لبنان
22 كانون الثاني 2024, 10:30

الكنيسة الشّرقيّة الآشوريّة الأرثوذكسيّة استضافت افتتاح أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين

تيلي لوميار/ نورسات
مع انطلاقة أسبوع الصّلاة من جل وحدة المسيحيّين، شهدت كنيسة القدّيس جوارجيوس للكنيسة الشّرقيّة الآشوريّة الأرثوذكسيّة- سدّ البوشريّة صلاة الافتتاح الرّسميّة، وقد ألقى خلالها البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي عظة بعنوان "إذهب أنت وأعمل مثله" ( لو 10: 37)، قال فيها:

"1. كلمة الله لا تبلغ مبتغاها، ولا تؤتي ثمرها، إلّا عندما "تتجسّد" بالأفعال، على مثال "الكلمة الّذي صار جسدًا وحلّ فينا" (يو 1: 14)، يسوع المسيح، وعلى المستوى البشريّ كما عاش ذاك السّامريّ الكلمة- الوصيّة: "أحبّ الرّبّ إلهك، وأحبَّ قريبك كنفسك" (لو 10: 28)، من خلال إعتنائه بكثير من الرّحمة بذاك المسكين الّذي اعتُدي عليه وتُرك بين حيّ وميت على قارعة الطّريق (راجع لو 10: 30-35). بفعل الرّحمة تحوّلت العداوة التّاريخيّة بين السّامريّين واليهود إلى قرابة روحيّة وإنسانيّة هي أكبر وأسمى من قرابة الدّمّ والنّسب. ولمّا سأل يسوع ذاك اليهوديّ العالم بالشّريعة: "من مِن الثّلاثة: اليهوديّ الكاهن أو اليهوديّ اللّاويّ أو السّامريّ العدوّ صار قريبًا لذاك المسكين؟" كان الجواب الصّواب القاطع: "ذاك الّذي عامله بالرّحمة"، أيّ السّامريّ- العدوّ. فقال له يسوع: "إذهب أنت واعمل مثله" (لو 10: 36-37).

أمثولة رائعة لأسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين الّتي نفتتحها اليوم معًا هنا في كنيسة مار جوارجيوس للكنيسة الشّرقيّة الأشوريّة الأرثوذكسيّة الشّقيقة، شاكرين على الدّعوة والاستضافة.  

2. إنّي أحيّيكم جميعًا باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. وأحيّي اللّجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة بشخص رئيسها سيادة أخينا المطران يوسف سويف المنبثقة من هذا المجلس. كما أحيّي مجلس كنائس الشّرق الأوسط بشخص أمينه العامّ الدّكتور ميشال عبس. تقبّل الله صلاتنا اليوم وطيلة الأسبوع من أجل وحدة جسد المسيح السّرّيّ الّذي هو الكنيسة، وقد تمزّق بالخلافات والانقسامات، وما زال الجرح في حالة نزيف دائم مع ما يثير من شكوك في النّفوس. فالحاجة ماسّة إلى محبّة ورحمة في القلوب من أجل شفائه.  

3. إنّ موضوع أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين هو المحبّة: "أحبّ الرّبّ إلهك ... وأحبّ قريبك كنفسك". هذه وصيّة قديمة نصّت عليها كتب شريعة موسى (تثنية 6: 5؛ أحبار 19: 18)، وجديدة أكّد عليها الرّبّ يسوع وسمّاها أعظم الوصايا (متّى 22: 36-39)، وأُولاها (مرقس 12: 28-31). هذه الكلمة الوصيّة، إذا قبلناها في قلوبنا أثمرت أعمال رحمة، كما جرى لذاك السّامريّ. إنّ كلمة الله تحمل حياة، مثل حبّة الحنطة، المحتاجة إلى أرض جيّدة تُزرع فيها فتعطي ثمارًا خمسين وستين ومئة (راجع متّى 13) هكذا كلمة الله تجتاح إلى قلوب صافية منفتحة على الحبّ، وإلى عقول منفتحة على الحقيقة، وإلى إرادات منفتحة على الخير، لتعطي الثّمار الوفيرة في الكنيسة والمجتمع. كلمة الله تُقبل وتُترجم في أعمال رحمة.  

4. في إنجيل التّطويبات، أعطى ربّنا الطّوبى للرّحماء (راجع متّى 5: 7). فالله المحبّة (1 يو 4) "غنيّ بالرّحمة" (أفسس 2: 4). المحبّة تُترجم بأفعال رحمة تجاه أيّ إنسان، حتّى ولو كان عدوًّا. مع المسيح سقطت العداوة ودخلت تاريخ البشر ثقافة المحبّة والرّحمة. وها الرّبّ يعلن: "سمعتم أنّه قيل: "أحبب قريبك وأبغض عدوّك. أمّا أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم، وباركوا لاعينيكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا على مبغضيكم ومضطهديكم" (متّى 5: 43-44).

هذه هي ثقافتنا وحضارتنا المسيحيّة الّتي نعيشها وننشرها بمثل حياتنا في بيئتنا المشرقيّة، هذه حيث زرعنا الله لنشهد للمحبّة والرّحمة بوجه كلّ ما نرى من عداوات وحقد وبغض وانقسامات وحروب. نعم، المحبّة بطولة والرّحمة بطولة، وما سوى ذلك، هو ضعف.

5. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، كي يزرع الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، المحبّة والرّحمة في القلوب، فيعيش كلّ إنسان جمال صورة الله فينا، وكي يعضدنا في حمل هذه الرّسالة إلى عالمنا الجائع إلى المحبّة، والعطشان إلى الرّحمة. فنرفع آيات المجد والشّكر للثّالوث القدّوس، الآب والإبن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".