الكتاب المقدّس والشّباب في المركز الكاثوليكيّ للإعلام
وسيُفتتح أسبوع الكتاب المقدّس بقدّاس إلهيّ مزدوج في كنيسة الصّعود ضبيه، مساء يوم الأحد في 18 تشرين الثّاني/ نوفمبر، بمشاركة راعي أبرشيّة طرابلس للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران أدوار ضاهر، وآخر في كنيسة القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع - سهيلة، بالتّنسيق مع شبيبة الرّعية. ويختتم الأسبوع يوم السّبت في 24 تشرين الثّاني/ نوفمبر، في المجمع البطريركيّ المارونيّ - زوق مصبح.
شارك في الندوة بحسب الوكالة الوطنيّة للإعلام رئيس عام الرّهبانيّة الباسيليّة المخلصيّة نائب رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام الأرشمندريت أنطوان ديب، أمين عام مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الخورأسقف وهيب الخواجه، الرّئيس السّابق للرّابطة الكتابيّة الأستاذ الجامعي الأبّ أيوب شهوان بالنّيابة عن رئيس جامعة سيدة اللّويزة المنسّق العامّ للرّابطة الكتابيّة في الشّرق الأوسط الأب بيار نجم وأمين عام جمعية الكتاب المقدّس الدّكتور مايك باسوس، وحضرها الأب انطوان عطالله، مدير البرامج في جمعيّة الكتاب المقدّس الشّدياق جو عيد، مستشار ترجمة من اتّحاد جمعيّات الكتاب المقدّس العالميّ الدكتور عيسى دياب، وعدد من أعضاء الجمعيّة ومهتمون.
بداية، رحّب الأرشمندريت أنطوان ديب بالحضور باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، وبإسمه الشّخصيّ، وبإسم مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وقال: "هذه السّنة هي سنة الشّباب بامتياز في الكنيسة الكاثوليكيّة، فمنذ أيام قليلة اختتمت أعمال السّينودس من أجل الشّبيبة في روما. إنّ نشاط اليوم يأتي في نفس السّياق ألا هو اهتمام الكنيسة بالشّباب وبالمستقبل، وهدف نشاطنا اليوم هو توعية الشّباب على أهميّة ودور الكتاب المقدس وكلمة الله في حياتهم. في عمر الشّباب تظهر التّساؤلات حول معنى الحياة عامة والحياة الشّخصيّة على وجه الخصوص، ويبدأ الشّاب يتساءل حول التّوجه الذي سيعطيه لحياته ولمستقبله. ومن يمكنه أن يعطي جوابًا حقيقيًّا على هذه التّساؤلات هو الله وحده، وكلمة الله موجهة إلينا بشكل مميّز من خلال الكتاب المقدس. لذلك تحثّ الكنيسة شبيبة اليوم على خلق علاقة عميقة وحميمة مع كلمة الله من خلال الكتاب المقدّس، كي تكون كلمة الله هي البوصلة التي يجب اتّباعها في حياتهم. وبتعبير آخر عليهم أن يقرأوا كلمة الله وأن يصلّوها. وأنهي بكلمة القدّيس أغسطينس حيث يقول: إن صلاتك هي الكلمة التي توجّهها إلى الله، فعندما تصلي فأنت تكّلم الله، أما عندما تقرأ الكتاب المقدّس فإن الله يكلمك".
