الكائن والزمان ETRE et TEMPS بين الانطولوجيا والانتربولوجيا
وأضاء الشّموع وذهب إلى الحجّ باحتفاليّة الأيام الينبوعيّة وزمن البدايات والطّهارة والنّقاء بعماد المياه المقدّسة المطهّرة من الدّنس وحمل الأسماء التي تردد صفات وجمال الآلهة الأولى وبين الدّايم دايم والأزليّ والسّرمديّ والأبديّ وباطل الأباطيل وكلّ شيء باطل كلّ شيء إلى زوال، وحياة الإنسان كعشب الحقل الذي تأكله النّار وكآبته ووحدته. إنّه كائن «المعية» أن تكون لا تعني فقط أن تكون كحجر جامد يجاور حجرًا آخر لا يشعر به ولا يحسّ بأيّة حرارة تجاه الآخر. بل هو كائن المعية أنا موجود دائمًا مع آخر نظرته التي تعطيني معنى، كلمة معي تشيد بي من صمت وجودي، وإن تردّدت ذاتي مع ذات آخر هو أنت، أنا هي حقًّا حبّ، أنا - أنت ولا نعيش في غربة عن الآخر بل في تبادل وجدانات كما يقول موريس نودنسل Maurice Nedoncelle فهل الآخر هو الجحيم كما يقول سارتر:
L'enfer c'est les autres.
اذا كان هذا الآخر منافسي في الوجود، فهو يجعل وجوده ووجودي جحيمًا، ويصبح الإنسان ذئبًا لأخيه الإنسان كما يقول Holies Homo.chourini lujus أو كما يقول هيجل شهوة لقتل الآخر ويصير الوجود عصًا قاينية ترتفع لتقتل هابيل البريء وتفج رأسه وتترك دمه يسيل على التّراب وهو يصرخ إلى السّماء.
أمّا إن الوجدان هو كما يقول الفيلسوف المظهريّ الألمانيّ هوسرل Husserl هو وجدان لحضور آخر فيه وإلّا انتفى الوجدان من كينونته وصار صخرًا أو خشبة يابسة أن تكون لا تعني أن تكون كائنًا بيولوجيًّا فقط بل أن تكون المعنى وتنوجد في تبادل الوجدانات. فالحجارة والصّخور والأشجار كائنات تنوجد في عمليّة المجاورة jusetaposition ولا تعرف من هو موجود قربها فهي هناك متروكة ومرميّة، مشلوحة بلا وجدان إنّها في خواء هذا الوجود - chaos، أمّا الإنسان فهو وجدان لحضور دائم يعطي معنى للآخر ويشيد به من غربته ووحدته.
يقول هوسرل :
La conscience est toujours conscience de quelque chose
الحبّ والهيام والعشق والوله والبغض والحقد والكره والحسد والازدراء والغرق في النّرجسيّة الذّاتية يلتقيان بمعنى أنّ لا حبّ من دون آخر موضوع حبّ أنّ لا بغض ولا كره من دون وجود آخر يكون موضوعًا لعداويتي. الاثنان بحاجة إلى آخر يكون قربانًا أو ضحيّة لكنّ الحبّ يكون بعمليّة تراقي مليئة بالنّورانيّة والجمال والبغض يكون بعملية تدميريّة للذّات قبل تدمير الآخر، لأنّها عمليّة ذئبيّة نهشيّة تعدمني وتعدم الآخر، تلغني لأنها تلغي الآخر.
}الانسان كائن تيوسنتريك}
قلب المحبّ مجمرة سماويّة وقلب المبغض بركان لهب وحمم ونار يقذفها بنسمه وفيها وجمر الحرائق والموت. الكيان الإلهيّ أو الذّات الإلهيّة محبّة «لأن الله محبّة هو» والكيان أو الكائن الإنسانيّ لأن الله صنعه على صورته وشبهه ومثاله هو كائن لا يكون إلّا في المحبّة.
التّيولوجيا الإلهيّة تلتقي بالانتربولوجيا الإنسانيّة وقلب الإنسان هو كائن تيوسنتريك مركزي الإلوهة Theocentrique.
لذلك فإنّ الله يفيض حياة لأنّه محبّة، بينما المبغض يفيض موتًا thanatos عندها يموت الكائن ويتدمّر الزّمن ويلغى الوجود ويعمّ الموت والظّلام الوجود لا يكون إلّا نقيض من الحبّ والعطاء والفرح والنّورانيّة والحياة. فأنا أكون عندما أكون في المحبّة أو لا أكون في الزّمن عليّ أن أحبّ إن أحببت أنوجد «والزمن».
التّعادليّة قائمة بأنّ الوجدان الذي يعي الحضور في رحيل الزّمن الأبديّ وبدايته ونهايته ومعطوبيّة الكائن البشريّ الذي يقهره الخوف من المرض والموت والزّوال لذلك فإنّ إله المسيحيّين هو الحيّ الدّائم وهو القيامة والحياة ونحن نكسر الخبر ونشرب الخمر لنتذكّر الآن وفي الواقع صلب ومات ودفن وقيامة يسوع الذي هو سيد الزّمان والمكان.
ديكارت قال: «أنا أفكّر فأنا موجود» أمّا أنا أقول: «أنا أحب فإذًا أنا موجود».