دينيّة
07 تموز 2021, 07:00

القدّيس توما النّاسك... عمود نار

ريتا كرم
هو قدّيس انتهل من نبع الكلمة المنعش، واقتات من تعاليم الله المحيية، وتزوّد من خيراته السّماويّة فشعّ قداسة وهو لا يزال حيًّا. إنّه توما النّاسك الّذي لا يمتّ إلى توما الرّسول بأيّ صلة، وتحتفل الكنيستان المارونيّة والأرثوذكسيّة بعيده اليوم.

 

كان توما من أسرة لا ينقصها من الجاه شيء. أسرة نبيلة وشريفة افتخرت بابنها القائد في الجنديّة المعروف بشجاعته وبسالته وانتصاراته العديدة على البرابرة الأعداء.

تحوّل هذا الرّجل الصّلب إلى خدمة الرّبّ بعد أن اخترقت قلبه محبّة المسيح الّتي قلبت كلّ المقاييس. محبّة جعلته يزهد بالعالم ويترفّع عن كلّ ملذّاته ويتخلّى عن كلّ ماضيه ويترك كلّ أموال وجاه الدّنيا ويمضي فقيرًا متواضعًا ناسكًا حاملاً نير يسوع وحده.

لم يشعر توما البارّ في عزلته بوحدة لأنّه ملأها بالصّلوات والأسهار والإماتات مرتقيًا بسموّ سلّم الكمال، متّخذًا إيليّا النّبيّ مثالاً له، هو الّذي كان يظهر له مرارًا مخاطبًا ومشجّعًا.

هذا القدّيس أدهش العالم بآيات صنعها الربّ من خلاله، إذ كان يضيء منسكه نور إلهيّ سطع فأبهر عيون أنقياء القلوب الّذين كانوا يرونه أثناء صلاته كعمود نار.  منحه الله نعمة طرد الشّياطين وشفاء المرضى وردّ البصر إلى العميان ونعمة السّير إلى المقعدين. كلّ تلك الأعاجيب لم تخطف منه تواضعه بل ثبّتته في الإيمان والفضائل والصّلاة والتّأمّل، وصمّت آذانه عن كلّ مديح وثناء إلى أن رقد بسلام ساكبًا على كلّ زائر لضريحه نِعَم السّماء بكرم وخصب مشهود لهما.