القدّيسة ريتا شفيعة الأمور الصّعبة والمستحيلة
"إنّه عيدك اليوم في 22 أيّار، وأنا من بين الكثيرين من النّاس الّذين يطلبون شفاعتك ويسألونك مصلّين لك لتساعديهم في جميع أمورهم الصّعبة والمستحيلة، وتطلبي من يسوع أن يشفق عليهم ويرحمهم ويخفّف عذاباتهم وصعوباتهم وآلامهم وأوجاعهم. أنت الّتي قاسيت الآلام والآوجاع طوال حياتك حتّى الشّوكة الّتي انغزرت في جبينك سنة 1441 ودامت حتّى وفاتك سنة 1457، وأنت في السّادسة والسّبعين من عمرك.
ولدت القدّيسة ريتا سنة 1381 في بلدة روكابورينا بالقرب من مدينة كاشيا، في منطقة سبولتو حيث كان يوجد دير للقدّيسة مريم المجدليّة في كاشيا للرّاهبات الأغوسطينيّات. في سنة 1390 بلغت ريتا التّاسعة من عمرها وكانت تخرج في اللّيل لتصلّي على "صخرتها" الهادئة والحبيبة. هكذا شربل كان يخرج ليصلّي.
في السّادسة عشرة من عمرها كانت رغبتها أن تصبح راهبة لكن والديها كانا يعدّان لها عريسًا هو باولو مانشيني، وهو كان رجلاً فظّ الطّباع قاسيًا وشقيًّا وأساء معاملتها والتّصرّف معها فأنجبت منه ولدين توأمين هما جان جاكومو أنطونيو وباولو- ماريا.
"وتحمّلت أطباع زوجها الفذّة مدّة 18 سنة حتّى تاب وطلب منها الغفران" (القدّيسة ريتا، صلاة المساء والقدّاس والزّيّاح، الكسليك 2014- لبنان، ص 30).
وتوفّي والداها بعد زمن يسير وتأسّف الوالد نادمًا على إرغام ابنته ريتا بالزّواج من هذا الرّجل الشّقيّ الشّرير القاسي الطّباع الّذي يسيء معاملتها بشراسة وبعنف لا يطاق وأصبحت ريتا وحيدة لا سند لها بعد موت والديها.
"وفي أحد اللّيالي كان زوجها عائدًا إلى البيت في الطّريق المحاذية للنّهر فهجم عليه أعداء له وقتلوه" (القدّيسة ريتا، صلاة المساء والقدّاس والزّيّاح، الكسليك 2014، لبنان ص 68- 69).
لم يقاوم زوجها قاتليه ولم يكن يحمل سلاحًا لأنّه تاب فأثر موته في نفس ريتا وحاولت أن تخفي جرم قتل زوجها عن ولديها القاصرين، لكنّهما عرفا من الجيران وأرادا الأخذ بثأر والدهما. فصلّت ريتا كي لا يفعل ولداها هذه الخطيئة فتوفّيا بسبب المرض عن عمر مبكر من دون أن ينفّذا أيّة جريمة أو خطيئة.
فذهبت ريتا إلى دير للرّاهبات وقالت للأمّ الرّئيسة إنّها منذ طفولتها كانت تريد أن تصبح راهبة فأعطتها الأمّ الرّئيسة غصن كرمة يابس وطلبت منها أن تزرعه على صخرة الدّير وتصلّي ليورق بعد أن سقته لسنة كاملة علامة لتدخل الدّير فأورق وأعطى ثمرًا وكان عمرها 36 سنة. وإنغرزت شوكة في جبينها زادت من آلامها سنة 1441 حتّى توفّيت في ديرها في 22 أيّار سنة 1457 وهي في السّادسة والسّبعين من عمرها.
وأنا أعرف ديرها الّذي زرته في كاشيا ورأيت الصّخرة الّتي أورق عليها الغصن اليابس، وأعرف القلّاية الّتي انفردت فيها بعد أن أصبحت رائحة جرح الشّوكة المغروزة في جبينها غير محمولة في الدّير. ورأيت آلاف الزّوّار الّذين يأخذون أوراق الغصن اليابس الّذي زرعته ريتا على الصّخر بأمر من آلام الرّئيسة وكيف توزّع الأوراق اليابسة المعطّرة الرّائحة على الزّوّار والمرضى لينالوا الشّفاء والصّحّة وتحقيق أمنياتهم وطلباتهم.
فيا ريتا شفيعة الأمور الصّعبة والمستحيلة استجيبي طلبات جميع من يسألك أن تشفعي له لدى الله ليعطيه ما يحتاج إليه من صحّة وعمل وتوفيق وسلام ونجاح. أنت يا من صرت المثال في مواجهة الآلام والعذابات والأشواك والغفران وعطاء الذّات الكامل، أعطنا أن نكون مثلك رائحة المسيح الطّيّبة ونتشبّه مثلك بآلامك وتنغرز فينا مسامير الآلام والإساءات والأوجاع والعذابات فنقدّمها غفرانًا عن خطايانا وتحلّ أمورنا المستحيلة والصّعبة. واجعل يا ربّ سلامك في وطننا وفي العالم أجمع بشفاعة القدّيسة ريتا. وعيد مبارك على جميع من حمل اسمها".