ثم كانت مداخلة للدّكتور مايك باسوس بعنوان "أسبوع الكتاب المقدّس: أهميّته، غايته وعيشه"، فقال: "إنّ شعار أسبوع الكتاب المقدّس السّادس هو الكتاب المقدّس والشّباب. هو يأتينا بتوقيت نبويّ بعد سينودس الشّبيبة الذي اختتم الأحد الماضي في روما. ويأتي تنظيم أسبوع الكتاب المقدّس، ككلّ سنة، تطبيقًا للإرشاد الرّسوليّ للكنيسة في الشّرق الأوسط - شركة وشهادة، سنة 2012. للتّذكير، فإنّ الكنيسة في لبنان أعلنت سنة 2012 سنة الكتاب المقدّس، وتخلّله أكبر مشروع توزيع كتب مقدّسة في سنة واحدة إذا أخذنا بالاعتبار عدد سكان لبنان. ويستحقّ المشروع أن يدوّن في تاريخ الكنيسة في لبنان، 60 ألف نسخة من الكتاب المقدّس كاملًا وزّعت على العائلات بواسطة الأبرشيّات، و200 ألف نسخة من العهد الجديد وزعت في القدّاس الختاميّ لزيارة قداسة البابا بندكتوس السّادس عشر. أمّا عناوين أسبوع الكتاب المقدّس للسّنوات الماضية، فكانت كالتّالي، سنة 2013 "الإيمان في الكتاب المقدّس"، سنة 2014 "العائلة في الكتاب المقدّس"، سنة 2015 "الرّحمة في الكتاب المقدّس"، سنة 2016 "التّربية في الكتاب المقدّس" وسنة 2017 "الشّهادة في الكتاب المقدّس". أمّا هذه السّنة، فالتّركيز هو على الشّباب. الشّباب المسيحيّ الذي يعتقد أن الهجرة المسيحيّة في ازدياد، وأنّ الكنيسة في وضع البقاء/الدّفاع، وفقدان الرّجاء بمستقبل مشرق هو السّائد بينهم، هل هناك رجاء طويل الأجل، وخطة استراتيجيّة كبيرة للحفاظ على الحضور المسيحيّ في الأراضي حيث نشأت المسيحيّة؟ وأيّ دور للكتاب المقدّس في تثبيتهم في أرضهم؟ جوابًا على السّؤال الأوّل: لا علاقة للحضور المسيحيّ بالعدديّة، فسيّدنا يسوع المسيح وتلاميذه الرّسل الإثني عشر (غير المؤهّلين بحسب معايير اليوم) قد غيّروا مجرى التّاريخ من خلال تعاليم معلّمهم. وقد علّمنا المسيح أننا سنكون ملحًا للأرض ونورًا للعالم. يكمن ثقل الحضور المسيحيّ بقوّة التّأثير والتّغيير الإيجابيّ في المجتمع، والخدمة الجيّدة التي يقوم بها المسيحيّون تجاه الآخرين. لم يطلب يسوع منّا أبدًا أن نكون مجموعة كبيرة تملك من مكامن القوّة المادّيّة الشّيء الكثير، وتتكلّم بصوت مرتفع، بل على العكس من ذلك، هو يطلب منّا أن نخدم بصمت. وهنا اقتبس من تغريدة للبابا فرنسيس بتاريخ 15 تموز: حاولوا ان تقرأوا الإنجيل لخمس دقائق كل يوم وسترون كيف ستتغيّر حياتكم. هذه الدّعوة الموجّهة لنا من قداسة البابا، هي دعوتنا للشّباب بمناسبة إطلاق أسبوع الكتاب المقدّس لهذه السّنة، أن تمضوا وقتًا مع كلمة الله يوميًّا فتتغيّر حياتكم ويصبح وجودكم المسيحيّ كالملح والنّور. وللمعلومات، هذه الكلمة أيّ الكتاب المقدّس قد ترجم لأكثر من 3325 لغة ولهجة حول العالم. الكتاب المقدّس هو الكتاب الأكثر مبيعًا حول العالم منذ عام 1456، عندما صدرت الطّبعة الأولى لترجمة الفولغاتا في ألمانيا. ومن بين كلّ خمس نسخ توزّع، واحدة هي بشكل تطبيق رقميّ حيث يوجد في المكتبة الإلكترونيّة الرّقميّة Digital Bible Library 2000 لغة ولهجة التي تهم شبابنا وتطال أكثر من 6 مليار من متكلّمي لغات ولهجات العالم. جوابًا على السّؤال الثّاني: لقد اعتدنا، خصوصًا في هذا الشّرق، أن نقبل بالوضع القائم ونستمتع بنجاحات الماضي وغنى كنائسنا والمناصب التّذكاريّة. هذا جيد، ولكن ليس كافيًا، وليست هذه هي الرّؤية التي أرادها سيّدنا يسوع المسيح لكنيسته والبيعة المقدّسة، بل أرادها أن تنمو وتمتد وتتغلّب على أبواب الجحيم. وأنا أقول لك "أنت صخر، وعلى هذا الصّخر سأبني كنيستي، وقوّات الموت لن تقوى عليها". وأنّ الحفاظ على الوضع الّراهن يقلّل من أهميّة شهادة الكنيسة ووجودنا المسيحيّ وخصوصًا الشّباب. لذا جاءت السّلسلة الثّانية من "مع الكتاب كلّ يوم" لتلبّي نداء الكنيسة الجامعة لمسيحيّي الشّرق الأوسط لكي يتجذّروا بـ"الكلمة"، ولكي يشهدوا عن إيمانهم بالمسيح "الكلمة. لقد التزم كلّ من جمعيّة الكتاب المقدّس والرّابطة