دينيّة
15 كانون الثاني 2016, 15:08

الكاهن الصالح الأمين

في نهاية زمن الدّنح وقبل زمن الصّوم الكبير، يخصّص التّقليد المارونيّ ثلاثة أسابيع تحمل إسم "زمن التّذكارات" مقسّمة على الشّكل التّالي :


•        الأسبوع الأوّل: ذكر الموتى من الكهنة،

•        الأسبوع الثّاني: ذكرالأبرار والصّدّيقين،

•        الأسبوع الثّالث: ذكر جميع الموتى المؤمنين.

في الأسبوع الأوّل نتأمّل في إنجيل متّى مَثَل الخادم الأمين العاقل الذي أوكل إليه سيّده أن يعطي خدمه طعامهم في حينه؛ هذا هو الكاهن، هو الخادم (العبد) الصاّلح والأمين والحكيم ليسوع المسيح.

في العهد القديم، تُذكَر لفظة كاهن وأصلها في سفر تثنية الإشتراع ( 10 / 8) حيث كُتب "الكاهن هو الواقف أمام الله يخدمه ويبارك باسمه" أي هو الوسيط بين الله والنّاس، دوره أن يعلّم ويربّي الإيمان، يوجّه معتقداتهم ويمارس أفعال العبادة لله باسمهم ومعهم ويقدّم ذبيحة التّكفير عن خطاياهم.

أمّا في العهد الجديد، فصار يسوع الوسيط الوحيد وأصبح الكاهن خادم كلمة الله إذ أنّ دور الكاهن ورسالته خدمة يسوع المسيح وكنيسته أي جماعة المؤمنين به. من هنا، الكاهن هو العبد أي الخادم الذي أقامه الرّب يسوع أي سيّده على خدمة بني بيته كما ذُكر في إنجيل متى. والكنيسة هي عائلة المسيح الذي هو رأسها أي ربّها وركنها، وهي بالتالي رعيّة المسيح الذي هو راعيها، هي أيضاً جسد المسيح الذي هو رأسها وهي أيضًا كرمة المسيح الذي هو أصلها وجزعها.

 

أمّا صفات الكاهن التي تحدّد خدمته فهي ثلاث:

    الصّلاح: هو الخادم الصّالح أي أنّه:  يتنشّأ (ينمو في تهيئة ذاته) بكلام الإيمان:   كلام الله الذي يحيي ويربّي الإيمان. بالتّعليم الصّالح : تعليم المسيحيّ والكنيسة.
   يدرّب نفسه (روحه) قلبه وعقله وإرادته وضميره على البرّ (الصّلاح- التّقوى- الأمانة  - الفضائل المسيحيّة : الإيمان، الرّجاء والمحبّة، الغيرة، التجرّد، الوداعة...)
    يتعب في عمله ويحتمل الإساءة  والتّعيير والهزء بصبر أي برجاء عون الله الحيّ والمحيي.
    الأمانة: هو الخادم الأمين الذي يعطي بني البيت أي بني الكنيسة، عائلة المسيح، الطّعام في حينه : من خلال خدمة الكلمة حيث ينشر الإنجيل بالوعظ والتّعليم والدّرس والقراءة. ومن خلال خدمة الأسرار أو نعمة تقديس النّفوس بعيش الموهبة التي هي سلطان توزيع الأسرار السّبعة؛ وعدم التّهاون بها لأنّ فعاليّتها من قوّة المسيح والرّوح القدس؛ ودرسها من حيث إمكانيّاتها ووسائلها وسبل نجاحها؛ والإنشغال بها دون سواها وعدم التّلهي وإضاعة الوقت بغيرها كالعبد الشّرير. وأخيراً بالأمانة، خدمة المحبّة تتجلّى في  رعاية الجماعة بالكلام والسّيرة والمحبّة والإيمان والطّهارة لكي تعيش فرح وسلام الوحدة والإتّفاق والأخوّة والتّعاضد والخدمة المتبادلة.
    الحكمة: هو الحاكم الحكيم السّاهر على عمله وخدمته في غياب سيّده والمحافظ على نفسه وعمله من الإهمال والكسل والإنزلاق في تصرّفات غير لائقة أو في تعاليم وأفكار وتيّارات غير صحيحة وغير سليمة.

إذًا، إنّ الكاهن الصّالح، الأمين والحكيم هو خادم أمام الرّب يسوع والوسيط بين الله والنّاس. فإقفال القلوب والآذان أمام كلام الكاهن هو ضياعٌ لكلام الرّبّ يسوع وتعاليمه، وضلالٌ للجماعات كافّة.