اللّجنة الدّوليّة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ اختتمت اجتماعها ولقاؤها المقبل في روما
وشارك في الاجتماعات أعضاء اللّجنة الّذين يمثّلون الكنائس الكاثوليكيّة: اللّاتينيّة، السّريانيّة الكاثوليكيّة، السّريانيّة المارونيّة، الأرمنيّة الكاثوليكيّة، القبطيّة الكاثوليكيّة، والكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة: السّريانيّة الأرثوذكسيّة، القبطيّة الأرثوذكسيّة، الأرمنيّة الأرثوذكسيّة لكرسيّ أتشميادزين– أرمينيا، وكرسيّ كيليكيا- أنطلياس- لبنان، والأثيوبيّة الأرثوذكسيّة.
وعلى هامش الاجتماع، التقت اللّجنة بطريرك السّريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثّاني، وبطريرك السّريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، وبطريرك الموارنة بشارة بطرس الرّاعي، والّذين اطّلعوا من الأعضاء على سير عمل اللّجنة في تقريب المسافات بين العائلتين الكنسيّتين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة الشّرقيّة، مثمّنين جهودهم.
وتضمّنت أعمال اللّجنة اجتماعات لكلّ عائلة على حدى، واجتماعات مشتركة استُهلّت بمختارات من كتاب صلوات أسبوع الصّلاة من أجل وحدة الكنائس لهذا العام.
كما تمحورت اجتماعات اللّجنة، بحسب إعلام بطريركيّة السّريان الكاثوليك، حول الخصائص الجوهريّة واللّاهوتيّة للأسرار، بعد أن كانت اللّجنة قد انتهت من تناوُل كلّ سرٍّ من الأسرار السّبعة في الاجتماعات السّابقة. ودرست مجموعة أوراق عمل وأبحاث قُدِّمت في هذا الإطار.
"وأكّد أعضاء اللّجنة في اجتماعاتهم على أنّ سرّ الخلاص الإلهيّ يتجلّى في التّاريخ البشريّ برمّته عبر علامات ورموز تصل إلى قمّتها بيسوع المسيح الّذي يشكّل بكلامه وأعماله، وبخاصّة بموته وقيامته، ذروةَ السّرّ الإلهيّ بذاته. وهو يوزّع نِعَم هذا الخلاص ومفاعيله على المؤمنين عبر علامات وملموسة وحركات تجعل منهم "شركاء في الطّبيعة الإلهيّة" (2بط 1: 4)، وهذا ما يُكسِب الكنيسة أعمالاً وممارساتٍ ضروريّةً من أجل الفداء وبناء جسد المسيح، تُسمَّى "الأسرار".
وأشار أعضاء اللّجنة إلى أنّ السّرّ في كلّ التّقاليد الشّرقيّة (السّريانيّ، القبطيّ، الأرمنيّ، الأثيوبيّ) والغربيّة (اللّاتينيّ)، هو أمر مرئيّ وملموس يعبّر عن حقيقة سامية. فالسّرّ هو إذًا سرّ الثّالوث الأقدس والتّجسّد والفداء، وكذلك الأعمال اللّيتورجيّة الّتي من خلالها يمنح الرّبّ النِّعَم الخلاصيّة للمؤمنين، وهذا ما خَلُص إليه آباء الكنائس الشّرقيّة والغربيّة واللّاهوتيّون فيها عبر العصور، منوّهين إلى أنّه لم يكن للأسرار عدد محدّد عبر التّاريخ، لكن في مراحل لاحقة، حدّدت الكنيسة ذات التّقليد الغربيّ (اللّاتينيّ) سبعة أسرار، ثمّ حذت الكنائس الشّرقيّة حذوها لاحقًا، فأضحت الأسرار سبعة: المعموديّة، التّثبيت، الإفخارستيّا، التّوبة، الدّرجة المقدّسة (أيّ الكهنوت)، الزّواج، ومسحة المرضى، مع الإيمان بأنّ الرّبّ يسوع هو الّذي أسّس هذه الأسرار، ونظّمها الرّسل، وحفظها الآباء القدّيسون، ومارسها المؤمنون في الكنيسة، وأنّ سرّ الإفخارستيّا هو سرّ الأسرار وقمّتها.
ولفت أعضاء اللّجنة إلى أنّ تحديد الأسرار بسبعة ليس للحدّ منها، بل للتّعبير عن كمال نعمة الله وعمله الخلاصيّ، إذ أنّ العدد (7) هو الأبلغ تعبيرًا عن الكمال في الكتاب المقدّس، وهو يعبّر عن وحدة الله مع الخليقة، حيث أنّ العدد (3) يشير إلى الثّالوث الأقدس والعدد (4) إلى الخليقة بأسرها في أربعة أقطار العالم. فحياة الأسرار وعملها وفاعليّتها هي مشاركة في سرّ عمل الله الآب الخلاصيّ من خلال ابنه الوحيد الرّبّ يسوع المسيح بقوّة الرّوح القدس.
ودرس أعضاء اللّجنة الأوجه المتعدّدة للأسرار، وكيفيّة ممارستها في الكنائس الشّرقيّة والغربيّة، ومن هو الّذي يقوم بها ويمنحها، ومن هو الّذي يقتبلها، وسواها من الأمور المفصَّلة في القوانين الكنسيّة، مشيرين إلى أنّ جميع المؤمنين المعمَّدين يشاركون في الأسرار، لكنّ البعض يقومون بمنحها بعد أن يكونوا قد نالوا الرّسامة المقدّسة، وأنه فقط في الكنيسة الكاثوليكيّة اللّاتينيّة يحقّ للشّمامسة أيضًا، فضلاً عن الأساقفة والكهنة، أن يمنحوا سرّي العماد والزّواج. ونوّهوا إلى أنّه بحسب المفهوم الكاثوليكيّ الغربيّ (اللّاتينيّ)، فإنّ الزّوجين هما مانحا السّرّ في سرّ الزّواج، بصرف النّظر عن ترؤّس أسقف أو كاهن، في حين أنّ مانح سرّ الزّواج في الكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة هو الكاهن أو الأسقف.
وجدّد أعضاء اللّجنة التّأكيد على أنّ المؤمنين المعمَّدين هم فقط الّذين يُمنَحون السّرّ، لافتين إلى أنّه في حين تقرّ الكنيسة الكاثوليكيّة بصحّة الزّواج بين معمَّد وغير معمَّد، فهي لا تعتبر هذا النّوع من الزّواج سرًّا. وناقشوا مقاربات كلٍّ من كنائسهم في شؤون سرّ الزّواج الّذي له خصوصيّة، كونه يشتمل على أطر قانونيّة وأخرى راعويّة.
وإطّلع المجتمعون من نيافة الكاردينال كوخ على أبرز التّطوّرات واللّقاءات على الصّعيد المسكونيّ، والّتي تمّت منذ اجتماع اللّجنة في العام المنصرم، فضلاً عن الزّيارات المتبادلة بين عدد من رؤساء الكنائس.
وقرّر أعضاء اللّجنة عقد اجتماعهم السّنويّ القادم، بضيافة المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة بين المسيحيّين في الفاتيكان- روما، في الفترة الممتدّة من 24 حتّى 30 كانون الثّاني عام 2021".