الكلّاسي في تعازي البطريرك صفير: بطاركتنا رئة يتنفّس بها مسيحيّو الشّرق حرّيّة وكرامة
"ممّا لا شكّ فيه أنّ كلّ ما قيل عن البطريرك صفير هو مفخرة للبنان وللكنيسة المارونيّة.
البطريرك صفير مشى على طريق جلجلة البطاركة الموارنة الذين لا زالوا يكتبون تاريخ لبنان وهمّهم الوحيد هو أن يظلّ لبنان بلد الحرّيّات، بلد الإيمان، بلد الإنسان وبلد الكرامة الإنسانيّة.
من أوّل بطريرك مارونيّ حتّى البطريرك الحاليّ لم يرتاح لبنان لا سياسيًّا ولا إجتماعيًّا ولا اقتصاديًّا، ولا من احتلالات مباشرة أو تدخّلات مبطّنة.
من أوّل بطريرك مارونيّ يوحنّا مارون إلى كلّ الذين أتوا من بعده مرورًا بإرميا العمشيتيّ 1200 إلى البطاركة الرّزّيّ 1550 وإسطفان الدّويهيّ 1670، إلياس الحويّك 1900 وأنطوان عريضة 1932، بولس المعوشي 1955، أنطونيوس خريش 1975 ونصرالله صفير، إلى البطريرك الرّاعي، جميعهم أتوا في زمن الحروب والمصاعب، كلّهم واجهوا احتلالات، من الخلفاء الرّاشدين إلى العباسيّين والصّليبيّين والمماليك والعثمانيّين، إلخ...
كلّهم واجهوا الظّلم والإرهاب والفقر والبؤس واليأس والتّميّيع والإهمال والكذب والتّسلّط.
في كلّ محطة كان لكل بطريرك من بطاركتنا مواقف ممزوجة بقيم وتعاليم الكنيسة ويسوع المسيح.
لم يهربوا من قدّام الطّغاة.
لم يتوسّلوا أحدًا.
لم يساوموا على أيّ قضيّة.
لم يستسلموا لليأس ولا للشّعور بالعجز أوالإحباط، ولم يتركوا السّاحة لأشخاص أقلّ شجاعة وكفاءة.
البطاركة الموارنة أهينوا، اضطهدوا، نُكّل بهم، أحرقوا (جبرائيل من حجولا)،
كلّ بطاركتنا عاشوا الجلجلة، حافظوا على الأمانة والحرّيّة الدّينيّة وحرّيّة الضّمير.
كلّ البطاركة الموارنة عملوا للبنان أكثر ممّا عملوا للموارنة، أعطوا معنى للبنان، وأرادوا لبنان أرضًا للتّنوع والحرّيّة والتّلاقي والفكر.
مع كلّ التّرهيب الفكريّ والتّرهيب الدّينيّ والتّرهيب الأمنيّ والتّشهير ليس هناك بطريركًا تنازل عن إستقلال لبنان وسيادته .
بطاركتنا رئة لمسيحيّي الشّرق يتنفّسون منها حرّيّة وفخر وكرامة وانفتاح على الآخر ومحبّة وسلام.
رحم الله البطريرك صفير،
بطريرك لبنان الرّسالة،
بطريرك النّعم نعم واللّا لا،
بطريرك الصّلابة والحرّيّة والعيش المشترك."