجاقة

وعن الأثر الإقتصادي تحدّث البروفسور جاسم عجاقة فقال: "إذا تعارض العلم مع الدين فعلى الدين أن يراجع أوراقه". هذا القول الشهير للعلّامة سماحة السيد محمد حسـين فضل الله، يُلخصّ كيفيّة التعاطي مع ملفّ النازحين السوريين.

فالعلم واضح على هذا الصعيد حيث هناك ثلاثة شروط إقتصادية يجب أن تتوفّر في البلد المُضيف في نفس الوقت، لاستقبال مهاجرين، لاجئين أو نازحين:

أولًا – أن يكون البلد المضيف يُعاني من نقص ديموغرافي؛

ثانيًا – أن يكون الاقتصاد في هذا البلد قويًّا كفاية لإستيعاب اليد العاملة المهاجرة، أو اللاجئة أو النازحة؛

ثالثًا – ألا تتخطّى نسبة المهاجرين أو اللاجئين أو النازحين 1% من شعب البلد المضيف سنويًّا.

 

لبنان لا يستوفي أيّ شرط من هذه الشروط، وبالتالي فإن ردّة فعل الاقتصاد اللّبناني على العدد الهائل للنازحين السوريين لن يكون في إطار الآليات المُعتادة.

فيما يخصّ النقص الديموغرافي: لبنان لا يعيش نقص ديموغرافي كما تُثبته الأرقام وبالتالي فإن حالته ليست كحالة ألمانيا التي تتطلّع إلى جذب مهاجرين كفؤين من أجل دعم إقتصادها وسدّ النقص الديموغرافي فيها.

أما فيما يخص الاقتصاد القوي فلبنان يعيش حال من التراجع الإقتصادي منذ العام 2011 أي عام بدء الأزمة السورية إزدادت حدّته في العام 2019، لينهار في العام 2019 والأعوام التي تبعته. أما في ألمانيا أو كندا أو غيرها من البلدان التي تبحث عن مهاجرين كفؤين للهجرة إليها، فإن إقتصاداتها قوية تؤمّن فرص عمل لهؤلاء المهاجرين من دون أن يكون هناك تداعيات سلبية على المواطنين أو على الاقتصاد.

وفيما يخصّ نسبة المهاجرين أو اللاجئين أو النازحين المسموح بها إقتصاديًا أي أقلّ من 1% من عدد السكان سنويًّا، فحدّث ولا حرج مع نسبة أكثر من 50% في لبنان على مدى 11 عامًا مقارنة بـ 0.83% من النازحين الأوكرانيين في أوروبا ومقارنة مع كندا التي لم تسمح سلطاتها باستقبال أكثر من 50 ألف مُهاجر سوري وهو ما يُشكّل 0.1% من عدد السكان.

إنه لشيء غريب قلّة الوعي لدى المعنيين فيما يخصّ مخاطر الأعداد الكبيرة للنازحين (بغضّ النظر عن الجنسية) على الاقتصاد وعلى المُجتمع. إذا كانوا يعلمون ولم يقوموا بإجراءات لدرء التداعيات فهذه مُشكلة، وإذا لم يكونوا يعلمون، فالمُشكلة أكبر.

عمليًا التداعيات الإقتصادية كارثية:

كلفة مباشرة على الخزينة العامة بمُعدّل 1.7 مليار دولار أميركي سنويًا من العام 2011 إلى العام 2019 وبنسبة أكبر منذ أزمة العام 2019 حيث تعاظمت عمليات التهريب! وتشمل هذه الكلفة الدفع المالي المرتبط بوجود نازحين على مدى 11 عامًا ومنها الدعم، والبنى التحتية، والخدمات العامة، والطبابة، والمحروقات، والمياه، والكهرباء، وحركة الصادرات، والتهريب، والترانزيت خصوصًا في العام 2015 عند إقفال معبر نصيب... وغيرها.

كلفة غير مباشرة تشمل الفرص الإقتصادية التي خسرها لبنان بسبب النزوح والأزمة السورية على مثال حركة الترانزيت والإستثمارات وغيرها (قانون قيصر) وهي مُقدّرة بأربعين مليار دولار أميركي على مدى الأعوام الأحد عشر الماضية.

