لبنان
11 آذار 2018, 14:24

القدّاس السّنوي لإقليم الكورة في كاريتاس لبنان في ضهر العين

نظّمت كاريتاس لبنان - إقليم الكورة قداسها السنوي، في كنيسة سيدة الوحدة في مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك - ضهر العين، بمشاركة رئيس أساقفة طرابلس والشمال إدوار ضاهر وراعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده ورئيس كاريتاس لبنان الأب بول كرم، ومنسق جهاز البنى الاقليمية في كاريتاس لبنان الأب رولان مراد والكاهن عبدالله سكاف، في حضور أمين المال العام يوسف الخوري وقائمقام المنيه - الضنية رولى البايع والمنسق العام لشبيبة كاريتاس لبنان بيتر محفوظ، ورئيس اقليم الكورة المحامي جورج طحان، ورؤساء أقاليم وأعضاء المكاتب، ومندوبين من الكورة والمنطقة، وشبيبة كاريتاس، وعدد من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى ضاهر عظةً تناول فيها معنى الصّوم والصّلاة وفوائدهما؛ وقال فيها: "كم من النّعم الروحيّة يحصل عليها كل من يصوم ويصلّي. من هذه الثمار، هي أن نكون أقرب إلى المسيح وأن نسكن فيه وهو يسكن فينا، وعندها نعرف أنّ الإيمان به يزيدنا نقاءً وطهارةً وفرحاً وانفتاحاً على الآخر، فنعرف أنّ "كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر9/23)، خصوصاً عندما نسأل الرّب أن يعين قلّة إيماننا. من الثمار أيضاً أنّه بالصّوم والصّلاة نجعل يسوع يفتح لنا أبواب رحمته وحنانه، بهما نحسّ بقوة لا تغلبها قوّة أرضيّة، فنفرغ ذاتنا لنمتلىء من المسيح، آنذاك فقط نهدم حائط العداوة وجدار القسوة المعشش في قلوبنا. كذلك بالصّوم والصّلاة نتمكّن من التّمتّع بالصّمت لنسمع كلمات يسوع تدخل أعماقنا فتبدلنا وتحوّلنا، فلا نجرؤ أمامه على الكلام إلا عندما نشعر بأوجاعنا وخطيئتنا، فنتفوّه بنعمة الرّوح القدس بصلوات، طالبين منه الشّفاء وأن يقبلنا أولاداً وإخوةً له."

أضاف: "الأناجيل في آحاد الصّيام لها معنًى خاص، وهي تساعدنا لندخل في سرّ الكنيسة وفي سرّ آلام يسوع وقيامته. ففي الأحد الأول والثاني رسخت فينا الكنيسة العقائد الإيمانيّة ووضعت لنا في الأحد الثالث الصليب لنكرّمه لأنّه طريقنا الى القيامة. أمّا في هذا الأحد فتدعونا الكنيسة الى المثابرة على الصّلاة والصّوم والتّوبة على مثال القديسين يوحنا السلمي ومريم المصرية. وعلى المسيحي أن يحصن ذهنه بالصّلاة والصّوم ليصير هيكلاً للروح القدس كما يقول بولس الرسول "أنتم هيكل الله". وأوضح ما سمعناه في الإنجيل المقدّس عن حادثة شفاء الفتى من روح الشيطان الموجود فيه، فهو يريد أولا أن يركّز على الإيمان والصّلاة، كما أنّه يلحظ عدم قدرة تلاميذ يسوع على شفاء الصبي، وقد عملوا كل ما بوسعهم أن يفعلوه باسم الآب. والإنجيل بهذا يصف معاناتنا اليومية، فالمسيح يقف معنا في مواجهة آلامنا وأفكارنا الشريرة، ويقف معنا في وقت ضعفنا ومحننا وصعوباتنا وعندما نضطهد ويتألب الناس علينا. إنّنا نشبه الصبي المصروع الذي تخلّى عنه كل الناس ولم يبق له إلا يسوع ليشفيه. فهذه الحادثة تمثل مظهراً من مظاهر العنف والإرهاب الذي نشهده اليوم في مجتمعاتنا، ولا نجد إلا يسوع نلجأ إليه ليشفي مجتمعاتنا."

