القدّيسان قسطنطين وهيلانة المعادلا الرسل
"حدث في عهد القدّيسين قسطنطين ووالدته هيلانة حدثان مسيحيّان مسكونيّان مهمّان جدًّا، وهما اكتشاف خشبة الصليب الكريم المحيي ضمن حملة قامت بها الإمبراطورة هيلانة إلى أورشليم حوالى عام 326م، وانعقاد المجمع المسكونيّ الأوّل عام 325م برعاية الملك قسطنطين وتمويله وحمايته والذي أعلن فيه الآباء الإيمانَ الذي استلموه من الربّ والرسل الأطهار، أي تأكيد ألوهة المسيح ودحض هرطقة آريوس، ونصّ هذا المجمع أيضًا على الشكل النهائيّ للجزء الأوّل من دستور الإيمان الذي نتلوه في الكنيسة، أي حتّى "وبالروح القدس".
بالإضافة إلى أمور أخرى قام بها قسطنطين مثل ترسيخ السلام تجاه المسيحيّين ووقف الاضطهاد ضدّهم مع مرسوم ميلانو عام 316م الذي أعطى الحرّيّة الدينيّة للجميع بالتساوي، هذا ما جعل المسيحيّة تخرج من الظلّ إلى العلن بشكل رسميّ، وبخاصّة أنّه أرجع لهم حقوقهم المدنيّة، وأصبح يحق للمسيحيّين الترشّح للمناصب الحكوميّة والعامّة البارزة، وساعد في بناء الكنائس والأديرة وأعفاهم من الضرائب، وقدّم لهم أبنية عامّة لتكون أماكن عبادة. هذا أدى رويدًا رويدًا إلى اختفاء العبادة الوثنيّة.
أبرز الكنائس التي أمر قسطنطين بتشيدها كنيسة الرسل المقدّسة في القسطنطينيّة، وبازيليك القدّيس بطرس في روما، وكنيسة القيامة في أورشليم التي تضمّ مكان صلب المسيح وقبره الذي يفيض منه النور الإلهيّ في سبت النور.
كما أعلن فسطنطين عام 321م أنّ يوم القيامة عند المسيحيّين - يوم الأحد - هو يوم عطلة رسميّة في أنحاء الإمبراطوريّة. وألغى عقوبة الصلب الرومانيّة احترامًا للربّ، وقام بتحرير العبيد، وأمور قانونيّة أخرى وُصفت بالإنسانيّة، منها عدم وشم وجه المحكوم عليه بالإعدام لأنّ وجه الإنسان خلق على صورة الله.
ساعد قسطنطين على نشر المسيحيّة لمّا طلب في العام 331م من الأسقف إفسابيوس القيصريّ صنعَ خمسين نسخة من الكتاب المقدَّس لتوضع في كنيسة القسطنطينيّة في المدينة التي أنشأها كـ"روما الجديدة" في الشرق، مكان مدينة بيزنطيا الوثنيّة. من هنا المصطلح "روميّ" هو الذي يشير إلى المسيحيّة ويجب استعماله، وليس "بيزنطيّ" على الإطلاق.
حدث مع قسطنطين ظهور في حوالى عام 312م عندما رأى الصليب في السماء وعرف أنّه بهذه العلامة ينتصر. وهذا ما حصل بالفعل بعد أن وضع الحرفين الأوّلين لاسم المسيح باليونانية "Chi-Rho" XR (XRISTOS) فوق بعضهما على الرايات والدروع. إلّا أنّ الانتصار الحقيقيّ الذي يريده الربّ هو الانتصار على الشرّير وقيامتنا نحن كخليقة جديدة به.
هيلانة كانت مسيحيّة، أما قسطنطين فاعتمد في آخر حياته راجيًا غفران خطاياه."