لبنان
29 حزيران 2023, 08:45

العبسيّ لخرّيجي مدرسة القدّيسة حنّة البطريركيّة: أنتم مدعوّون لتكونوا أدواتٍ للعمل على تحقيق السّلام ونشره

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ احتفال تخريج دفعة جديدة من طلّاب وطالبات مدرسة القدّيسة حنّة البطريركيّة في رياق بحضور المطران عصام درويش والنّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم ممثّلاً المطران ابراهيم مخايل ابراهيم وأمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، إضافة الى النّائبين سليم عون وجورج عقّيص ونقيب أطبّاء لبنان في بيروت البروفيسور يوسف بخاش وعدد من السّياسيّين والقضاة ومدراء عامّين وأمنيّين وأفراد الهيئتين التّعليميّة والاداريّة وأهالي الطّلّاب وأصدقاء ومهتمّين .

وقال العبسيّ في كلمة ألقاها للمناسبة :"أعزّائي الطّلّاب والطّالبات، أعضاء هيئة الإدارة والتّدريس المحترمين، أيّها الأهل الكرام والأصدقاء.

سلام الرّبّ معكم. يطيب لي ويسرّني أن أكون اليوم معكم، في هذه المناسبة المهمّة الجميلة، حفلِ تخرّج طلّاب وطالبات مدرسة القدّيسة حنّة البطريركيّة، في بلدة رياق الغالية على قلوبنا القابعة في بقاعنا الصّامد، في هذه المدرسة المميّزة، الّتي تحمل تراثًا غنيًّا عريقًا يجمع بين مبادئ التّعليم الكاثوليكيّ والثّقافة العربيّة، والّتي تستحقّ تكريمنا وتقديرنا العميق.

مدرسة القدّيسة حنّة، كما تعلمون، هي مدرسة تؤمن بالتّعليم الشّامل، الّذي لا يقتصر على اكتساب المعرفة فقط، بل يشمل الجانبين الرّوحيّ والاجتماعيّ أيضًا. فقد ركّزت هذه المدرسة على تنشئتكم تنشئة شموليّة، على مبدأ التّعليم الشّامل الّذي يهدف إلى تعزيز نموّكم العقليّ والرّوحيّ والاجتماعيّ، أيّ الإنسانيّ الكامل، لكي تكونوا جاهزين لدخول معترك الحياة الّتي أنتم مقبلون عليها.

من خلال المناهج الدّراسيّة الشّاملة والمتوازنة الّتي تمّ تطبيقها هنا، لم تحصلوا فقط على المعرفة والمهارات الأكاديميّة، بل أيضًا تعلّمتم القيم الرّوحيّة والأخلاقيّة الّتي تساعدكم على أن تكونوا قادةَ المستقبل مؤثّرين في المجتمع. إنّ هذا التّركيز على التّعليم الشّامل يمثّل رؤية المدارس البطريركيّة في تنمية الجوانب المختلفة لشخصيّتكم، بحيث تصبحون أشخاصًا متوازنين ومتعلّمين وعناصر فعّالة في حياة المجتمع وفي بناء الوطن.

إلى جانب اكتساب المعرفة العلميّة، تعلّمتم أيضًا، من خلال التّفاعل فيما بينكم من مختلف الأديان والثّقافات، قيمَ التّسامح والاحترام المتبادل وتقبّل الغير المختلف وبناء الشّراكة والمواطنة. إنّ هذه التّجربة الثّقافيّة المتنوّعة ستصبح أساسًا قويًّا لتعايشكم الأخويّ في المجتمع، وستمكّنكم من التّعاون والتّفاهم مع الآخرين بفضل فهمكم العميق لقيمهم وثقافاتهم المختلفة من ناحية وستمكّنكم من ناحية أخرى من بناء وطن يتّسع للجميع ويجد الجميع فيه مجالًا لتحقيق أحلامهم في حياة سعيدة كريمة هنيّة سلاميّة، بعيدة عن التّقوقع والتّعصّب ونفخ الأنا.

