لبنان
08 حزيران 2019, 09:50

الصّوري: إذا الإنسان لا يعرف إيمانُهُ لا يقدر أن ينقُلَهُ ولا يقدر أن يعيشُهُ

إجتمعت أسر السّيّدات من جميع رعايا أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس، الأمس، مع المتروبوليت أنطونيوس الصّوري، في لقاء تحت عنوان "دور المرأة في الكنيسة" وتحت شعار "إمرأة فاضلة من يجدها، ثمنها يفوق اللّآلىء" (أم ٣١ : ١٠).

وبحسب أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس، ألقى الصّوري كلمة جاء فيها:
"قُدس الآباء الأجلّاء الأحبّاء، السَّيِّدة ندى قرطاس المسؤولة عن أسرة السّيّدات في المركز الرّعائيّ الأرثوذكسيّ، أعضاء الجمعيّات في هذه الأبرشيّة جميعًا رئيسات وأعضاء، جميع الحاضِرين معنا، لن أقول لكم إلّا ما يُعطيني إيّاه ربّنا، ولن أطلب منكم شيئًا إلّا ما يطلبه ربّنا، لذلك ما سأتكلّم به الآن هو ليس منّي، هو من المُعلّم رسالة لكم.
بركة كبيرة اليوم هذا اللّقاء، بركةً كبيرةً وفرْحَةً كبيرةً أن نَرى هذه الوجوه الطّيّبة، أن نُصلّي سويّة ونتشارَك أيضًا غذاء الكلمة مع بعضنا البعض.
الحياة الرّوحيّة في الكنيسة تُشَّبَّه بشخصَيْن-إمرأتَيْن تعلمون مَنْ هم، اسمهما مَرثا ومريم، مَرثا في الحياة الرّوحيّة نُسمّيها "براكسيس" أيّ العمل، ومريم نُسمّيها "تيورا" أي التّأمّل، الحياة الرّوحيّة مبنيّة على هذين الأمْرَيْن: العمل والتّأمُّل، مريم ومرثا هما أختَيْ لَعازَر، الّذي أقامَهُ الرَّبّ من بين الأموات والّذي كان الرَّبّ صديقًا معهُ، كان هناك صداقة كان يُحِبُّه...
مثلما عدّدَتْ السّيّدات وعدّدَتْ ندى، في تاريخ البشريّة وفي التّاريخ الكتابيّ، كان للمرأة منذ البَدء دورٌ جوهريٌّ، نحنُ في الكنيسة نؤمن أنّه في المسيحِ يسوع لا يوجد لا ذكر ولا أنثى، أيّ الكُلّ واحدٌ في المَسيح بِمَعنى أنّ الكُلّ مَطلوبٌ منهُ الأمر نفسه (نفس الشّي)، مثلما الجهاد الرّوحيّ مطلوب من الرّجل هو مطلوب من المرّأة، لا بل الآباء والقدّيس غريغوريوس النّيصصيّ بشكلٍ خاصّ يقول: "أنّ المرّأة تُعطي (بيطلع منا) جهد وعمل أكثر من الرّجل عندما تُريد وتَثبُتْ".
الكنيسة هي أُمّ، وكلّ اِمرأة وكلّ فتاة هي أُمّ، لأنّ هذه هي الرِّسالة الجَوهريّة الّتي خلق الرَّبُّ الإله المرّأة لأجلها، كما قالت الأخت ندى، أنّ القدّيس نيكولا كاباسيلاس يقول: "الرَّبّ خلق الكَوْن وخلق البشريّة حتّى يُصبح لَدَيه أُمّ"، مِنْ هنا نرى مَوْقِع المرّأة في الكنيسة، المرّأة هي شخصٌ عامِلٌ وفاعِلٌ، "أوليمبيا" الّتي تكلّمت عنها ندى كانت شَمّاسة، اسمها "الشّمّاسة أوليمبيا"، ما معنى "شَمّاسة"؟ أيّ خادمة كلمة "شمّاس" تعني الخادم، تخدمُ من؟ تخدم الرَّبّ يسوع في الإنسان. أوّل خدمة عند المؤمن هي أن يخدم البشارة، ولكن كيف يخدم الإنسان البشارة؟ أوّلًا يجب أن يكون على معرفة بها، يجب أن يكون قد تبنّاها حَياةً وفعلًا وقَوْلًا، ويجب عليه أن يُترجمها في حياته، يقول الرَّبّ يسوع: "مَن يعمل ويُعَلّم، هذا يُدعى عظيمًا في ملكوت السَّماوات" (متّى ٥: ١٩).
