لبنان
01 تشرين الثاني 2024, 08:40

العثور على بقايا الكنيسة الأقدم في البلد المسيحيّ الأوّل في العالم

تيلي لوميار/ نورسات
أعلنت مجموعة من العلماء مؤخّرًا عن اكتشاف بقايا كنيسة تعود إلى القرن الرابع في أرتاكساتا، أي العاصمة القديمة لمملكة أرمينيا، مع العِلم أنّ الأمر حصل صدفة عندما عيّن البابا فرنسيس بطريرك كيليكيا للأرمن رافائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان عضوًا جديدًا في مجمع الكنائس الشرقيّة، نقلًا عن المركز الكاثوليكيّ للإعلام.

 

بالنسبة إلى الخبراء، يمثّل المبنى أحد أقدم أماكن العبادة في العالم والأقدم في المنطقة التي حكمتها المملكة الأرمنيّة ذات يوم، وهذه الأخيرة هي المملكة الأولى في التاريخ التي تبنّت المسيحيّة دينًا رسميًا.

أمّا بقايا الكنيسة ذات الزوايا الثماني (أو المُثمَّنة)، فقد تمّ اكتشافها في أرتاكساتا، العاصمة القديمة لمملكة أرمينيا، من قبل فريق مشترك من علماء الآثار من جامعة مونستر (ألمانيا) والأكّاديميا الوطنيّة للعلوم في أرمينيا، وهم يعملون في الموقع منذ أيلول/سبتمبر. جاء في البيان الصحفيّ الصادر عن الجامعة الألمانيّة أنّ الاكتشاف "يضمّ بناءً مثمّن الشكل مع امتدادات صليبيّة يتوافق مع المباني التذكاريّة المسيحيّة المبكرة". كما عثر الباحثون على شظايا من الرخام تُظهر أنّها "مزخرفة ببذخ" بمواد مستورَدة قيّمة. وتابع البيان الصحفيّ: "في الامتدادات على شكل صليب، اكتشف الباحثون بقايا منصّات خشبيّة، يعود تاريخها إلى منتصف القرن الرابع ميلاديّ". من ناحيته، قال البروفسور أخيم ليشتنبرجر من جامعة مونستر إنّ هذا التأريخ مكّن الباحثين مِن تحديد كون الهيكل "الكنيسة الأقدم الموثّقة في البلاد – وهذا دليل مميّز للمسيحيّة المبكرة في أرمينيا". في السياق عينه، قال الباحثون إنّ مدينة أرتاكساتا المدمَّرة الآن، والواقعة في أعلى تلّةٍ جنوبيّ أرمينيا على طول الحدود مع تركيا، تأسّست سنة 176 قبل الميلاد، وأصبحت "مدينة بارزة"، خصوصًا إبّان الفترة الهلنستيّة، وفي النهاية ظلّت بمثابة "عاصمة لمملكة أرمينيا لحوالى ستّة قرون".  

التلّة نفسها التي تتميّز بإطلالات خلّابة على جبل أرارات عبر الحدود التركيّة مباشرة، هي موطن لخور فيراب، وهو دَير قديم لا يزال حيويًّا وهو أيضًا مكان للحجّ. أمّا جودي ماغنس، عالِمة الآثار الكلاسيكيّة والبيبليّة والمؤرّخة الدينيّة والأستاذة في جامعة Chapel Hill في نورث كارولينا (الولايات المتّحدة)، فقد أوضحت "أنّ اكتشاف هذه الكنيسة أمر منطقيّ لأنّ مملكة أرمينيا كانت الدولة الأولى التي تتبنّى المسيحيّة كدين رسميّ في أوائل القرن الرابع". في ذلك الوقت، "أسّس الأرمن وجودًا لهم في القدس، وحافظوا عليه حتّى اليوم". وصات مملكة أرمينيا، التي كانت آنذاك دولة تابعة للإمبراطوريّة الرومانيّة، مسيحيّة رسميًّا في عام 301 م، عندما، " جعل غريغوريوس المنوّر الملك الأرمنيّ تيريداتس الثالث يعتنق المسيحيّة في أرتاكساتا". حدث هذا كلّه قبل مجمع نيقية في عام 325 م، والذي قام بتدوين العقائد المسيحيّة وتبسيطها، حتّى قبل مرسوم ميلانو في عام 313 الذي حظر فيه الإمبراطور الرومانيّ قسطنطين اضطهاد المسيحيّين وأذِن بممارساتهم الدينيّة.