لبنان
16 آذار 2023, 07:30

العبسيّ ترأّس الصّلاة الجنائزيّة لرئيس عامّ الرّهبانيّة الباسيليّة الحلبيّة الأرشمندريت الياس خضري

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ الصّلاة الجنائزيّة عن نفس رئيس عامّ الرّهبنة الباسيليّة الحلبيّة الأرشمندريت الياس جوزف خضري في كنيسة دير المخلّص- صربا، عاونه لفيف من مطارنة الطّائفة ورؤساء رهبانيّاتها وكهنتها، بحضور السّفير البابويّ في لبنان المطران باولو بورجيا، والمطران أنطوان عوكر ممثّلاً البطريرك بشارة الرّاعي، والمطران شارل مراد ممثّلاً البطريرك إغناطيوس الثّالث يونان، والمطران جورج أسادوريان ممثّلاً البطريرك ميناسيان، والعقيد عبد الهادي مشموشي ممثّلاً قائد الجيش العماد جوزف عون، وشخصيّات سياسيّة ودبلوماسيّة وأمنيّة وأهل وأصدقاء الفقيد .

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى العبسيّ كلمة أبّن فيها الرّاحل وقال :"نودّع اليوم بأسًى وألم ابنًا محبوبًا، أخًا وصديقًا، قدسَ الأرشمندريت إلياس خضري، الرّئيسَ العامّ للرّهبانيّة الباسيليّة الحلبيّة المباركة، الّذي ناداه الله تعالى إليه صباحَ ما قبلِ البارحة، بعد سنين طويلة مضنية تحمّل فيها، بصبر ورضًى وسكينة واستسلام لمشيئة الله، أوجاعًا جسديّة وقلقًا فكريًّا من مرض عضال لم يرحم ولم ينثنِ.

في هذه الصّلاة الجنائزيّة الخاشعة الّتي تجمعنا من حوله، لنلقي عليه النّظرة الأخيرة ونرافقَه بأدعيتنا وابتهالاتنا، في عودته إلى الآب السّماويّ، تستعيد الكنيسة حياته، حياة أبنائها من الكهنة والرّهبان، حياة كلّ واحد منّا، مبتدئة باستذكار الضّعف البشريّ الّذي نتلبّس به وخسارتِنا بسبب هذا الضّعف للصّورة الإلهيّة الّتي خُلقنا عليها، طالبة إليه تعالى أن يتغاضى عن هذا الضّعف وأن يرحمنا ويريحنا لأنّه ليس من إنسان يحيا ولا يخطأ ما خلا ربّنا يسوعَ المسيح. ومع الكنيسة نصلّي نحن أيضًا أكثر وأكثر إذ ليس من السّهل أن يكون المرء، لاسيّما في هذه الأيّام، راهبًا مكرّسًا لله منقطعًا لعيش الإنجيل وللشّهادة على الملكوت بالنّذور الّتي ينذر بها ذاته. إنّها رحلة مع الرّبّ يسوع فيها الكثير من الشّدائد والتّحدّيات.

لكنّ الكنيسة تذكّر الله أيضًا وبدالّة كبيرة بالأشياء الجميلة الّتي نصنعها في حياتنا، واليومَ بتلك الّتي صنعها فقيدنا الغالي أبونا إلياس، قارئة عليه تطويبات السّيّد المسيح الّتي استحقّها في حياته وطالبة إليه تعالى أن يعيد إليه حقوقه، حقوق أهل الفردوس، وأن يقبله ويريحه مع الأبرار في ملكوت السّماوات.

تذكّر الكنيسة الله أوّل ما تذكّر بأنّ هذا الّذي رقد، أخانا إلياس، قد أحبّه إذ قد كرّس له ذاته. تكرّسنا الرّهبانيّ هو بحدّ ذاته وفي جوهره فعل محبّة كبير نحبّ به الرّبّ يسوع، "مجنّحين بالهُيام الإلهيّ"، كما تقول صلاة الجنّاز. هذه المحبّة لا يَضيرها ولا يُزيلها أن تكون ضعفت في بعض الأحيان والظّروف ما دامت مستمرّة. ولدنا الأرشمندريت كان محبًّا للمسيح، أعطاه ذاته عطاء كلّيًّا نهائيًّا، ممتدًّا إلى الأمام، غيرَ ناظر إلى الوراء، ساعيًا إلى الامتلاء من السيّد المسيح ليصير فيه كلًّا في الكلّ.

وتذكّر الكنيسة الله أيضًا في هذه الصلاة بأنّ هذا الّذي نقله إليه كان صديقًا للّذين يتّقونه ويحفظون وصاياه، يأسف لمن ترك شريعة الرّبّ، يشتاق إلى الرّغبة في أحكامه الّتي لم يحِد عنها إذ قد أمال قلبه ليقضي رسومه لأنّ ثوابها إلى الأبد، فترك العالم وعاش بإيمان ورجاء ومحبّة، بسيرة نقيّة وتقوى، بغيرة وعبادة مستقيمة، بتجرّد واتّضاع، في الزّهد والمعتقد القويم.

باسم الآباء الأجلّاء أعضاء سينودس كنيستنا الملكيّة، باسم الرّهبان والرّاهبات الأفاضل أعضاء رهبانيّاتنا، باسم إكليروس كنيستنا، باسم المؤمنين الحاضرين والغائبين، وباسمي الشّخصيّ، أقدّم التّعزية الخالصة الحارّة إلى أبنائنا في الرّهبانيّة الباسيليّة الحلبيّة الغالية، أساقفةً وكهنة وإخوة، وإلى بناتنا الرّاهبات الباسيليّات الحلبيّات، وإلى سيادة الأخ المتروبوليت جورج بقعوني راعي أبرشيّة بيروت، طالبًا إلى "أبي المراحم وإلهِ كلّ تعزية الّذي يعزّينا في كلّ ضيقة لنا" (2كور 1: 3-4)، والّذي "آتانا بنعمته تعزية أبديّة ورجاء صالحًا" (2تسا 2: 16)، أن يبلسم قلوبنا بالرّجاء السّاكن فينا وأن يزيدنا قوّة وثباتًا ونموًّا وقداسة، وأن يتقبّل فقيدنا الغالي أبانا العامّ الأرشمندريت إلياس في نور القيامة الّذي لا يغرب، في الملكوت الّذي وعد به أصفياءه ومختاريه، وأن يجعل ذكره مؤبّدًا. آمين".