كلّ اِمرأة فيكنّ هنا وكلّ فتاةٍ هي قادرة أن يكون لديها منزلها وعائلتها، أو عملها وعائلتها، ويكون عندها الوقت لخدمة الرَّبّ، يكون عندها الوقت لكي تَسعى أن تَعرف الرَّبّ، يكون عندها الوقت لكي تُبَشِّر بالرَّبّ، إذا تصوَّرنا مثلًا بسيطًا: النّساء اللَّواتي لا يعملن وكلّ يوم يزوروا بعضهنّ البعض، إذا في اليوم الواحد نَقَلن كلمة روحيّة واحدة للنّاس، أليستْ هذه بشارة؟ إذا دعيْن النّاس الّذين يقومون بزيارتهم للمجيء إلى الكنيسة، أليستْ هذه بشارة؟ إذا علّمن هؤلاء النّاس صلاة صغيرة، أليستْ هذه بشارة؟ إذا أعطتهنَّ نصيحة لحياتهم من الكتاب المُقدَّس ومن آباء الكنيسة، أليستْ هذه بشارة؟ إذًا مجال البشارة والخدمة واسع ومَفتوح، من هيك (لذلك) اليوم الجمعيّات القائمَة والرَّعايا الّتي ليست لديها جمعيّات أو الرّعايا الّتي لديها فرق أو الّتي ليست لديها فرق، (حلو) من الجيّد أن نبدأ بتأسيس فرق للسّيّدات (مع) إلى جانب الجمعيّات، ويكون هدفها أن تَدرُس الكلمة الإلهيّة، أن تَعرِف، الفرد (الواحد) يجب أن يعرف لكي يَنقُل، إذا الإنسان لا يعرف إيمانُهُ لا يقدر أن ينقُلَهُ ولا يقدر أن يعيشُهُ.
اليوم المرأة وكلّ واحدة منكنّ لديها رسالة كبيرة، لأنّ العالم يَمشي باتّجاهٍ والّذي يريد أن يتبع المسيح عليه أن يمشي باتّجاهٍ آخر، العالم اليوم مُتّجه نحو الفَساد الأخلاقيّ وفي كلّ النَّواحي، وأنتنّ دوركنَّ أن تعُدنَ وتَجذُبنَ (ترجعوا تشدّوا) هذا المجتمع وهذه البيئة الكنسيّة إلى الأخلاق الّتي من الإنجيل إلى أخلاق المسيح، إلى فكرِ المسيح، لذلك أنتنّ جميعًا موجودات معنا اليوم، وأكرّر هذه فرحة كبيرة، واليوم أيضًا نحمّلكُنَّ هذه المسؤوليّة بشكلٍ أكثر مباشر وأكثر وضوح أنّه أنتنَّ اليوم مسؤولين أن تجعلوا في رعاياكم، ببركة الكاهن، بالتَّعاون مع مجلس الرَّعيّة، منْ خلال المركز الرِّعائيّ أو الجمعيّات، من خلال الفرق أن تُنشؤها لِتُدركوا كلمة الله حتّى تُتَرجموها بِزِيارات للمُتألّمين، للّذين بحاجةٍ لتعزية، للمتروكين، للّذين بحاجةٍ لدعم من أيّ نَوْعٍ كان، لكي هذا الإيمان في داخلنا الإيمان دائمًا هو فاعلٌ في المحبّة، فأنتُنّ اليوم هذا الإيمان الفاعل في المحبّة فيكنَّ، نطلب منكنّ أن تُطلقوه أكثَر فأكثَر وأن لا تَحِدُّوا نفسكم، العمل في الكنيسة غير مَحْدود، وربّنا غير مَحدود، والمحبّة غير محدودة، كلّ الأبواب مفتوحة للخدمة عندما يكون هناك (أو توجد) جدّيّة، عندما يكون هناك رصانة، عندما يكون هناك رؤية، عندما يكون هناك تصميم وثَبات.
