سوريا
13 كانون الثاني 2019, 10:40

الكاردينال زيناري: المدنيّون يدفعون الثّمن الأكبر للحرب السّوريّة

تعليقًا على الكلمات التي قالها البابا فرنسيس بشأن الأوضاع الرّاهنة في سوريا، في خطابه إلى أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ المعتمد لدى الكرسيّ الرّسوليّ يوم الاثنين الفائت لمناسبة تبادل التّهاني بحلول العام الجديد؛قال السّفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري بحسب "فاتيكان نيوز":

"خلال الحرب التي تعيشها سوريا منذ حوالي ثماني سنوات، دفع المدنيّون الثّمن الأكبر، لاسيّما الأطفال والنّساء. وأرجو من الجماعة الدّوليّة البحث عن حلّ سياسيّ لصراع مسلّح ينتهي بهزيمة الجميع. وأذكّركم في هذا السّياق بكلمات البابا فرنسيس يوم الاثنين الفائت عندما طلب من الجماعة الدّوليّة أن تُعطي صوتًا لمن لا صوت لهم.

 

في اليوم الذي أعلن فيه المتحدّث بلسان التّحالف الدّوليّ ضدّ داعش العقيد شون راين عن بدء الانسحاب العسكريّ الأميركيّ من الأراضي السّوريّة، لم تنته الحرب الدّائرة رحاها في سوريا. ويوجد مناطق في سوريا ما تزال تدور فيها مواجهات مسلّحة، وبعضها يحمل على القلق الشّديد بشأن مصير الصّراع السّوريّ؛ خصوصًا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار ما يجري في محافظة إدلب الشّماليّة الغربيّة، وذلك في إشارة واضحة إلى التّهديدات التّركيّة باستهداف المجموعات المسلّحة الكرديّة في المنطقة.

 

في سوريا، وعلى الرّغم من بعض مؤشّرات الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها في بعض المناطق السّوريّة، ما تزال الأوضاع التي يعيش فيها جزء كبير من المدنيّين السوريّين في غاية الخطورة، خصوصًا في وقت أعلنت فيه منظّمة "أنقذوا الأطفال" أنّ الأمطار الغزيرة التي سُجلت في محافظة إدلب تحمل انعكاسات خطيرة على حياة أكثر من أحد عشر ألف طفل يقيمون حاليًّا في مخيّمات النّازحين. لذا، أنا قلق حيال مصير الأشخاص الذين أُرغموا على ترك بلداتهم وقراهم، ويوجد أكثر من اثني عشر مليون مواطن سوري، أي حوالي نصف مجموع عدد السّكان، يعيشون خارج بيوتهم. ومن بين هؤلاء حوالى ستّة ملايين ونصف مليون مهجّر داخل البلاد. ويضاف إليهم حوالي خمسة ملايين ونصف مليون لاجئ آخر وجدوا مأوًى لهم في الدّول المجاورة، لاسيّما لبنان والأردن. وقد عبّر البابا فرنسيس عن امتنانه لهذه الدّول المجاورة لسوريا على الضّيافة التي تقدّمها لأعداد هائلة من النّازحين السّوريّين.

 

وفي دمشق، خلال السّنوات الثّماني الماضية، لم يحظ المواطنون السّوريّون بالحماية اللّازمة، كما تعرّض عدد كبير من المستشفيات للقصف. وبحسب معطيات منظّمة الصّحة العالميّة، أُقفلت أربعة وخمسون بالمائة من المستشفيات السّوريّة بشكل كامل أو جزئيّ. وأعتقد أنّ التّوصّل إلى حلّ سياسيّ للصّراع في سوريا ليس أمرًا سهلًا، لكنّه تمنّى أن تتوقّف أعمال العنف على الأقل."

 

وكان الكاردينال زيناري قد التقى الشّهر الفائت بالبابا فرنسيس في الفاتيكان، وقال إنّه عبّر للبابا عن امتنانه على الجهود الحثيثة التي يبذلها من أجل إعادة السّلام إلى الرّبوع السّوريّة. ولفت إلى أنّ الوضع على السّاحة السّوريّة ازداد تعقيدًا على مدى السّنوات الثّماني الماضية، موضحًا أنّه تتواجد اليوم على التّراب السّوري حوالى عشرين دولة تتدخّل من خلال السّلاح والمقاتلين، ومن بين هذه الدّول خمسٌ من أقوى دول العالم عسكريًّا. هذا فضلاً عن وجود فصائل مسلّحة تتقاتل فيما بينها، وكلّ ذلك يتمّ على حساب المدنيّين والأشخاص الفقراء والأطفال. وأكّد زيناري أنّ عددًا كبيرًا من الأطفال السّوريّين قضوا تحت القنابل منذ بداية النّزاع المسلّح.

 

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ البابا فرنسيس، وفي كلمته إلى أعضاء السّلك الدبلوماسيّ المعتمد لدى الكرسيّ الرّسوليّ يوم الاثنين الفائت، خلال اللّقاء التّقليدي لمناسبة تبادل التّهاني بحلول العام الجديد، ذكّر بضحايا الحروب التي يشهدها عالمنا اليوم، لاسيّما في سوريا، وقال: إنّي أوجّه مرّة جديدة نداءً إلى الجماعة الدّوليّة كي تعمل في سبيل حلّ سلميّ للصّراع. وطالب بوضع حدّ لانتهاكات القانون الإنسانيّ، مشيرًا أيضًا إلى موجة النّزوح الكبيرة وليدة الحرب السّوريّة، والتي أثّرت على الدّول المجاورة، لاسيّما الأردن ولبنان البلدين اللذين استقبلا أعدادًا هائلةً من النّازحين بروح الأخوّة، ما تطلّب تضحيات جمّة، على أمل أن يعود هؤلاء النّازحون إلى ديارهم عندما تتوفّر الظّروف الملائمة لذلك.