الكتابيّة بهذه الرّؤية لـ"الكلمة" ولـ"الأرض"، وبهذه الشّهادة، وها هم يستجيبون لنداء الكنيسة، فيقدمون هذه المساهمة، النّسخة الثّانية من "مع الكتاب كلّ يوم" لتساعد الشّباب على التّجذر في "الكلمة" وبالتّالي تجذير "الكلمة" في هذه "الأرض" المباركة، أرض الكتاب المقدّس، أرض المسيح، حيث وضعتنا العناية الإلهيّة لنشهد عن إيماننا بخدمة المحبّة التي نقدّمها لشعوبنا، خدمة تعبّر عن حبّنا لأرضنا ولشعوبنا. جوابًا على السّؤال الثّالث: الرّجاء خيار، وكمسيحيّين، ليس لدينا خيار سوى اختيار الرّجاء، واعتناقه كأسلوب حياة، ونشر تعاليمه. فبتغريدة أخرى لقداسة البابا فرنسيس بتاريخ 23 تشرين الأوّل، أيّ خلال السّينودس، قال: "الرّجاء ليس فكرة بل لقاء، تمامًا كالمرأة التي تنتظر اللّقاء بالطّفل الذي سيولد من أحشائها". ويشير التّاريخ إلى أن أسرع وأقوى حقبة للحضور المسيحيّ كان عندما كانت الكنيسة تحت ضغط هائل واضطهاد، ومع ذلك كانت مفعمة بالرّجاء. وكما قال ترتليانوس، أحد آباء الكنيسة: "إنّ دماء الشّهداء هي بذار الكنيسة. نحن في جمعيّة الكتاب المقدّس قد أطلقنا عدّة برامج كتابيّة للشّباب منها Book for Life - كتاب الحياة، و Biblical Life Skills - مهارات الحياة البيبليّة، و Teambuilding program - برنامج تطوير مهارات الفريق. وقد شاركنا خلال الصّيف الماضي بعدة نشاطات للشّبيبة مع كلّ الكنائس لنطال أكثر من 10 آلاف شاب وصبيّة، وجميع هذه البرامج هدفها تقريب الشّباب من كلمة الله المكتوبة - الكتاب المقدّس - وكلمة الله الحيّ - يسوع المسيح. نتمنّى أن تكون نشاطات أسبوع الكتاب المقدّس ومنشوراته وسيلة فعالة للتّثقف بمحتوى كلمة الله والتّحفيز على قراءة كلمة الله والتّغذي بها يوميًّا. إنّها مساهمتنا في مشروع "الأنجلة الجديدة"، ووسيلة تعاون مع كلّ المؤسّسات المسيحيّة من أفراد وجمعيّات رسوليّة وكنائس، من أجل خلق جماعة مسيحيّة مؤسّسة على الكلمة، وتتغذّى بالكلمة، وتسترشد بالكلمة، وتتعزّى بالكلمة، أيّ جماعة تعيش على الكلمة".
بدوره، عرض الخورأسقف وهيب الخواجه برنامج "أسبوع الكتاب المقدّس"، فقال: "إستنادُا الى الموضوع العام الذي اخترناه لأسبوع الكتاب المقدّس السّادس، خصّصنا القسم الأكبر من برنامج هذا الأسبوع للشّباب، يقينا منّا بأنّ كلام الله الذي يدعو الجميع إلى معرفة الحقّ والالتزام بفعل الخير والصّلاح، يجد لدى الشّباب فسحة واسعة يجيب من خلالها على تساؤلاتهم العميقة وانتظاراتهم. إنّه لمن دواعي الفرح أن نلاحظ أنّ الشّباب يتلقفون رسالة الكتب المقدّسة بقلب منفتح عندما تعرض عليه بالأساليب والطّرق المناسبة، وهي على ما يقول القدّيس يوحنّا بولس الثّاني في رسالته العامّة "رسالة الفادي" تعني المسيحيّين جميعًا، وهي "بالواقع، تجدد الكنيسة، وتقوّي الإيمان والهويّة المسيحيّة، وتعطي مزيدًا من الحماس والدّوافع الجديدة". وهذا في الحقيقة ما يحتاج إليه الشّباب اليوم في مجتمعنا حيث الدّوافع غائبة والأمل ضعيف أمام مستقبل يتّسم بالضّبابيّة والشّك. وتجدر الإشارة إلى أنّ احتفالات هذا الأسبوع تترافق مع انعقاد الجمعيّة العاديّة لسينودس الأساقفة في روما التي خصّصت لموضوع الشّباب والتي اختتمت أعمالها في الأسبوع المنصرم بنداء أخويّ وحار إلى شباب الكنيسة في العالم. وبناء عليه، أعدّت اللّجنة التّحضيريّة لهذا الأسبوع برنامجًا يتوزّع على النّشاطات التّالية:
أ. تكريم مئة طالب فازوا في مسابقة الكتاب المقدّس الالكترونيّة التي نظّمتها جمعيّة الكتاب المقدّس في أسبوع الكتاب المقدّس للسّنة الماضية بالتّنسيق مع الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة، ويتمّ هذا التّكريم خلال القدّاس الإلهيّ في بكركي يوم الأحد في الحادي عشر من شهر تشرين الثّاني، ويسلّم خلاله غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الرّاعي بركة بطريركيّة للفائزين، كما يوزّع عليها كتابين: التّغريد مع الله و Youcat Bible."