إذا تعاونّا كلّنا، تعلمون – لم تتكلّم عنهنّ ندى ولا السّيّدات- لدينا في الكنيسة نساء نُسمّيهنّ مُعادلات الرُّسُل، تقلا، مريم المَجدليّة، النّسوَة حامِلات الطّيب أوّل مَنْ رأين الرَّبّ القائم من بين الأموات، القدّيسة نينا الّتي بشّرَتْ ولاية جورجيا، هيلانَة أمّ الملك قسطنطين، أولغا جدّة فلاديمير الّذي جعل كلّ بلاد الرّوس مسيحيّة وغيرهُنَّ. هناك نساء نسمّيهنّ مُعادلات الرُّسُل، لماذا مُعادِلات؟ لأنّ الرُّسُل هم الإثنا عشر أو السّبعين، فالّذين قاموا بدور مثل الرُّسُل في زمن الرُّسُل أو بعده نسميّهم مُعادلي الرُّسُل، فأيضًا المرأة لديها الدّور الرّسوليّ بهذا المعنى، (من هيك) لذلك اليوم نسلّمكنَّ هذه الأمانة من جديد، هي معكُنَّ لكن نسلّمكنَّ إيّاها من جديد، نُدخلكُنَّ من جديد لكي نتعاون كلّنا سويّة.
أنا مع ما قيل من قِبَل اللّجنة المُصغَّرَة الّتي اجتمعَتْ أوّل مرّة وحضّرَتْ هذا اللّقاء، إن شاء الله تصبح أوسع (تتوسّع)، يصبح لدينا مِنْ كلّ رعيّة مندوبة، لكي نضع برنامج ونكثّف هذه اللّقاءات قدر الإمكان، ونتعاون بعمل على صعيد كلّ رعيّة لديها عمل نتعاون سويّةً، وعلى صعيد الأبرشيّة أيضًا يكون لدينا عمل، لكي نطال ليس فقط المرّأة الأرثوذكسيّة ولكن كلّ مرأة في هذا المجتمع، لأنّنا نحن لدينا أيضًا دور في المجتمع الموجودين فيه، نريد أيضًا أن تُدرك المرّأة طينتها، تُدرك مكانَتَها عند الله، لكي هي أيضًا تبني هذا المجتمع، فالرّسالة هي رسالة كبرى والرَّبّ هو مُبارِك لهذا العمل، والموضوع يتعلّق بِكُنَّ، بجدّيّتكُنَّ، بالتزامكُنَّ، بمدى رغبتكُنَّ بهذا الشّيء، ها اليوم قد فتحنا الأبواب وكلّ شخص (واحدة) فيكنَّ الإمكانيّة مفتوحة أمامهُ للعمل.
الله يُبارك فيكُنَّ ويزيدكُنَّ، ويكون دائمًا أساس عملنا الاجتماع حول كلمة الله والاجتماع حول جسد ودمّ الرَّبّ، ومن هناك ننطلق إلى الحياة كلّها، إلى البشارة، إلى الخدمة، إلى العمل، إلى الصّلاة، إلى كلّ ما يُمجِّد اسم الله... الله يبارك فيكم وإن شاء الله دائمًا يكون الرَّبّ مُمجّدًا في وجوهكم، في عائلاتكم، في أعمالكم، وفي حياتكم... أهلًا وسهلًا بكم، بداية مباركة".