وتابع: "رتّبت الكنيسة أن نقرأ في هذا الأحد الرابع من الصّوم إنجيل شفاء الصبي من الروح الشريرة التي امتلكته، لتقول لنا أنّ الحرب ضدّ الشر وضدّ الذين يحملون العنف في داخلهم تحتاج إلى الصّوم والصّلاة والإيمان؛ والفكرة الثانية التي يعلمنا إياها انجيل اليوم هي الإيمان. فيسوع دعا الأب المتألم والحزين ليؤمن وقال له: "إن استطعت أن تؤمن فكل شيء ممكن للمؤمن". فصاح أبو الصبي لساعته بدموع وقال: "إنّي أؤمن يا رب. فأعن قلّة إيماني. إنّنا قليلو الإيمان لأنّنا نعتمد على قوانا الشخصية ولا نحسب حسابا لله القادر على كل شيء. الكنيسة تعلّمنا أنّ لا شفاء بدون إيمان ولا خلاص بدون إيمان. ولا يكفي أن تكون عندنا نوايا حسنة بالإيمان، بل يجب علينا أن نضع بالقول والعمل ما نؤمن به."

وقال: "تدعونا الكنيسة من خلال هذا الإنجيل لأن نستفيد من فترة الصوم لنقوم فينا كل اعوجاج، فالصّوم وقت مقدّس نلتقي به الله ونتحاور معه. إنّ الله غفور عطوف ومحبّ للبشر، لو أردنا أن ننعم برحمته التي لا حدّ لها، علينا أن نكون أولاً فقراء الروح وبكلام أسهل نشعر بحاجة ماسّة إليه فيملأ حبّه قلبنا ونصير أغنياء به. ونقف اليوم مع أخي صاحب السيادة المطران جورج أبو جودة، مع كاريتاس لبنان، وبحضور هذه الكوكبة من الآباء والكهنة والرهبان والراهبات والمتطوعين من المؤمنين، ونتمنّى لهم التوفيق والنجاح، ونصلّي لهذا الجهاز الكنسي المسيحي التي نفتخر به، لما يقدّمه ويفعله من أعمال لخدمة المحبة ومساعدة الأشخاص والجماعات، وللقيام بالنّشاطات الإنسانيّة والاجتماعيّة والإنمائيّة وفقاً لتعليم الكنيسة الاجتماعي، ونضع أعماله بعهدة عمل الرّوح القدس، وهذا ما يقوم به إقليم كاريتاس الكورة، من خدمة المحبة وبلسمة لشفاء قسم كبير من أبناء منطقتنا على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ومشاربهم."

وختم: "نحيي جميع الذين يساهمون بفلس الأرملة مع هذه المؤسسة ونصلّي لهم، ونثمّن جهود القيمين على إدارتها لما فيه عمل المحبة وخير النفوس. وأختم كلمتي بدعاء وصلاة على نيّة الحاضرين قائلاً: أيّها الثالوث القدّوس أفض علينا روحك القدوس، بشفاعة العذراء مريم سيدة الوحدة شفيعة هذه الكنيسة المقدّسة، وثبّتنا في إيمان الكنيسة الواحدة الجامعة المقدّسة الرّسوليّة."

وفي ختام القدّاس، شكر كرم لضاهر المشاركة في القدّاس، متمنّياً أن يكون القدّاس المقبل في الكاتدرائية التي تبنى، ونوّه كرم بكل من يشارك ويشجع كاريتاس في مسيرتها ويشارك في بالتبرع وتقديم العون في حملة كاريتاس لجمع التبرعات، مؤكّداً ايمانه بأن"كل من يعطي يعطيه الله الأضعاف، وهذا ما يجسّد عطاء كاريتاس.

وشكر رئيس الاقليم المحامي جورج الطحان لضاهر استضافة هذا القدّاس على نيّة عائلة كاريتاس، ومدى"أهميّة محبّته ورحابة صدره، وهذا يدلّ إلى أنّه يمثّل جناح المحبّة لنا ولرسالة كاريتاس الانسانيّة."

ثمّ، قدّمت الورود والأيقونات من المطرانيّة لأعضاء كاريتاس.