ب. الافتتاح المزدوج للأسبوع، خلال قدّاس إلهيّ في كنيسة الصّعود ضبيه، يوم الأحد 18 تشرين الثّاني، مساء، بمشاركة سيادة المطران أدوار ضاهر، راعي أبرشيّة طرابلس للرّوم الملكيّين الكاثوليك. وخلال قدّاس إلهي آخر، في كنيسة القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع - سهيلة، بالتّنسيق مع شبيبة الرّعيّة.
ج. تقام ثلاث ندوات في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، الجمعة 2 تشرين الثّاني 2018 تحت عنوان "إطلاق الأسبوع"، الخميس 8 تشرين الثّاني تحت عنوان "الشّباب والكتاب المقدّس"، والخميس 15 تشرين الثّاني تحت عنوان "محاور تربويّة في علاقة الشّباب بالكتاب المقدّس".
د. مسابقة في الكتاب المقدّس، يتمّ الإعداد لها للمرّة الثّانية على التّوالي بالتّنسيق بين جمعيّة الكتاب المقدّس والأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة وسيتمّ إطلاقها خلال أسبوع الكتاب المقدّس.
ه. ورش عمل حول موضوع الأسبوع: يقوم أعضاء من الرّابطة الكتابيّة بإدارة وتنشيط ثلاث ورش عمل على الشّكل التّالي: ورشة عمل في كنيسة سيّدة البشارة للسّريان الكاثوليك - المتحف يشترك فيها شبيبة الرّعيّة، يوم الاثنين 19 تشرين الثّاني مساء، ورشة عمل في مركز رابطة الأخويّات - الجديدة يشترك فيها أعضاء من شبيبة الرّابطة، الثّلاثاء 20 تشرين الثّاني مساء، وورشة عمل في المجمع البطريركيّ المارونيّ - زوق مصبح، تشترك فيها شبيبة مكتب الشّبيبة في الدّائرة البطريركيّة المارونيّة، يوم الأربعاء 21 تشرين الثّاني مساء".
و. لقاء مع العمل الرّعويّ الجامعيّ، في المدرسة الأنطونيّة الدّوليّة - عجلتون، يوم الخميس 22 تشرين الثّاني، توزّع جمعية الكتاب المقدّس خلاله الجزء الثّاني من سلسلة "مع الكتاب كلّ يوم".
ز. لقاء مع الشّبيبة في زحلة، في مطرانيّة كنيسة الرّوم الأرثوذكس، يوم الجمعة في 23 تشرين الثّاني. يحتوي برنامج اللّقاء على مسابقة في الكتاب المقدّس وعلى برامج مخصّصة للأولاد خلال النّهار.
ح. الاحتفال الختامي يوم السّبت في 24 تشرين الثّاني في المجمع البطريركيّ المارونيّ في زوق مصبح، من السّاعة الرّابعة بعد الظّهر حتّى الثّامنة مساء، وهو كناية عن لقاء موسّع للمسؤولين عن الشّبيبة في الأبرشيّات الكاثوليكيّة يتمّ خلاله عرض الإشكاليّات التي تواجه الشّباب في قراءتهم للكتاب المقدّس بهدف وضع توصيات واقتراحات حلول ترفع إلى مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. إنّ الأمانة العامّة للمجلس إذ تشكر، باسم هيئته العامّة وهيئته التّنفيذيّة كلّ من ساهم في إعداد برامج هذا الأسبوع السّنويّ، تأمل أن يكون هذا الأسبوع فرصة طيبة ليوطّد الشّباب علاقتهم بالكتاب المقدّس، وبواسطته ينموا في القامة والنّعمة والحكمة أغصانا حيّة مثمرة في كرمة الرّبّ، ويعززوا شهادتهم للمسيح في الكنيسة وفي المجتمع، إذ يساهمون في رسالتها مساهمة واعية وبملء المسؤوليّة".
