الفاتيكان
16 آذار 2019, 11:00

الكاردينال نزابالاينغا يتحدّث عن زيارته لأبرشيّة بامباري

زار رئيس رئيسُ أساقفةِ بانغي الكاردينال ديودونيه نزابالاينغا المناطق في شمال شرق جمهوريّة أفريقيا الوسطى التي لم تطأها قدمُ أيّ مسؤول سياسيّ لغاية اليوم، بهدف تفقُّد أوضاع الجماعات الكاثوليكيّة المحلّيّة التي تعيش على غرار الجماعات المسيحيّة الأولى؛ بحسب "فاتيكان نيوز".

شملت الزّيارة بالتّحديد أبرشيّة بامباري الشّاسعة، والتي تفتقر إلى البنى التّحتيّة الأساسيّة، لاسيّما الطّرقات والمراكز الصّحيّة والتّربويّة؛ منطقةٌ تسعى الحكومة لأن تكون حاضرة فيها في وقت يسيطر عليها الثّوار الطّامعون بثرواتها الطّبيعيّة، خصوصًا الذّهب والألماس. وخلال تلك الزّيارة أكّد أنّه لمس تضامنّا كبيرّا بين الجماعات المسيحيّة المحلّيّة وبين الأجيال، على الرّغم من ظروف الحياة المتردّية. وتخلّلت الزّيارةَ أيضًا لقاءاتٌ جمعت الكاردينال نزابالاينغا بعدد من القادة المتمرّدين، تحرّكه القناعة بأنّ عملية السّلام تحتاج إلى تعاونِ وإسهامِ الجميع.

 

ولمناسبة هذه الزّيارة، أُجريت مقابلة مع نزابالاينغا الذي أوضح أنّه مذ أن أصبح كاردينالًا في العام 2016، بدأ جولاته على مختلف أبرشيّات البلاد، بغية الالتقاء بالمؤمنين الكاثوليك الذين صلّوا من أجله. وأضاف أنّه شاء أيضًا أن يزور أبرشيّة بامباري الشّماليّة التي هي أكبرُ أبرشيّات البلاد من حيث المساحة، لكنّها تفتقر إلى الكهنة؛ وبات المؤمنون الكاثوليك يشعرون بأنّهم متروكون. كما أنّ المنطقة المذكورة تفتقر إلى التّعليم الأساسيّ، نظرًا لعدم توفّر الأساتذة، فبات التّلامذة يتلقّون التّعليم من ذويهم. أمّا الوضع الصّحّيّ، فيعاني من مشاكل كبيرة، خصوصًا وأنّ العديد من الأطبّاء والعاملين الصّحّيّين قرّروا النّزوح عن المنطقة بسبب تردّي الأوضاع الأمنيّة. وقال إنّه شاهد الفقر والعوز الشّّديدين مقابلَ الغنى الفاحش الذي يعيش فيه أسياد الحرب بسبب استغلالهم للموارد الطّبيعيّة.

 

وفي معرض حديثه عن لقائه مع القادة المتمرّدين قال الكاردينال نزابالاينغا إنّه بفضل دوره كقائد روحي تسنّت له فرصة لقاء زعماء الجماعات المتمرّدة وتحدّث إليهم بكلّ صراحة. وأضاف أنّ هذا هو واجبٌ يكتسب أهميّة كبيرة نظرًا لغياب الدّولة في تلك المناطق، موضحًا أنّ أحد القادة المتمرّدين عبّر له عن نظرته لاتّفاقيّة السّلام التي تمّ التّوصل إليها في الخرطوم.

وأكّد الكاردينال أنّه تأثّر جدًّا أمام الحماسة التي لمسها وسط السّكان المحلّيّين، الذين عبّروا عن فرحهم وتضامنهم مع بعضهم البعض على الرّغم من الفقر المدقع الذي يعيشون فيه. ولفت أيضًا إلى التّناغم الاجتماعيّ القائم بين المسيحيّين والمسلمين الذين اعتادوا على العيش معًا، وهم يعبّرون اليوم عن رغبتهم العميقة في العيش معًا بسلام ووفاق. وأكّد رئيس أساقفة بانغي أنّ المستقبل هو في يد الأجيال النّاشئة. ومن هذا المنطلق لا بدّ من مساعدة الشّبان وتشجيعهم كي يتمكّنوا من بناء مستقبل أفضل.

 

أمّا في ما يتعلّق بالجماعات المسيحيّة المحلّيّة، فأكّد أنّ هؤلاء الأشخاص ظلّوا أوفياء لإيمانهم؛ مشيرًا إلى أنّهم يتردّدون إلى الكنيسة يوم الأحد للمشاركة في القدّاس والصّلاة والإصغاء إلى كلمة الله. وأضاف أنّ المؤمنين غالبًا ما ينالون سرّ التّثبيت وهم في سنّ البلوغ، كما حصل مع مدرّس في السّادسة والعشرين من العمر، نال هذا السرّ الكنسيّ مع تلاميذه. وكانت لحظةً مؤثّرة، خصوصًا وأنّه درّس مادّة التّعليم المسيحيّ لسنوات طويلة.

 

وفي ردّ على سؤال بشأن ما آلت إليه عملية السّلام، والاتّفاق الذي تمّ التّوقيع عليه في الخرطوم في شهر شباط/ فبراير الماضي بين الحكومة والجماعات المتمرّدة، قال نزابالاينغا إنّه طرح هذا السّؤال على جميع القادة المتمرّدين الذين التقى بهم، وجاءت الأجوبة متفاوتة بين جماعة وأخرى. فقد رأى بعض الزّعماء أنّه يتعيّن على الوزراء أن يلتحقوا بصفوف الثوّار ويتركوا المناصب الحكوميّة؛ فيما اعتبر آخرون أنّه ينبغي أن يتمّ استيعاب المقاتلين في صفوف القوّات المسلّحة، مع أنّ هذا الأمر شبه مستحيل. وبانتظار التّوصّل إلى اتّفاق فعليّ ونهائيّ، ما يزال زعماء المتمرّدين يجنون الأرباح الماديّة الطّائلة بسبب استغلالهم للموارد الطّبيعيّة في شمال البلاد، لاسيّما الألماس والذّهب!

 

وفي الختام ذكّر الكاردينال نزابالاينغا بكلمات الطّوباوي الفرنسيّ فرتسوا ليبرمان الذي أحبّ القارة الأفريقيّة وكان يشدّد على ضرورة الذّهاب إلى حيث تتألّم الكنيسة، وحيث يعيش الأشخاص المتروكون والمقصيّون.