الكنيسة الكاثوليكيّة في تركيا: سنة 2024 هي سنة الإفخارستيّا
هذا الأمر أعلن عنه في رسالة رعويّة أوضحت أهداف سنة الإفخارستيّا، إذ "ترغب كنيسة تركيا في أن تعرف الرّبّ يسوع وتحبّه وتخدمه وتعلنه أكثر على الدّوام، وتتعرّف عليه حاضرًا، مثل تلميذي عمّاوس، في بادرة كسر الخبز. معًا نريد أن نعمّق، من خلال التّعليم المسيحيّ والأدوات الأخرى، إيمان الجماعة الكنسيّة بهذا السّرّ، وأن نشارك بطريقة أكثر نشاطًا ووعيًا في الاحتفالات اللّيتورجيّة، وأن نذكّر أنفسنا بأنّنا، بعد أن أكلنا خبز السّماء، نحن مدعوّون لكي نشارك الخبز الأرضيّ مع جميع الأشخاص الّذين يعيشون في الفقر والعوز".
وجاء في نصّ الرّسالة بحسب "فاتيكان نيوز": "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء إنّ عطيّة محبّة الله الكبيرة هي الإفخارستيّا المقدّسة. إنّ هذا السّرّ العظيم، الّذي أسّسه يسوع في العشاء الأخير تذكارًا لفصحه، هو غذاء روحيّ للمؤمنين، وعلامة وحدة ورباط محبّة، ووعد بالمجد المستقبليّ، يُظهر استمرار تحقيق وعد المخلّص الّذي قال أنا معكم كلّ الأيّام إلى انقضاء الدّهر. وبالتّالي يمكننا حقًّا أن نقول مع البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني: الكنيسة تحيا من الإفخارستيّا.
خلال المسيرة السّينودسيّة، الّتي عشناها في وحدة مع الكنيسة الجامعة جمعاء، رأينا أنّه في الجماعات المسيحيّة المقيمة في تركيا "لا يزال القدّاس الإلهيّ مهمًّا جدًّا. إذ تبقى كلمة الله والمشاركة في قدّاس الأحد حاجة للأفراد". وفي الوقت نفسه "برزت الحاجة الملحّة لوقف تراجع "روح الوحدة" الّذي يحدث في العديد من وقائع كنيستنا". لهذا السّبب، وتأكيدًا للنّيّة الّتي تمّ التّعبير عنها، بمناسبة المؤتمر السّينودسيّ الّذي عُقد في إزمير في تشرين الأوّل أكتوبر ٢٠٢٢، وافق أساقفة تركيا على اقتراح "تخصيص زمن مميّز لكي توضع الإفخارستيّا بشكل أكبر في محور جميع جماعاتنا، ونبني انطلاقًا منها روابط شركة جديدة ونجدّد حياتنا المسيحيّة وعملنا الرّعويّ.
ويرتبط خيار عيش زمن النّعمة هذا في عام ٢٠٢٤ ببعض الأسباب. أوّلاً، ينوي أن يكون متّحدًا بشكل عميق بالاحتفال بالمؤتمر الإفخارستيّ الدّوليّ الثّالث والخمسين الّذي سيعقد في كيتو في شهر أيلول سبتمبر من العام المقبل حول موضوع "الأخوّة لشفاء العالم. أنتم جميعًا إخوة". وبهذه الطّريقة، نعتزم المشاركة، وفقًا لإمكانيّاتنا الملموسة، في هذه اللّحظة المهمّة من حياة الكنيسة الجامعة. كذلك، فإنّ السّنة الّتي ستبدأ ستشكّل ختام المسيرة السّينودسيّة الّتي بدأت منذ زمن طويل، وستقودنا إلى افتتاح السّنة المقدّسة في عام ٢٠٢٥، والّتي، وفقًا لإرادة البابا فرنسيس، سيكون موضوعها "حجّاج الرّجاء".
إنّ تركيز اهتمامنا على الإفخارستيّا، الّتي هي سرّ الوحدة، وخبز الرّجاء ونبوءة عالم جديد، سيساعدنا لكي نعيش هذه اللّحظات المهمّة بشكل مثمر. وفي هذا الزّمن المميّز، تريد الكنيسة في تركيا أيضًا أن تستجيب بشكل ملموس للدّعوة الّتي وجّهها البابا فرنسيس إلى جميع المسيحيّين: أن يحبّوا الله من خلال عبادته. "إنّ العبادة في الواقع،- كما يقول- هي الجواب الأوّل الّذي يمكننا أن نقدّمه للحبّ المجّانيّ، ولمحبّة الله الرّائعة. إنّ العبادة تعني الاعتراف بالإيمان بأنّ الله وحده هو الرّب وأنّ حياتنا ومسيرة الكنيسة ومصير التّاريخ يعتمدون جميعًا على حنان محبّته. إنّه معنى الحياة.
وخلال الأسابيع المقبلة، سيتمّ إبلاغ المؤمنين بالمبادرات المختلفة المقترحة لكي يعيشوا السّنة الإفخارستيّة على المستوى الوطنيّ والمحلّيّ. ومن المهمّ التّأكيد على أنّ الأمر لن يتعلّق كثيرًا بعيش "أحداث كبيرة" أو "تجمّعات كبيرة"، بل يتعلّق بتبنّي روح ارتداد يلمس حياة كلّ فرد، من خلال خيارات شخصيّة للإيمان والمحبّة: من الأهمّيّة بمكان أن تسأل كلّ جماعة خاصّة، أبرشيّة، راعويّة، رهبانيّة أو أيّ جماعة أخرى نفسها، بتوجيه من رعاتها أو رؤسائها، على أساس إمكانيّاتها واحتياجاتها الخاصّة، عن أفضل طريقة لكي تعيش بدورها سنة الإفخارستيّا. وفي الوقت عينه، كلّ مؤمن، أسقف، كاهن، شمّاس، مكرّس، وعلمانيّ، مدعو لكي يسأل نفسه: كيف أريد أن أعيش هذا الزمن بشكل أفضل؟ ما هي الخيارات الملموسة الّتي يمكنني والّتي أريد اتّخاذها لكي تترك سنة الإفخارستيّا الّتي مُنح لي أن أعيشها علامة حداثة وفرح في حياتي؟".
وفي الختام، دعا رئيس أساقفة إزمير المؤمنين لكي يستعدّوا "للدّخول معًا بفرح في سنة الإفخارستيّا"، وذكّر بكلمات الأسقف لويجي بادوفيزي، النّائب الرّسوليّ في الأناضول الّذي قُتل في ٣ حزيران يونيو ٢٠١٠: "يا ربّ، ساعدنا لكي نؤمن بأنّ حبّك لنا لا يعرف الحدود. إجعلنا نفهم أنّك في الإفخارستيّا أردت دائمًا أن تكون معنا. إفتح أعيننا لكي نفهم أنّ معنى وجودنا يتحقّق في أن نصبح نحن أيضًا خبزًا يعطي الحياة ويعضد. ساعدنا لكي نصبح إفخارستيّا من أجل إخوتنا، أيّ مسيحيّون يقدّمون ما ينالونه: المحبّة والتّعزية والرّجاء"."