واختتمت النّدوة مع الأب شهوان بالنّيابة عن الأبّ بيار نجم "لماذا موضوع الشّباب والكتاب المقدّس"، فقال: "مرّة جديدة نحتفل بأسبوع الكتاب المقدّس، أسبوع شاءه مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، إيمانًا منهم أنّ بكلمة الرّبّ، إن قبلناها، الخلاص، بحسب كلمة القدّيس يعقوب "اقبلوا بوداعة الكلمة التي يغرسها الله في قلوبكم، والقادرة على تخليصكم". هذا العام قد شاءته الكنيسة عام الشّبيبة بامتياز، فكان الشّباب محور سينودس الأساقفة الأخير، لذلك كان اختيارنا موضوع أسبوع الكتاب المقدّس القادم "الكتاب المقدّس والشّباب". كيف لا وهم أمل الكنيسة وغدها؟ فيهم يتصوّر وجه مجتمع الغد وكنيسته؟ كيف لا وهم حلم يسوع ومشروعه، فيهم تتصوّر أحلام الله لنا، فيهم غرس الله نعمه وينتظر منّا الرّيّ والعناية، لتنمو فيهم الثّمار وافرة، ليتحوّل مجتمعنا إلى أورشليم الجديدة المخلصة والمخلّصة؟ ولكن، كما يقول النّبيّ أشعيا "الشّباب يتعبون وينهكون، والفتيان يعيون ويسقطون" (أش 40,31)، نعم، شابّاتنا وشبّاننا منهكون اليوم، أنهكهم فقدان المعنى، وسوء مثل قدّمناه لهم، أنهكهم العالم بمادّيته، باستهلاكيّته، بفرديّته، بعنفه، ببرودته، بتفككه وانقساماته. لقد أنهك شباننا فقدان المعنى وضياع الهدف، وحدها كلمة الله تعطيهم الرّجاء، وحده روح الله الهامس في الكتب يجدّد قوّتهم، فيحلقوا بأجنحة كالنّسور. يركضون ولا ينهكون، يمشون ولا يتعبون. نقول عن شبيبتنا إنّهم ابتعدوا عن كنيستهم، فهل هم ابتعدوا أم أنّنا فشلنا في جعلهم يرغبون في الاقتراب؟ كم أبعدناهم أحيانا بكسلنا، أو بمثلنا الباهت، أو بعظات فارغة مؤنّبة، أو بأحكامنا القاسية، أو باستخفافنا بدورهم، هم الذين قال لهم بولس الرّسول: لا يستهن بك أحد بسبب كونك شابًا، بل كن قدوة للمؤمنين بكلامك وسلوكك ومحبّتك وإيمانك ونقاء حياتك. وإلى أن آتي، واصل قراءة كلمة الله (1تيم 4: 12-13). هي الكلمة تصبح استمراريّة لحضور يسوع وأداة استعداد لعودته. كم هي محقّة صرخة البابا فرنسيس: "أعذرونا لأنّنا غالبًا لم نصغ إليكم. نعم، بدل أن نفتح لكم قلبنا، ملأنا آذانكم، حياتكم هي ثمينة بالنّسبة إلى الله لأنّ الله شاب ويحبّ الشّبيبة وحياتكم هي أيضًا ثمينة لنا، حتّى إنها ضرورية للسّير قدمًا". شبيبتنا تحتاج اليوم لكلمة عزاء وتشجيع، يريدون أن يسمعوا صوت الرّبّ الهاتف في سفر التّثنية: "تقوّوا وتشجعوا! لا تخافوا ولا ترتعبوا، لأنّ إلهكم سيسير معكم، لن يترككم ولن يتخلّى عنكم (تث 31:6). ليكن هذا أسبوع الكتاب المقدّس المقبل، "الكتاب المقدّس والشّباب" فسحة ارتداد لنا، وواحة لقاء لهم بالرّبّ عبر كلمة الله المحيية"، فنتعلم معهم كيف نصغي للرّبّ الهامس في أعماقنا، لكي ما تشعل كلمة الله في داخلهم نارًا كم رغب الرّبّ بأن تشتعل، لأنّها النّار التي سوف تنير عتمات عالمنا من جديد، ويتحوّل شباننا، وقد لمستهم كلمة الله، إلى حرّاس فجر، يعلنون حب الله لشعبه، ويعلنون بالقول وبالحياة أنّ كلمة الله قادرة على تغيير عالمنا".