الكاميرون – مستشفى راهبات المحبّة مرجعٌ لـ 95000 شخص
الفقر الحقيقيّ في هذا البلد غالبًا ما يكون جهل الوالدين". هذا ما يهمس به الممرّضون والأطبّاء وهم يعبرون الفناء الذي تطلّ عليه الأجنحة والأقسام.
حنان موظّفي المستشفى تجاه المرضى الأطفال يفطر القلب. ليس توبيخهم للآباء والأمّهات إدانةً لهم، بل ملاحظة مؤلمة. ففي الكاميرون، لا يزال الناس يموتون لأنّهم يلجأون إلى الطبيب الساحر بدلًا من المستشفيات.
عليه، في مستشفى نغاوندال، في المنطقة الوسطى من الكاميرون، يتمثّل أحد الالتزامات الرئيسة، في إنقاذ الأرواح عن طريق انتزاعها من أيدي المعالجين.
تمّ افتتاح المستشفى في عام 2016 من قبل راهبات المحبّة أخوات القدّيسة جان أنتيد توريه، وهو نقطة مرجعيّة لما يقرب من 95000 شخص، وهو لا يقيم أيّ تمييزٍ على أساس العرق أو الإتنيّة أو الدين. يركّز المرفق، في المقام الأوّل، على مكافحة مرض السل، الشائع جدًّا في الكاميرون، مع بقاء الملاريا، المرض الأوسع انتشارًا والأكثر تواترًا، وفق ما شرحت الأخت كريستين ريشار، مديرة المستشفى، مع وجود مشكلةٍ صحيّةٍ كبرى ثالثة، هي سوء التغذية.
أمّا في شأن سوء التغذية فقد شرحت الأخت كريستين أنّ السبب هو إمّا الفقر المدقع التي تعيش بعض العائلات فيه، أمّا تعدّد الزوجات، وهي ظاهرة غير نادرة في هذا البلد بما أنّ غالبيّة سكّانه من المسلمين. فإن لم تتّفق الزوجات في ما بينها، أو لو فضّل الزوج إحداهنّ على الأخريات، "فهو لا يوزّع الموارد الماليّة عليهنّ بالتساوي، وغالبًا ما يتحمّل الأطفال العواقب".
الفقر هو إلى حدّ بعيد الجرح الأكثر مأساويّة في نغاوندال كما هو الحال في الكاميرون عمومًا.
نابضٌ حبًّا وألمًا هذا المشهد الذي تصفه "أخبار الفاتيكان": نظرات الأطفال تخترق، لكنّها خائفة أيضًا. هم صامتون، حتّى أصغرهم سنًّا، عيونهم الداكنة الكبيرة تنظر إلى العالم، على الرغم من الإبرة في ذراعهم الصغيرة، على الرغم من حقيقة أنْ، بالنسبة إلى بعضهم حتّى المشي صعب، مثقلٌ بسبب الضعف الناجم عن سوء التغذية والمرض.
موظّفو المستشفى والأطبّاء والممرّضات - العلمانيّون والراهبات - دائما بجانبهم. بلطف، مع المداعبات والابتسامات والرحمة الكبيرة، يفعلون كلّ ما في وسعهم للمرضى والعائلات، لأنْ لا توجد أمّ لا تبقى إلى جانب أطفالها، ليلا ونهارًا، وهي تقدّم الطعام بنفسها، وقد أعدّته في المكان المخصّص لذلك الذي بناه المستشفى.
يبقى التدفّق المأساةَ الكبرى لهذا المكان، الذي يقدّم مجمل أنواع الدعم الصحّيّ، ويعمل أربعًا وعشرين ساعة في اليوم، سبعة أيّامٍ في الأسبوع.
وتضيف الأخت كريستين أنّ المستشفى "غير معروف بما فيه الكفاية، على الرغم من أنّ الناس يستفيدون منه حقّا". ومداخيله لا تكفي لعمله. وتتابع أنّ الفقر، ومشكلة السحرة، يجعلان المستشفى خيارًا فقط، عندما يكون الأوان قد فات بالفعل لضمان البقاء على قيد الحياة. علاوة على ذلك، في كثير من الأحيان، بعد إنفاق الأموال على المعالجين، لا يملك المرضى ما يكفي لدفع الرسوم.
وجه الأخت كريستين يشي ببعض القلق لكنّه مضيء بالامتنان، "تمّ بناء مستشفانا بفضل مساعدة العديد من المحسنين"، من بينهم "مجموعة الهند" التي من دونها ما تمكنّا من شراء بعض التجهيزات، وما استطعنا بناء بعض الهيكليّات، وحفر الآبار الحياتيّة للإيفاء بالحاجة الملّحة إلى المياه."