في هذه الفترة الانتقاليّة، وأنتم تستعدّون لمغادرة مقاعد المدرسة الّتي غذّتكم فكريًّا وروحيًّا، أودّ أن نذكّركم أنّ تعليمكم ليس هدفًا بحدّ ذاته، بقدر ما هو وسيلة لتحقيق تطلّعات الله تعالى لكلّ واحد منكم في حياته. فأنتم مدعوّون لتكونوا شعاع نور في العالم، وأدواتٍ للعمل على تحقيق السّلام وعلى نشره في عالم يفتقد القيم بشدّة بل كاد يفقدها. مسؤوليّتكم كبيرة، بما نهلتم من قيم في هذه المدرسة، لاسيّما في السّعي إلى تعزيز المصالحة والتّفاهم المتبادل والتّناغم في مجتمعنا ووطننا، من خلال قبول الآخر المختلف عنّي، كما أسلفنا، بتعزيز احترام كلّ فرد بصفته أخًا لي في البشريّة.

في بلدنا الحبيب لبنان نواجه تحدّيات جمّة طبعت سنواتكم الأخيرة بشكل خاصّ بالخوف من المستقبل وعلى المستقبل. لكن ثقوا بأنّكم، بفضل المعارف والمهارت الّتي اكتسبتموها وإيمانكم الثّابت بالله، سوف تستطيعون أن تخطوا إلى المستقبل وتشاركوا في صناعته ليكون جميلًا بهيًّا يلبّي طموحاتكم وأحلامكم.

أودّ أن أعبّر عن امتناني العميق لجميع الأسر والمعلّمين الّذين أسهموا في نجاح هذه المدرسة المتميّزة وفي تحقيق تلك الرّؤية الشّاملة للتّعليم. إنّ ترسيخ القيم الرّوحيّة والاجتماعيّة في نفوسكم يسهم بقدر كبير في بناء مجتمعٍ أكثر تلاحمًا وتفاعلًا. نحن فخورون بكم وفخورون بما حقّقتموه وواثقون كلّ الثّقة بقدرتكم على تحقيق التّغيير الإيجابيّ الّذي نسعى إلى صنعه.

إنّ البطريركيّة قد صمّمت على نجاح رسالة مدرسة القدّيسة حنّة وقد سعت بكلّ طاقاتها من أجل تطويرها وإعادة رونقها لتكون مساحة توفّر التّعليم لطلّاب المنطقة لتكون أيضًا شعاع نور يحمل الأمل لكلّ أبناء المنطقة. المدرسة تسعى من خلال كلّ نشاطاتها والأعمال الإنسانيّة الّتي تقوم بها إدارتها للوقوف إلى جانب أبناء المنطقة الّذين يعانون الكثير من الظّروف الاجتماعيّة والسّياسيّة والماليّة القاسية الّتي يمرّون بها. مدرسة القدّيسة حنّة باقية ومستمرّة في عملها ورسالتها التّربويّة والإنسانيّة في خدمة أبناء البقاع الأحبّاء الغالين على قلبنا.

الشّكر الجزيل للأهل الكرام على محبّتهم وتعلّقهم بمدرسة القدّيسة حنّة وعلى التّعاون معها لتنشئة أولادهم وأولادنا معًا. البيت والمدرسة ركنان لا ينفصلان في التّربية والأخلاق. الواحد لا ينجح من دون الآخر. بارككم الله وأجزل عليكم بكلّ خير. الشّكر الجزيل أيضًا للمعلّمين والمعلّمات مع الموظّفين والعاملين الّذين يتمسّكون بالمدرسة تمسّكهم ببيوتهم والّذين يبذلون الغالي والرّخيص في سبيل استمرار المدرسة ونجاحها وتفوّقها والّذين ما تركوها في أحلك الأيّام وأصعب الأوقات والظّروف. لن ننسى أفضالكم. والشّكر الخاصّ لحضرة الأب المحبوب المحترم إيلياس مدير المدرسة الّذي كرّس ذاته بكلّيّتها حتّى على حساب بيته وعائلته من أجل أن تستمرّ المدرسة وتزدهر وتتطوّر ساهرًا ليلَ نهارَ في مختلف الظّروف على أدقّ الأشياء بمحبّة وتفان وسخاء وفرح ورجاء. أبونا الياس بارك الله عليك وعلى العائلة وعوّضك أضعافًا.

أعود فأتمنّى لجميع الخرّيجين والخرّيجات النّجاح المستقبليّ وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم. لا تنسوا أبدًا أن تظلّوا ملتزمين بالقيم والمبادئ الّتي تعلّمتموها هنا في مدرسة القدّيسة حنّة. نتطلّع إلى رؤية إسهاماتكم الإيجابيّة في مجتمعنا ووطننا.

شكرًا لكم جميعًا، ومبروك مرّة أخرى على هذا الإنجاز العظيم. وفّقكم الله وبارككم في رحلتكم إلى المستقبل."