لبنان
04 تشرين الثاني 2018, 12:00

العبسيّ: الكنيسة هي أمّ يعنيها أمر أولادها جميعًا

رعى بطريرك أنطاكيّة وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليّك يوسف العبسي احتفال تكريم المتفوّقين في المدارس الكاثوليكيّة في الإمتحانات الرّسميّة عن سنتي 2017 و 2018 في مقرّ الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة - عين نجم، في حضور الأمين العامّ للمدارس الكاثوليكيّة الأب بطرس عازار وعدد من الآباء والرّاهبات ورؤساء ورئيسات المدارس إضافةً إلى أهالي الطّلاب المحتفل بهم وأساتذتهم وعدد من الأصدقاء والمهتمين.

 


وبحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام"، ألقى العبسيّ كلمة قال فيها: "كم يسعدني أن نلتقي جميعًا في هذا الصّرح الشّامخ، مقرّ الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان، لنتشارك فرحًا حقيقيًّا أصيّاً برؤيتنا كوكبة لامعة من متعلّمينا ومتعلّماتنا حائزيّ المراتب الأولى في الإمتحانات الرّسميّة بشقّيها الأكاديميّ العامّ والمهنيّ-التّقنيّ، للسّنتيّن 2017 و 2018 ، تقتحم عالم التّخصص الجامعيّ والمهنيّ من الباب الملوكيّ، باب التّفوّق والتّميّز.

أيّها الطّلاب الأحبّاء، تميّزكم هو ثمرة حسن استغلالكم الوزنات الّتي أودعتكم إياها محبّة الله حين دعتكم إلى الوجود وهيّأت لكم سبل النّمو في الحكمة والقامة والنّعمة، من خلال حضن عائليّ محبّ، ومواكبة أكاديميّة وتربويّة وإنسانيّة وروحيّة رافقتكم فيها الأسر التّربويّة لمدارسنا الكاثوليكيّة بهيئاتها الإداريّة والتّعليميّة من مدراء ومسؤولين تربويّين ومعلّمين ونظّار وسائر المعاونين. أن تكونوا قبلة الأنظار في احتفالنا اليوم، وعددكم يكاد يناهز المئة من بين حوالي الأربعين ألف متعلّم تقدّموا للامتحانات الرّسميّة على إسم مدارسنا الكاثوليكيّة في سنتين، لهو بدون أيّ شكّ مدعاة للافتخار والاعتزاز لأنّه حصاد الزّرع الّذي تكاتف على غرسه ورعايته ومتابعته أهلكم ومعلّموكم وإداراتكم بإنسجام الرّؤى وتكامل الأدوار وتنوّعها، لكن ما هو حقيقة أيضًا أنّ تفوقكم في عمقه هو بالدّرجة الأولى تفوّقكم على ذواتكم. إنّ حيازتكم المعدّلات العليا من العلامات في الاختبارات الرّسميّة، على كونه إنجازًا مرموقًا لا لبس فيه، هو مع ذلك أسير محدوديّة نظام القياس والتّقويم الّذي يجري عليه كثير من الأنظمة التّربويّة في العالم الّتي لا تعنى إلّا بقياس الجانب المعرفيّ على حساب المواقف والمهارات الحياتيّة والعمليّة والميول والاستعدادات النّفسيّة والعلائقيّة والقيميّة والوطنيّة والمواطنيّة والرّوحيّة. وفي هذا السّياق يحضرني إسهام الباحث السّويسريّ المعروف فيليب بيرونو المتخصّص في علم اجتماع التّربية، حيث يقيم تميّيزًا بين المنهج الرّسميّ أو الشّكليّ والمنهج الفعليّ والمنهج الخفيّ.


الكنيسة هي أمّ يعنيها أمرّ أولادها جميعًا، المتعلّمين والأهالي والمعلمين والإدارات. فالمعلّمون محقّون في مطالبهم، والأهالي ليس في مقدورهم تحمّل الأعباء الماليّة الّتي تفرضها الزّيادات الباهظة على الأقساط المدرسيّة في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة، والإدارات تقف حائرة بين الطّرفين. ومن حيث إنّه ليس في مصلحة أحد أن تستمر الأزمة إمعانًا في ضرب وحدة الجسم التّربويّ لأنّ الهيكل إنّ سقط، لا سمح الله، فهو سيسقط على رؤوس الجميع، فلا بدّ والحال هذه من إحداث اختراق ما في السّتاتيكو الرّاهن أساسه الإحساس المشترك بوحدة المصير والمآل، والسّعي الحثيث لإيجاد التّسويات المقبولة على قاعدة العدالة والتّوازن في ظلّ الممكن، إنقاذًا للوضع برمّته، مع التّشديد على دور الدّولة بوصفها الرّاعيّة الأوّلى لمواطنيها ومن واجبها تأمين مقتضيّات الصّالح العامّ والتّعليم كخدمة عامّة بإمتياز من اللّزوم إدراجه ضمن أولويّات الهمّ الحكوميّ.

إنّنا إذ نعلن تضامننا مع كلّ المبادرات الّتي ترعاها الكنيسة سواء كتلك التي حصلت في لقاءيّ بكركي الأوّل والثّاني ومع سائر مقررات اللّجنة الأسقفيّة للمدارس والأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان، لسنا نعفي أنفسنا نحن المسؤولين الكنسيّين من موجب إجراء نقد ذاتيّ لواقع مؤسّساتنا الكنسيّة ومدى ملاءمتها لمقتضيات رسالتها وخدمتها، سواء على المستوى المؤسّسيّ أم على مستوى الشّهادة الشّخصيّة للمسؤولين الكنسيّين والتّربويّين."