لبنان
08 تموز 2019, 08:44

العنداري في عيد "أبونا يعقوب": نحن مدعوّون إلى أن نكون مستعدّين للمجازفة لكي نشهد للحقيقة وندافع عنها

أحيت كنيسة السّيّدة الحبشيّة- غزير عيد الطّوباويّ أبونا يعقوب الحدّاد الكبّوشيّ، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه النّائب البطريركيّ العامّ على أبرشيّة جونية المارونيّة المطران أنطوان نبيل العنداري، عاونه فيه لفيف من الآباء، بحضور رسميّين وفعاليّات المنطقة ومؤمنيها.

 

بعد الإنجيل، ألقى العنداري عظة قال فيها نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "تذكّرنا الكنيسة في زمن العنصرة أيّ عند انطلاقتها بعد حلول الرّوح القدس أنّها كنيسة رسوليّة تحمل بأمانة إلى العالم رسالة المعلّم الإلهيّ، لقد أسّس الرّبّ هذه الكنيسة على 12 رسولاً يقول لنا قداسة البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني بأنّ العالم يؤمن بالشّهود أكثر منه من المعلّمين وبالاختبار أكثر منه بالعقيدة وبالحياة والأعمال أكثر منه من النّظريّات. فالوجه الأوّل في الرّسالة هو في شهادة الحياة المسيحيّة الّتي لا غنى عنها. إنّ الرّبّ يسوع الّذي نتابع رسالته هو الشّاهد الأمين ونموذج الشّهادة المسيحيّة والرّوح القدس يرافق الكنيسة في مسيرتها ويشركها بالشّهادة الّتي يشهدها للرّبّ يسوع المسيح، ولقد أنعم الله علينا بالطّوباويّ أبونا يعقوب رسولاً للرّحمة وشاهدًا لمحبّة يسوع المصلوب وها هي السّماء تشدّنا اليوم إلى مكرّم جديد على طريق القداسة البطريرك الياس الحويك علامة لنا لنتشجّع أن نكون رسلاً وشهودًا في هذا الزّمن الرّديء، وسأل كيف يمكن لنا أن نكون رسلاً في عالمنا اليوم؟ إنّ عالمنا اليوم كثيرًا ما بات يعيش ويمارس الرّوح الوثنيّة، لذلك نحن مدعوّون إلى أن نجيب على دعوة الله لنا إلى القداسة كما دعا الرّسل ويجب ألّا نتجاهل هذه الدّعوة لذا يقول أحد القدّيسين التّجاهل أكبر خطيئة وهذا ما يتطلّب منّا اليوم الوعي واليقظة لكي نضحي رسلاً حقيقيّين. نحن مدعوّون إلى أن نكون مستعدّين للمجازفة في مواقفنا والتزامنا ومبادئنا وسمعتنا وشهرتنا وبمركزنا الاجتماعيّ وبسعادتنا الّتي تأتينا من الخارج لكي نستطيع أن نشهد للحقيقة وندافع عنها أمام جميع النّاس.
يقول الطّوباويّ أبونا يعقوب في الفصل الثّاني عشر من المخطوط الأوّل يدعو الله الخالق كلّ إنسان إلى حالة معيّنة نسمّيها دعوة فيميل الإنسان إليها بفرح وقوّة وكلّ ما كبر هذا الإنسان ازداد انجاذبه إلى تلك الدّعوة ويضيف هنا إنّ الدّعوة هي من الله فمن يقوم بمتطلّباتها يقوم بخدمة الله عينه ويتمّم واجبات رسالته على الأرض. ويستشهد أبونا يعقوب بقول بولس الرّسول في رسالته الأولى إلى كورنتس، فيسلك كلّ واحد في حياته بحسب ما قسم له الرّبّ عندما دعاه، أمّا شفاء الشّعب من كلّ مرض وعلّة شفاء النّفس والجسد فيأتي عن طريق نور الإيمان وفرح الإنجيل، وعن الأسرار المقدّسة الّتي تشكّل مصدرًا لشفاء النّفس والجسد، نحن مدعوّون اليوم إلى أن نفهم الحياة المسيحيّة حياة اعتدال واتّزان وهذين العاملين يقوداننا دومًا إلى طريق القداسة والكمال. ويستفيض قداسة البابا فرنسيس في الإرشاد الرّسوليّ" إفرحوا وإبتهجوا" الّذي أصدره السّنة الماضية في تعداد بعض خصائص القداسة بالنّسبة لنا نحن رسل وشهود الإيمان في عالمنا اليوم. ونذكر خمسة منها الصّبر بالرّغم من الإهانة، الفرح وحسّ الفكاهة فالمزاج السّيّء ليس من علامات القداسة، الجرأة والحماسة الرّسوليةّ، الالتزام بالجماعة المؤمنة، الصّلاة الدّائمة الّتي تتغذّى بكلمة الله وتقود إلى الإفخارستيّا لتعطى الأقداس للقدّيسين، فالشّفاء الجسديّ والنّفسيّ يتكلّل بالشّفاء الرّوحيّ. لقد كثرت الأمراض النّفسيّة في عالمنا اليوم لمّا لم يعد النّاس إلى فهم صحيح وممارسة حقيقيّة لسرّ التّوبة في كراسي الاعتراف.
يقول أبونا يعقوب إنّ الخطيئة هي مخالفة كلّ شريعة ملزمة في محكمة الضّمير وهذه المخالفة تكون فكرًا أو قولاً أو فعلاً أو إهمال ما يجب عمله. ويستشهد بسفر الحكمة إنّ الله يبغض المنافق ونفاقه على السّواء. فالخطيئة إهانة لله وكفر بجميل الله والكلام دومًا للأبونا يعقوب إنّها تكنّس خلايا النّفس من السّلام وراحة الضّمير ويعدّد أبونا يعقوب الأسباب الدّاعية إلى الهروب من الخطيئة.
إذا كان الرّبّ يسوع قد شفى الأجساد والنّفوس من كلّ مرض وعلّة، فلكي يبيّن لنا أنّه الطّبيب وشافي الأرواح من سلطان الخطيئة والشّرّ الّذي يخلّصنا من قبضة الشّرّير، وأنّ هذا السّلطان أعطاه للرّسل وحدهم ولخلفائهم ومعاونيهم من الكهنة وليس كلّ من يدّعي هذا السّلطان في أيّامنا مثل سيمون السّاحر والأنبياء الكذبة هنا وهناك. لذلك لا بدّ لنا من مسيرة روحيّة طويلة نقوم بها اليوم على ضوء تاريخ الكتاب المقدّس وتاريخنا الشّخصيّ وعلى ضوء كلّ ما تقدّم لكي نصل إلى ما وصل إليه القدّيسون".