أوروبا
17 شباط 2022, 08:50

الكرسيّ الرّسوليّ: من خلال وضع الإنسان في مركز المسيرة الاقتصاديّة ستزدهر الكرامة البشريّة والمجتمعات

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتحت منظّمة الأمن والتّعاون في أوروبا، يوم الإثنين، اللّقاء التّحضيريّ الأوّل للمنتدى الاقتصاديّ والبيئيّ الثّلاثين، وناقشت في جلستها الافتتاحيّة موضوع تعزيز الأمن والاستقرار من خلال انتعاش اقتصاديّ مستدام من جائحة كوفيد- 19، أشار خلاله مراقب الكرسيّ الرّسوليّ الدّائم لدى المنظّمة المطران يانوش أوربانشيك، إلى أنّ بلوغ الأمن والاستقرار يتطلّب مكوّنات كثيرة من بينها التّنمية الاقتصاديّة المستدامة والتّعاون.

وقد توقّف أوربانشيك في مداخلته- بحسب "فاتيكان نيوز"- عند اللّامساواة واللّاعدالة اللّتين أوضحتهما الجائحة، لافتًا إلى أنّهما تهدّدان رخاء الشّعوب وأمنها وحياتها، إلى جانب ما تسبّبته من تفاقم أزمات متداخلة فيما بينهما: اقتصاديّة، إيكولوجيّة، سياسيّة واجتماعيّة، أزمات تؤثّر في المقام الأوّل على الفقراء والأشخاص الأكثر ضعفًا.  

وفي هذا السّياق، ذكّر بتأكيد البابا المستمرّ على أنّنا لن نخرج من الجائحة كما كنّا، بل إمّا أفضل أو أسوأ من السّابق. وأعرب عن "ثقة الكرسيّ الرّسوليّ في أنّ مستقبلاً أفضل هو ممكن في حال اخترنا بشكل جماعيّ إعادة التّفكير في فهمنا لمعنى حياتنا ونشاطنا ككائنات بشريّة، وإن كنّا مستعدّين لتغيير أساليب حياتنا الحاليّة. وأحد التّغييرات يتعلّق بنظرتنا الحاليّة إلى الاقتصاد والّذي يجب قبل كلّ شيء أن يكون في خدمة الأشخاص والكوكب"، مذكّرًا بدعوة البابا فرنسيس عالم الأعمال إلى تغيير معايير النّجاح ليصبح المقياس عدد الأشخاص الّذي يخرجون من الفقر المدقع، وبضرورة تعديل النّماذج الاجتماعيّة الاقتصاديّة كي يكون لها وجه إنسانيّ فقده الكثير من هذه النّماذج.

وأخيرًا سلّط مراقب الكرسيّ الرّسوليّ على اللّامساواة في قطاعات اجتماعيّة واقتصاديّة عديدة، وأكّد أنّ الوضع الحاليّ يستدعي جهودًا مشتركة من الدّول الأعضاء في المنظّمة لتقاسم أفضل تطبيقاتها والعمل معًا من أجل تقليص المخاطر الاقتصاديّة ومأساة الجوع وخطر الفقر.

وفي جلسة الثّلاثاء الّتي تمحورت حول أهمّيّة رأس المال البشريّ بالنّسبة للأمن الاقتصاديّ والتّنمية الشّاملة بعد الجائحة، ذكَّر المطران أوربانشيك بحديث البابا فرنسيس في رسالته لمناسبة اليوم العالميّ للسّلام عن العمل باعتباره وسيلة من أجل تحقيق كامل للكرامة البشريّة، وهو بالتّالي شرط أساسيّ لتحقيق الأمن والسّلام الدّائم، واللّذين يمكن بلوغهما "حين تتوفّر الفرص لجميع مَن هم في سنّ العمل كي يساهموا، من خلال عمل كريم، في حياة عائلاتهم والمجتمع ككلّ"، داعيًا الحكومات والمجتمع المدنيّ للعمل معًا على دمج المهاجرين واللّاجئين في المجتمع والاقتصاد. وأشار في حديثه إلى تأكيد الأب الأقدس على الحاجة الملحّة اليوم أكثر من أيّ وقت سابق إلى تعزيز ظروف عمل جيّدة وكريمة انطلاقًا من السّعي إلى الخير العامّ وحماية الخليقة، مشدّدًا على ضرورة بذل الجهود من أجل تشجيع حسّ متجدد بالمسؤوليّة الاجتماعيّة كي لا يكون الكسب المقياس المحرّك الوحيد، معربًا في الختام عن ثقة الكرسيّ الرّسوليّ بأنّه من خلال وضع الإنسان في مركز المسيرة الاقتصاديّة ستزدهر الكرامة البشريّة والمجتمعات ما سيقود إلى أمن ورخاء أكبر.