وبالتالي فإن الكلفة الإجمالية تصل إلى أكثر من 59 مليار دولار أميركي، مقابل 9 مليارات دولار أميركي تلقتها الحكومات المتعاقبة منذ بدء الأزمة. فهل رفض تحمّل هذه الخسائر يُعتبر عنصرية كما توحي المنظمات الدوليّة؟

التداعيات على الشعب اللبناني مباشرة بدأت بمنافسة اليد العاملة اللّبنانيّة ومن ثم تحوّلت إلى منافسة للشركات اللّبنانيّة. أضف إلى ذلك الإستهلاك الكبير للنازحين للمحروقات والمواد الغذائية والأدوية والكهرباء. ولا تقف التداعيات عند هذا الحدّ، بل طال العملة اللّبنانيّة التي تحمّلت وزر التهريب وأفقرت أكثر من 80% من الشعب اللبناني بحسب تقرير الإسكوا.

إن تسييس هذا الملف هو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا لأن التداعيات الإقتصادية والإجتماعية طالت كل فئات المُجتمع اللبناني، وأصبحت المطالبات الدولية بدمج النازحين بالمجتمع اللبناني مطالبات مشبوهة يتوجّب كل اللبنانيين معرفتها."

 

المحامي أمين بشير

ومن جهته، عرض المحامي أمين بشير الرؤية القانونية للموضوع وقال: "في العام 2015 صدر القانون رقم 47 الذي ينص على حماية اللاجئين وتحديد حقوقهم في لبنان. يعمل هذا القانون على إعطاء اللاجئين السوريين حماية قانونية. ويشير أيضًا إلى أنّ اللاجئين الذين يحملون بطاقة إقامة مؤقتة لهم الحقّ بالعمل القانوني في لبنان أمّا الآخرين فلا يحقّ لهم ذلك .

يجب أن يتم التعامل مع اللاجئين السوريين في لبنان وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويجب أن يتم توفير الحماية والدعم لهم ولعائلاتهم وضمان حقوقهم الأساسية بما في ذلك الحقّ في التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية. ومن أجل ذلك يجب التعاون بين الحكومة اللّبنانيّة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمات المجتمع المدني الأمر غير المتوفر لغاية  الآن. .

ولا بد من الإشارة إلى الفوضى القائمة على صعيد العمالة السورية في لبنان حيث "لا حسيب ولا رقيب ".

والآتي أعظم .

في الشروط القانونية للجوء السوري إلى لبنان:

١- يجب أن يكون اللاجئ قد تعرّض للاضطهاد في بلده الأصلي بسبب آرائه السياسية أو الدينية أو العرقية أو الجنسية .

٢- يجب أن يكون اللاجئ غير قادر على الحصول على الحماية في بلده الأصلي .

٣- يجب أن يكون اللاجئ قد دخل إلى لبنان أي أصبح مقيمًا على الأراضي اللّبنانيّة إذ لا يصح أن يكون لاجئًا في لبنان وهو مقيم في بلد آخر .

٤- يجب أن لا يكون اللاجئ يشكل تهديدًا للأمن الوطني اللّبناني، إذ يمنع المسّ أو العبث بالأمن من قبل اللاجئين وبصورة أولى من قبل المقيمين غير الشرعيين. ولا يصح إطلاقًا أن يتحوّل اللجوء أو النزوح أو الإقامة غير الشرعية إلى وجود مسلّح.

٥- يجب على اللاجئ تقديم طلبه في لبنان إلى المفوضية العليا للاجئين وتقديم المعلومات اللازمة من أجل الحصول على الحماية والاعتراف به كلاجئ سياسي في لبنان.

 

إن هذه الشروط يجب إن تكون متوافرة حين حصول اللجوء وأن تبقى قائمة طيلة فترته. إنطلاقًا من ذلك، نتساءل عما اذا كان العديد من اللاجئين السوريين تتوافر فيهم هذه الشروط ؟

فقد لاحظنا مؤخرًا أنّ العديد منهم يذهب إلى سوريا ثم يعود إلى لبنان! فلو كانوا فعلًا غير قادرين على الحصول على الحماية في سوريا، فكيف يذهبون إليها ثم يعودون منها ؟ بل أكثر من ذلك فقد شهدت الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة مهرجانًا سياسيًا كبيرًا لمؤيدي النظام في سوريا، شاهدناه واقعًا وعلى مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فكيف يكون اللاجئ السوري ما زال محتفظًا قانونًا بهذه الصفة ؟! .

إنّ مفوضية اللاجئين مقصّرة لغاية الآن أو على الأقل غير متعاونة، فالمفوضية تعمل على الأراضي اللّبنانيّة وهي ملزمة تطبيق القوانين اللّبنانيّة والقواعد الأممية والمعاهدات الدولية والدولة اللّبنانيّة مجبرة على الحصول على الداتا طبقًا للقوانين اللّبنانيّة إذ يجب أن تعرف عدد اللاجئين السوريين وأماكن تواجدهم والبيانات الخاصة بهم وعلى مدير عام الأمن العام متابعة الموضوع مع المفوضية لما فيه مصلحة لبنان العليا.

كما على وزارة الداخلية أن تطلب من البلديات إفادتها عن أماكن وجود النازحين السوريين ومعلومات كافية ووافية عنهم. إنّ الدولة المضيفة يجب أن تعرف باللاجئين السياسيين المضطهدين وبوجودهم على أراضيها . فاللجوء وفقًا للقوانين الدولية يمنح من الدولة المضيفة ولا يفرض عليها. فلا مبرر كي لا تزود مفوضية اللاجئين الدولة اللّبنانيّة بالداتا علمًا أنّه على الدولة اللّبنانيّة المضيفة واجب حمايتهم فلا خوف .

كما على وزارة الداخلية الطلب إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية تسهيل تسجيل ولادات النازحين السوريين في قيود الأجانب.

إنّ عدم تسجيل الولادات السورية في خانة الأجانب يحوّلهم تلقائيًّا إلى "مكتومي القيد" وهذا الخطر الأكبر اذ يصبح وجودهم في لبنان مشرّعًا !

فيجب على الدولة اللّبنانيّة أن تتوجه إلى المفوضية العليا للاجئين للتعاون معها والعمل على إجبار غير المسجلين منهم على التسجيل لأن غير المسجلين منهم  لن تتوافر فيهم شروط تسجيل أولادهم في المدارس . كما أنّ المفوضية يجب أن تمتنع فورًا عن تقديم أي مساعدة لغير المسجلين .

ونذكر بأنّ الدولة اللّبنانيّة أعطت المفوضية أسبوعًا لتسليمها الداتا كاملة عن النازحين السوريين وحتى اليوم لم تعطها شيئًا.

والسؤال اليوم هل أنّ اللاجئين السوريين في لبنان يتم تصنيفهم كلاجئين أو كنازحين أو هناك توصيف آخر لهم ؟

يمكن القول أنّ بعض اللاجئين السوريين في لبنان يتم تصنيفهم كلاجئين اذ يفرض عليهم النظام القانوني الدولي المطبّق على اللاجئين والذي ينصّ عن أنّه يجب منح الحماية لهم لأنهم يخشون التعرّض للاضطهاد في بلدهم الأصلي سوريا . ولكن بعض اللاجئين السوريين ينعمون بالإضافة إلى الحماية الدولية إلى حماية الحكومة اللّبنانيّة ومنظمات المجتمع المدني ما يجعلهم من هذه الزاوية نازحين وليسوا لاجئين خصوصًا وأنّه ثبت أن بعضهم لا يعاني من اضطهاد سياسي في سوريا ولكن سبب وجوده في لبنان هو الاستفادة من المساعدات الدولية واللّبنانيّة . والسؤال هنا ماذا بالنسبة إلى هؤلاء الذين لا تتوافر فيهم شروط اللجوء السياسي ولا النزوح فهؤلاء دخلوا إلى لبنان خلسة وبصورة غير شرعية وغير قانونية مستفيدين من الفوضى العارمة على الحدود اللّبنانيّة السورية تلك الحدود التي لم تضبط يومًا لتسهيل تهريب البضائع لأن التّهريب مصدر تمويل أساسي لإحدى الجهات الحزبية السياسية النافذة في البلد، والتي تبقى الدولة عاجزة أمامها. أمّا الزعم بأنّ التّهريب لا يمكن ضبطه ومنعه فهذا قول لا ينطوي على أحد بفعل التقنيات الرقمية الحديثة في المراقبة. وهذه إحدى أهم العقبات أمام الحل السياسي والوطني ونهوض الاقتصاد في لبنان.

وفي الختام، نقول أنّ تقاعس الدولة اللّبنانيّة خصوصًا في عدم ضبط حدودها مع سوريا وإهمالها متابعة شؤون النازحين السوريين وعدم قيام المفوضية العليا للاجئين بواجباتها ( عن قصد أو غير قصد!) ، جعل المشكلة تتفاقم إلى حد الانفجار الكبير الذي لا تحمد عقباه على الصعد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية."

 

وإختتم المؤتمر بدردشة مع الإعلاميين والحضور أجاب خلالها المؤتمرون على الأسئلة والمداخلات.